لبنان
18 تموز 2023, 14:00

جماعة دير مار ضومط للرّهبان الكرمليّين احتفلت بعيد سيّدة جبل الكرمل

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفلت جماعة دير مار ضومط للرّهبان الكرمليّين في القبيّات، يوم الأحد ١٦ تمّوز/ يوليو ٢٠٢٣، بعيد الطّوباويَّة مريم العذراء والدة الإله، سيِّدة جبل الكرمَل، بالقدَّاس الإلهيّ الذي ترأّسه رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، بحضور النّائب الأسقفيّ الخاصّ على منطقة عكّار المونسينيور الياس جرجس، الرّئيس الإقليميّ السّابق للآباء الكرمليّين ورئيس مار ضومط القبيّات حاليًّا الأب ريمون عبدو، كهنة كرمليّين ومن الرّعايا المجاورة وعدد كبير من المؤمنين بحسب ما أورد إعلام أبرشيّة طرابلس المارونيّة.

إستهلّ سويف العظة بشكر الرّبّ على خدمة الأب ريمون عبدو كرئيس إقليميّ للآباء الكرمليّين وبالفرح بعودته على الأبرشيّة بشكل أكبر بوجوده رئيسًا لدير الآباء الكرمليّين في القبيّات، وعلى دعوته للاحتفال بعيد سيّدة الكرمل في هذا الدّير العريق بتاريخ الأبرشية وبخاصّة بتاريخ بلدة القبيّات العزيزة، مذكّرًا "بأنّنا كنيسة نعيش سويًّا مسيرة واحدة كأسقف وكرهبان وكهنة وعائلات وشعب، فكلّنا نكوّن شعب الله، الكنيسةوقد ولدنا ونعيش ونكمل ككنيسة، والتي ولدت من جنب يسوع الذي سال منه دم وماء، ومريم، سيّدة الكرمل وسيّدة لبنان ترافقنا لنكون كنيسة متجدّدة دومًا بقيامة إبنها يسوع.

وتوقف عند أربع نقاط في عظته التي عنونها "خلوة الكرمل" "لأنّنا على جبل الكرمل نعيش اختبار الزّهد والنّسك. والرّهبنة التي استوحت من حياة إيليا النبي حياة الصّلاة والنّسك والابتعاد عن العالم والتّكرّس بالقلب والفكر والكيان للرّبّ. فالحياة المسيحيّة هي عيش روحانيّة هذه الخلوة الكرمليّة، وهي الدّخول إلى القلب والعودة إلى الذّات، فالرّبّ يسوع دعانا "ادخل إلى مخدعك وناد أباك الذي في الخفاء وهو يجازيك". إذًا فوجودنا في هذا العالم يقتضي أن نعيش هذا اللّقاء الشّخصيّ في هذه الخلوة والتي هي ليست هروب من العالم، بل على العكس الإنسان الذي يحمل همّ هذا العالم يقتضي منه الابتعاد أحيانًا ليعود إلى العالم ويعطيه المعنى والحقّ والحبّ والسّلام، يعطيه يسوع المسيح، لأنّنا لا نستطيع أن نعطي يسوع إلى العالم إلّا إذا التقينا به شخصيًّا في هذه الخلوة، في الصّمت، في هذه الأوقات التي نعيشها في حياتنا وترتكز على يسوع من خلال كلامه. ولا ثمار بدون اللّقاء مع يسوع كلمة الله.

في هذا العيد فلنطلب من الرّبّ ليجدد انتماءنا إلى كلمتهوتحت أنظار مريم التي أعطت الكلمة وحملتها للعالم، هذه الكلمة التي ارتفع على الصّليب وافتدانا بدمه وأحيانًا بموته وقيامته. فلنتصالح مع كلمة الله، فنحن بحاجة لنعود ونتعرّف على كلمة الله بمعنى أن نقرأها يوميًّا ونوطد علاقتنا بها، لأنّنا بدونها نموت.

خلوة الكرمل هي لأجل العالم، فالعالم ليس فقط بشاعة ولكن هناك التّطوّر والعلم والإيجابيّ. ولكن علينا الوعي لكي لا يأخذنا العالم بعيدًا عن تراثنا وكنيستنا وإيماننا وسلسلة طويلة من الشّهداء والقدّيسين المرفوعين على المذابح أو لم يرفعوا. فعلينا السّهر "إسهروا وصلّوا"... فالعائلة لا تستطيع ألّا تسهر، ونحن كمسؤولين تربويّين وروحيّين علينا الوعي على ما يحدث حولنا لنحمي شعبنا، بقوّة الرّبّ والرّوح القدس وتحت أنظار مريم أمّ العائلة وأمّ الكنيسة، من الانجرار بعيدًا. بل لنعيد العالم إلى اللّقاء بيسوع المسيح.

خلوة الكرمل هي أن نخلع ثوب الوثنيّة ونتوشّح بثوب الإله الحيّ. فالوثنيّة لم تتوقّف وهي موجودة في قلب مجتمعاتنا وبأشكال جديدة نرى الفكر الوثنيّ، والذّهنية الوثنيّة، والتّصرّفات الوثنيّة التي تدخل إلى عقولنا وفكرنا وتصرّفاتنا، فكلّ واحد منّا مدعوّ إلى فحص ضمير لاكتشاف أين يختبئ ثوب الوثنيّة في حياته، فيمزّقه ويعاد التّجدد بثوب المسيح الذي لبسناه في المعموديّة "أنتم الذين أعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح" كما يعلن بولس الرّسول. هو الثّوب الذي أدخلنا إلى الحياة الأبديّة والحياة الجديدة هو ثوب عرس السّماء الدّائم على الأرض.

وأخيرًا خلوة الكرمل هدفها الإنسان وكلّ إنسان، الفقير والضّعيف والمجروح والمتألّم والمطعون بكرامته الإنسانيّة. فلا يمكن أن نتوشّح بثوب آدم الجديد وأمّه مريم الطّاهرة والفائقة القداسة إلّا وأنا في لقاء مع أخي الإنسان.

فلنشكر الرّبّ على العذراء مريم. العطيّة الكبرى في تاريخ البشريّة، والتي في هذه اللّيلة نكرّس لها بيوتنا وذواتنا، عيالنا ورهباننا وراهباتنا وكهنتنا وكلّ شعب الله، لأنّها تسير معنا لتوصلنا إلى ابنها يسوع ملك الملوك الحيّ القائم له المجد إلى الأبد."

بعد القدَّاس سار الجميع بتطواف في شوارع البلدة مع تكريسها للعذراء مريم سيّدة جبل الكرمَل.