مصر
07 تموز 2019, 07:15

تواضروس: الكهنوت ليس رئاسة ولا منظرة إنّما هو اتّضاع وخدمة

وجّه بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني، أمس السّبت، عظة تحت عنوان "ثلاثة معان في الخدمة"، خلال القدّاس الإلهيّ الذي سام خلاله 23 كاهنًا جديدًا للخدمة في مصر وخارجها، في دير الأنبا بيشوي بوادي النّطرون. وبحسب "الأقباط اليوم"، جاء في العظة:

 

"نحتفل اليوم بسيامة عدد من أبنائنا الشّمامسة لكي ما يصيروا كهنة في الإسكندريّة والقاهرة وإسنا وأستراليا وكندا. سيامة الآباء الكهنة وتكريس أنفسهم وأسرهم من أجل عمل الله الممّتدّ في كنيسته في كلّ مكان وزمان وجيل.
هو يوم فرح لهؤلاء الّذين يتكرّسون بعد تزكية الآباء والخدّام والشّعب لكي ما يخدموا في كنيسة الله الحيّ. نحن كلّ يوم نصلّي مع القدّيس بولس الرّسول ونقول "أسألكم أنا الأسير في الرّبّ أن تسلكوا كما يحقّ للدّعوة الّتي دعيتم إليها" فالكهنوت دعوة تمتدّ من جيل لجيل يعطيها لنا الله ليس عن استحقاق بل كوزنة نتاجر بها ونكون أمناء فنربح. فكما سمعنا في إنجيل اليوم "كن أمينًا في القليل أقيمك على الكثير.." "لأنّ كلّ من له يعطى فيزداد ومن ليس له فالّذي عنده يؤخذ منه".
وأضاف البابا: "من أجل هذا دعوة الكهنوت ليست أمرًا هيّنًا أو بسيطًا فمن يتكرّس وهو مرتبط بأسرة وأولاد يشتركوا معه جميعًا في هذا التّكريس وأثقال الخدمة، ونحن نصلّي من أجل الأكليروس ونقول "أعطي بهاءًا للإكليروس ..." وكلمة بهاء في اللّغة العربيّة تعني: النّقاوة الدّاخليّو واللّمعان الخارجيّ فنصلّي ونقول أعطيهم النّقاوة الدّاخليّة ومنها تنعكس على حياته الخارجيّة فيصير لامعًا أيّ تائبًا وقدّيسًا فاللّمعان ليس الشّهرة. وأريد أن أتحدّث معكم عن ثلاثّ معان يجب أن تكون في حياة الكاهن وكلّ من له خدمة:
المعنى الأوّل: المحبّة الّتي تملأ القلب فتتحوّل إلى روح الأبوّة: المحبّة الحقيقيّة الّتي للمسيح ولا يتحقّق الشّبع من محبّة الله طالما القلب به أنواع أخرى من المحبّة. املأ قلبك من المحبّة الحقيقيّة الّتي ليست بالكلام أو المجاملات.
نحتاج إلى أب ليفتقد ويبحث عن الضّال ولا يعرف الكسل محبّة حقيقيّة حسب قلب الله فتتحوّل لمحبّة خارجيّة بروح الأبوّة، فكلمة "أبونا" ليست لقب لكنّها مفتاح المحبّة الّتي يقدّمها الكاهن في كلّ صباح ومساء. أنت المدعوّ للكهنوت اجتهد في صلواتك، علاقاتك بالإنجيل، بقانونك وحياتك الرّوحيّة لتمتلأ بمحبّة الله فتكون أبًا يشعر بمحبّته الكلّ.

