مصر
19 تشرين الأول 2021, 13:30

تواضروس الثّاني يرسم 15 قمصًا

تيلي لوميار/ نورسات
رسم بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني، السّبت، 15 من كهنة الإسكندريّة قمامصة، خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه في الكاتدرائيّة المرقسيّة، عقب صلاة الصّلح، بمشاركة لفيف من أحبار الكنيسة.

خلال القدّاس، ألقى البابا عظة على ضوء إنجيل متّى 25: 1- 12، قال فيها بحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة": "حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ".

هذا المثل لم يذكر إلّا في إنجيل مُعلّمنا متّى البشير ونقرأه دائمًا ونصلّي به في صلوات نصف اللّيل، ونذكره أيضًا في يوم ثلاثاء البصخة.

ويتكلّم المثل عن فريق من خمس عذارى جاهلات وخمس عذارى حكيمات.

ويُرمَز للزّيت بأعمال الرّحمة والمحبّة، ولكن الجهل والحكمة تكمُن في ثروتنا الحقيقيّة، لأنّ الثّروة الحقيقيّة عند الإنسان ليست المال أو العقارات أو المقتنيات.

فالثّروة الحقيقيّة عند الإنسان هي الوقت والعُمر، وهي ثروة مهمة لأنها إن ضاعت لا ترجع ولا تعوض.

الحكيمات صاروا حكيمات لأنهم استغلوا أوقاتهن حسنًا، والجاهلات صاروا جاهلات ليس بالعلم ولا بالثّقافة ولكن لأنهنّ أضاعن أوقاتهنّ.

والجهل والحكمة غير مرتبط بالتّعليم والشّهادات، فالحكمة مرتبطة بالعقل، والجهل مرتبط في الحياة بكيف تستخدم أوقاتك، فهي الثّروة الغالية عند الإنسان.

لذلك في قراءة رسالة بولس اليوم يقول آيتين مرتبطتين ببعض وهما (أف 5: 14). "اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ".

فهذه الآية موجّهة للفرد والخصوصيّة، وهنا أن يستيقظ الإنسان من نوم غفلته ودعوته للتّوبة والقيام من الخطيئة.

"فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ" (أف 5: 15).

وهنا الآية موجّهة للجماعة وهي أن ننظر لسلوكيّاتنا بصفة عامّة. "بِالتَّدْقِيقِ" ويقصد بها الانتباه والدّقّة في كلّ دقيقة لأنّك ستعطي جوابًا عن هذا الوقت.

"لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ" ويقصد أن نكون مثل العذارى الحكيمات وليس العذارى الجاهلات.

"مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ" وهو وقت الفداء وصلب المسيح لأنّه وقت غالي وثمين.

"لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ" عبارة مخيفة حتّى نحترس من ضياع الوقت.  

إذًا ثروتنا الحقيقيّة كخدّام للمسيح حتّى نسير في طريق الملكوت هي "الوقت".

العذارى الحكيمات استغلّوا وقتهنّ بحكمة وذلك عندما ملأن مصابيحهنّ بالزّيت واستعدّوا لمجيء العريس لذلك دخلوا معه العُرس، فهذه صورة مضيئة يتمنّى كلّ إنسان أن يشارك فيه.

الأخريات الجاهلات، مصابيحهنّ وحياتهنّ فارغة، فالنّفوس الجاهلة ضيّعت وقتها في الكسل والنّوم والإهمال، وعندما طلبن فتح الباب لهنّ قال لهم عبارة قاسية لا يسمح الله أن يسمعها أحد منّا وهي "إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ". فهي عقوبة صادمة لحياة الإنسان حتّى ينتبه ويعرف أنّ ثروته الحقيقيّة هي وقته وزمنه وكلّ دقيقة، فكُن حارسًا على كلّ دقيقة في عمرك.

وللاستفادة بوقتك:

1- إجعل اليقظة الرّوحيّة دائمًا عندك واحرص على ذهنك وفكرك ولا تسمح لعدو الخير أن يتسلّل إليك.

2- إجعل وقتك دائمًا متوازنًا، فأنت تحتاج وقتًا للعبادة والصّلاة، ووقتًا للعائلة ووقتًا للطّعام ووقتًا للرّاحة والرّياضة، حتّى لا تكون أوقات عُمرك مشوّهة، (فعلامة التّعقّل لديّ الإنسان أنّه يعمل ويفتدي وقته للسّماء).

فالله أعطاك العُمر حتّى تمجّده به، والله خلقك لأنّه يحبّك، وأن تعيش عُمرك لأنّك تحبّه، وكلّ أعمالك هي من أجل تمجيد اسمه القدّوس.

3- الإستعداد والسّهر الرّوحيّ، لأنّه علامة الاستعداد الدّاخليّ الّذي ينعكس على حياتك الخارجيّة وعلى خدمتك وكلّ علاقاتك.

مثل العذارى الحكيمات والجاهلات نضعه أمامنا يوميًّا، حتّى نكون مستعدّين للملكوت، "فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ."(مت 25: 13).

ولإلهنا كلّ مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد، آمين."