الفاتيكان
10 أيار 2023, 08:45

تواضروس الثّاني ينادي بالمحبّة الأخويّة والسّلام في كلمته خلال المقابلة العامّة

تيلي لوميار/ نورسات
بالتّحيّة الفصحيّة بدأ بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني كلمة ألقاها خلال مشاركته اليوم في المقابلة العامّة في ساحة القدّيس بطرس والّتي يعقدها البابا فرنسيس أسبوعيًّا أمام حشد كبير من المؤمنين، وذلك في إطار زيارته إلى الفاتيكان للاحتفال بمرور خمسين سنة على عودة العلاقات بين الكنيستين القبطيّة الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة، وعشر سنوات على زيارته الأولى إلى الفاتيكان وإطلاق يوم المحبّة الأخويّة.

وفي هذه الكلمة قال بابا الأقباط بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة":

"المسيح قام.. بالحقيقة قام  

أودّ أن أنقل لكم تهنئتي وكلّ أعضاء المجمع المقدّس وكلّ هيئات الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة بالعيد العاشر لاختياركم الإلهيّ كبابا وأسقف لروما، وأُثَمِّن كلّ ما فعلتموه في هذه الفترة من خدمة لكلّ العالم في كلّ المجالات وأصلّي أن يحفظكم المسيح في كامل الصّحّة ويمنحكم بركة العمر الطّويل.

أنظر الآن إلى هذا المكان وأعود بذاكرتي عشرة أعوام، في نفس التّاريخ متذكّرًا محبّتكم الغالية في استقبالي ووفد الكنيسة القبطيّة في زيارتي الأولى لكم، وكيف قضينا بصحبتكم وقتًا مقدّسًا مملوءًا بالمحبّة الأخويّة الّتي غمرتمونا بها.

هذه المحبّة الّتي صارت شعارًا نحتفل به سنويًّا في "يوم المحبّة الأخويّة" ونتحدّث هاتفيًّا لنجدّدها كلّ عام، وهو يوم يجسّد الرّوح المسيحيّة والمحبّة الّتي تجمعنا في خدمة الله وخدمة إخوتنا وأخواتنا في الإنسانيّة ليتمّ فينا قول يوحنّا الحبيب "أيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لِأَنَّ ٱلْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ ٱللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ ٱللهِ وَيَعْرِفُ ٱللهَ." (١ يوحنّا ٤: ٧).

لقد اخترنا المحبّة حتّى لو كنّا نسير عكس تيّار العالم الطّامع والذّاتيّ، لقد قبلنا تحدّي المحبّة الّتي يطلبها منّا المسيح، وسنكون مسيحيّين حقيقيّين وسيصبح العالم أكثر إنسانيّة، ليعرف العالم كلّه أنّ الله محبّة وهذه هي أسمى صفاته.  

يتزامن هذا الموعد أيضًا مع الذّكرى الخمسين لزيارة البابا شنودة الثّالث للبابا بولس السّادس وهذا ما يجعله أكثر أهمّيّة وتأثيرًا على العلاقات بين كنائسنا، ولا أنسى شكركم بكلّ فرح على زيارتكم الغالية لنا في مصر عام ٢٠١٧ وكيف كانت بركة لكلّ مصر، وحين قلتم "نحن لسنا وحدنا، في هذه المسيرة المشوّقة والّتي- على مثال الحياة- ليست دائمًا سهلة وواضحة، والّتي من خلالها يحثّنا الرّبّ للمضيّ قدمًا، وتدفعنا لأن نكون منذ الآن صورة حيّة "لأورشليم السّمائيّة".  

ونحن نسير معًا في طريق الحياة واضعين نصب أعيننا وعده "الَّذِي وَعَدَنَا هُوَ بِهِ: الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (١يو ٢: ٢٥) ونتعايش فيها ونتكامل معًا مسنودين بالصّلاة بحسب هذا الوعد، مهما اختلفت جذورنا وانتماءاتنا فتجمعنا محبّة المسيح السّاكنة فينا وسحابة من الآباء الرّسل والقدّيسين تحيط بنا وترشدنا.

لقد جئنا إليكم من الأرض الّتي كرز فيها مار مرقس الرّسول وتأسّس فيها كرسيه في الإسكندريّة  

ليكون واحدًا من أقدم الكراسي الرّسوليّة في العالم.  

أرض مصر التّاريخ والحضارة يقولون عنها إنّها فلتة الطّبيعة، أبوها التّاريخ وأمّها الجغرافيا.

جئت إليكم من الكنيسة القبطيّة الّتي تأسّست في القديم بنبوّة في سفر أشعياء النّبي "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا" (أش ١٩: ١٩).

ثمّ تقدّست بزيارة العائلة المقدّسة وباركت أرضها شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا.

مصر الأرض الّتي انتشرت منها الرّهبنة المسيحيّة وتأسّست بقدّيسيها أنطونيوس ومكاريوس وباخوميوس، ملهمة مدرسة الإسكندريّة منارة اللّاهوت في التّاريخ! وكانت ولا زالت مواضع مقدّسة للصّلاة أمام الله.

ونؤمن أنّها محفوظة ليس فقط في يد الله بل وفى قلبه أيضًا.

إنّني أقف هنا حيث كرز بولس وبطرس الرّسولان، وأفرح أن نلتقي في هذا الصّرح العظيم وأتأمّل هذه الأعمدة الّتي تحمل هذا المكان وأتذكّر وعد الرّبّ لملاك كنيسة فيلادلفيا: "من يغلب فسأجعله عمودًا في هيكل إلهي، ولا يعود يخرج إلى الخارج" (رؤ 3: 12). وأطلب منكم جميعًا أن نتمسّك بهذا الوعد، أن نغلب شرّ العالم بكلّ ضعفاته كما علّمنا الآباء، وأن نكون على قدر المسؤوليّة الّتي نحملها...

ونعيش كرائحة المسيح الذّكيّة لهذا العالم وأن نجتمع لأجل سلامه.

إنّنا في هذا العالم نسير كما سار هو، نهتف مع داود المرنّم في مزموره "تَمَسَّكَتْ خُطُوَاتِي بِآثَارِكَ فَمَا زَلَّتْ قَدَمَايَ" (مَزَ ١٧ :٥ ) وننادي في كلّ العالم بالسّلام الّذي يفوق كلّ عقل مصلّين أن يحلّ في كلّ الرّبوع وأن يكون هو أولويّة القادة والشّعوب ..

أصلّي معكم اليوم ولي كلّ الرّجاء أن يستمع الله إلى صلواتنا.

جراتسي أتوتي".