الفاتيكان
11 كانون الثاني 2024, 07:30

ثلاثة مواقف ضروريّة للالتزام بالحوار، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
"الشّجاعة لكسر القوالب، والاهتمام بالضّعفاء، وتعزيز الشّرعيّة": ثلاثة مواقف أوصى بها البابا فرنسيس أعضاء جمعية DIALOP الّتي تلتزم منذ سنوات عديدة بتعزيز الخير العامّ من خلال الحوار بين الاشتراكيّين/ الماركسيّين والمسيحيّين، في كلمة توجّه بها إليهم خلال استقبالهم أمس الأربعاء في الفاتيكان.

وفي هذه الكلمة قال البابا تفصيلاً بحسب "فاتيكان نيوز": "قال كاتب من أميركا اللّاتينيّة: إنّ للبشر عينان، واحدة من لحم والأخرى من زجاج. بالأولى يرون ما ينظرون إليه، وبالثّانية ما يحلمون به. واليوم، في عالم قسّمته الحروب والاستقطاب، نواجه خطر فقدان القدرة على أن نحلم. ولكنّنا نحن الأرجنتينيّين نقول: "no te arrugues"، أيّ "لا تتراجع". وهذه هي الدّعوة الّتي أوجّهها إليكم أيضًا: لا تتراجعوا، لا تستسلموا، لا تتوقّفوا عن الحلم بعالم أفضل. ففي الخيال، في الواقع، يجتمع الذّكاء والحدس والخبرة والذّاكرة التّاريخيّة على الإبداع والمغامرة والمخاطرة. كم من مرّة، على مرّ القرون، كانت الأحلام العظيمة بالحرّيّة والمساواة، وبالكرامة والأخوّة، مرآة لحلم الله، هي الّتي أنتجت نقاط التّحوّل والتّقدّم. ومن هذا المنطلق، أودّ أن أوصي بثلاثة مواقف أعتقد أنّها تصلح لالتزامكم: الشّجاعة لكسر القوالب، والاهتمام بالضّعفاء، وتعزيز الشّرعيّة.

أوّلاً: التّحلّي بالشّجاعة لكسر القوالب للانفتاح في الحوار على مسارات جديدة. في زمن مطبوع بالصّراعات والانقسامات على مستويات مختلفة، لا نغفَلنَّ أبدًا عمّا لا يزال يمكن القيام به لعكس المسار. وإزاء الأساليب الصّارمة الّتي تفصل، لنعزّز المناقشة والإصغاء بقلب مفتوح، دون استبعاد أيّ شخص، على المستوى السّياسيّ والاجتماعيّ والدّينيّ، لكي يتمَّ قبول إسهام كلِّ شخص، في خصوصيّته الملموسة، بشكل إيجابيّ في عمليّات التّغيير الّتي يرتبط بها مستقبلنا.

ثانيًا، الاهتمام بالضّعفاء. يمكن رؤية مقياس حضارة ما من خلال كيفيّة معاملتها للأشخاص الأشدَّ ضعفًا: الفقراء، والعاطلون عن العمل، والمشرّدون، والمهاجرون، والمستَغَلون، وجميع الّذين تحوّلهم ثقافة الإقصاء إلى مُخلَّفات. إنّ السّياسة الّتي تكون في خدمة الإنسان حقًّا لا يمكن أن تسمح للاقتصاد ولآليّات السّوق بأن يملوا عليها القوانين. أمّا التّضامن، وفضلاً عن كونه فضيلة أخلاقيّة، فهو أحد متطلّبات العدالة، ويتطلّب تصحيح التّشوّهات وتنقية نوايا الأنظمة غير المتكافئة، وذلك أيضًا من خلال تغييرات جذريّة في منظور تقاسم التّحدّيات والموارد بين البشر والشّعوب. ولهذا يطيب لي أن أطلق على كلّ من يعمل في هذا المجال لقب "الشّاعر الاجتماعيّ"، لأنّ الشّعر هو إبداع، وهنا يتعلّق الأمر بوضع الإبداع في خدمة المجتمع، ليكون أكثر إنسانيّة وأخوَّةً.

وأخيرًا الشّرعيّة، وما قلناه حتّى الآن يعني الالتزام بمكافحة آفة الفساد وإساءة استخدام السّلطة وعدم الشّرعيّة. في الواقع، من خلال الصّدق فقط، يمكننا أن نقيم علاقات سليمة ويمكننا أن نتعاون بثقة وفعاليّة في بناء مستقبل أفضل.

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، أشكركم على التزامكم بالحوار. هناك دائمًا حاجة كبيرة له! أصلّي من أجلكم وأتمنّى لكم الحكمة والشّجاعة في عملكم من أجل عالم أكثر عدلاً وسلامًا. ليلهم إنجيل يسوع المسيح دائمًا أبحاثكم وأعمالكم وينيرها".