من الآباء الكهنة الدّكتور والمهندس والمحاسب لكن لا نحتاج كلّ هذا نحن نحتاج إلى أب ليفتقد ويبحث عن الضّال ولا يعرف الكسل.
إنّ أهمال الأب في أسرته الصّغيرة مرفوض فما بالك الأب الرّوحيّ المسؤول عن عشرات الأسر. نحتاج المحبّة الدّاخليّة الّتي تنعكس خارجيًّا بروح الأبوّة. المعنى الثّاني املأ قلبك بالتّوبة الدّاخليّة لتتحوّل لروح الأتّضاع: قلب الإنسان لا يراه سوى الله والتّوبة عمل داخليّ تشعر به السّماء الّتي تفرح بتوبة الخاطئ.
للكاهن توبة دائمة وإلّا كيف سيتوب النّاس وعلامة الإنسان التّائب الاتّضاع.
الكهنوت ليس رئاسة ولا منظرة إنّما هو اتّضاع وخدمة أنت مدعوّ لتترك ذاتك، فالكهنوت ليس رئاسة ولا منظرة إنّما في عرف كنيستنا هو اتّضاع أوّلًا وأخيرا. فالسّيّد المسيح كنز الفضيلة عندما أراد أن يعلّمنا قال "تعلّموا منّي لأنّي وديع ومتواضع القلب" وفي السّاعات الأخيرة من خدمته إنحنى السّيّد والمعلّم ليغسل أرجل تلاميذه. عندما تتوب بالحقيقة يكون لك روح الاتّضاع ولا يوجد بك روح الكبرياء أو التّسلّط فتشعر في نفسك أنّك أوّل الخطأة.
المعنى الثّالث املأ قلبك بالعمل المستمرّ والنّشاط فيتحوّل لاستقامة السّلوك أعطيت هذه الوزنة لتتاجر بها وتربح ففي كلّ يوم نصلّي في مزمور التّوبة " قلبًا نقيًّا أخلق فيّا يا الله وروحًا مستقيمًا جدّده في من أحشائيّ...". إستقامة الإنسان في سلوكه وخدمته وعلاقاته وتعاملاته أمينًا في كلّ شئ يحترس من المجد الباطل والخطايا الأخلاقيّة ومحبّة المال.
تنال الكهنوت في قلبك كوزنة تحافظ عليها وتتاجر بها وتربح وليس كنيشان أو ترقية بل مسؤوليّة تحتاج كلّ الحرص. احترس من الغفلة واحرص على النّقاوة والاستقامة وكنيستنا تعلّمنا في كلّ مساء نصلّي ونقول "جميع ما أخطأنا به في هذا اليوم إن كان بالفعل أو بالفكر أو بجميع الحواسّ أصفح واغفر لنا..."، كأنّ الإنسان يجدّد نفسه ويطرح خطاياه في الخارج. ثلاثة معاني لنتجدّد ونعمل بدعوة القدّيس بولس الرّسول "اسلكوا كما يحقّ للدّعوة الّتي دعيتم إليها.." الكنيسة تقول لنا أن نسلك كما يحقّ لذلك: إملأ قلبك بالمحبّة لتتحوّل إلى روح الأبوّة، املأ قلبك بالتّوبة الدّاخليّة لتتحوّل لروح الاتّضاع، املأ قلبك بالعمل المستمرّ والنّشاط فيتحوّل لاستقامة السّلوك. نحن اليوم سنرسم 23 كاهنًا في مناطق كثيرة ولا يسع الشّعب سوى الصّلاة من أجلهم كلّ يوم وليس اليوم فقط لينجح الله طريقهم. يفرح معنا اليوم نيافة الأنبا صرابامون وكلّ الآباء الرّهبان يستضيفوننا اليوم والآباء الأساقفة والكهنة والشّمامسة، نفرح معًا لأنّه يوم تكريس. نصلّي أن يدوم هذا الفرح.
ربنا يبارك عمله في كنيسته وخدمته ونحن نبدأ صلوات القدّاس. إرفع قلبك من أجل نعمته وليستخدم الله كهنته الاستخدام الحسن. ليباركنا الله بكلّ بركة روحيّة في السّماوات".