مصر
08 كانون الثاني 2020, 09:45

تواضروس الثّاني يحدّد 3 أعمدة أساسيّة ليستعيد الإنسان إنسانيّته

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل الأقباط الأرثوذكس بعيد الميلاد المجيد في قدّاس إلهيّ ترأّسه بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني، في كاتدرائيّة ميلاد المسيح في العاصمة الإداريّة الجديدة، بحضور رئيس الجمهوريّة المصريّة عبد الفتّاح السّيسيّ، و11 وزيرًا وعدد من السّفراء والنّوّاب وممثّلين عن الأحزاب والنّقابات والهيئات.

خلال القدّاس، ألقى البابا عظة تحت عنوان "أعمدة الإنسانيّة"، قال فيها نقلاً عن "المتحدّث الرّسميّ بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة": "أودّ أن أرسل التّهنئة من مصر إلى كنائسنا القبطيّة الأرثوذكسيّة في بلاد كثيرة في العالم. أهنّئ الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكهنة وكلّ الكنائس والأبرشيّات في أميركا وكندا وأميركا اللّاتينيّة وأوروبا والكرسيّ الأورشليميّ ومنطقة الخليج وأستراليا وأفريقيا وجنوب أفريقيا وكينيا وأثيوبيا والسّودان. أهنّئكم جميعًا بهذا العيد الّذي به نفتتح عامًا جديدًا. 

الله عندما خلق الإنسان خلقه لأنّه يحبّه وفي صوره متوجّه يحمل صورة الله ويقدّمها فصار الإنسان العاقل الحرّ المبدع الفنّان، أراده الله أن يعيش في تمام الوصيّة وأن يحيا حياة إنسانيّة صحيحة. هكذا كانت إرادة الله ولكن دخلت الخطيئة إلى العالم وانسابت إلى الحياة الإنسانيّة، ومن خطيئة آدم وحوّاء دخلت كلّ الخطايا إلى العالم الّتي نعرفها والّتي لا نعرفها، فكانت بمثابة بذرة أثمرت شجرة مليئة ضعفات بها كلّ مظاهر الحقد والعنف تزداد مع ازدياد تعداد البشر، وبدأ الإنسان يفقد إنسانيّته وكأنّه فقد رتبته وصارت الإنسانيّة مفقودة. فنسمع عن خطايا العنف والحروب في العالم. من أين يأتي هذا الشّرّ؟ إنّما من خطيئة آدم وحوّاء.
لكن الله يحبّ البشر وخليقته وإعلان هذا الحبّ كان بالتّجسّد، فجاء ميلاد السّيّد المسيح ليرجع الإنسان إلى مكانته وإنسانيّته. في قصّة الميلاد يوجد 3 أعمدة رئيسيّة تصلح لكلّ إنسان لكي يعرف كيف يستعيد إنسانيّته.
العمود الأوّل: الإنسان يجب أن يعيش الحبّ ويعيش بالحبّ هكذا قصد الله
العمود الثّاني: الإنسان يجب أن يصنع خيرًا ويكون مثل سيّده صانع للخيرات
العمود الثّالث: أن يتمتّع الإنسان بالجمال جمال الطّبيعة وجمال الآخر".
وتابع البابا مفصّلاً: "العمود الأوّل: معايشة الحبّ: عدما خلق الله الإنسان وضع فيه بذرة الحبّ. نتقابل مع الرّعاة سهرانين يحبّون قطيعهم وشغلهم وحياتهم. ولهذا ظهر لهم الملاك كأوّل إعلان لميلاد السّيّد المسيح. فقاموا مسرعين إلى بيت لحم بدافع الحبّ. ما أجمل أن يكون الدّافع وراء كلّ عمل هو الحبّ.
العمود الثّاني: صنع الخير: العالم به صراع بين الخير والشّرّ لكن الله صانع الخيرات له الغلبة وأنت أيّها الإنسان يجب أن تتمثّل بالله. نتقابل مع المجوس وكام دراستهم علوم الفلك وفي كتبهم كان ذكر للنّجم الّذي ينبأ بميلاد الملك وعندما رأوه صنعوا خيرًا وقاموا من بلادهم نواحي العراق في رحلة استغرقت شهورًا ليزوروا ملك اليهود تابعين النّجم بإصرار مقدّمين هدياهم له. على النّاحية الأخرى بيت لحم كان بها اكتتاب ومزدحمة بالنّاس ولم تجد العذراء مكانًا لتلد فيه سوى المزود فصارت هذه القرية الصّغيرة أشهر قرية حيث ولد السّيّد المسيح بها ولم يضع عمل الخير.
العمود الثّالث: التّمتّع بالجمال: جمال الطّبيعة وفي الإنسان الآخر. الطّبيعة بكلّ ما فيها ملهمة لكلّ الفنون الفلك النّباتات الحيوانات تعلّمنا في كلّ يوم وتغرز فينا روح الجمال وهذه نقطة هامّة في التّربية. كلّ إنسان هو إنسان فريد وعندما تكون عين الإنسان جميلة يستطيع أن يعيش الإنسانيّة الحقيقيّة.
الإنسانيّة المفقودة خطر على حياة البشر، ونتذكّر أنشودة الملائكة "المجد لله في العالي وعلى الأرض السّلام وبالنّاس المسرّة" تضع أمام الإنسان مسار حياته ( مجّد اسم الله – إصنع سلامًا- امتلك البهجة) لكي تعيش إنسانًا راضيًا.
هذه هي الإنسانيّة المفقودة يا أحبّائي، واستعادها الإنسان من خلال ميلاد السّيّد المسيح".

بعد القدّاس، استقبل تواضروس الثّاني المهنّئين بالعيد، في المقرّ البابويّ في القاهرة.