مصر
06 كانون الثاني 2020, 15:00

تواضروس الثّاني في رسالة الميلاد: عش الحبّ وتمتّع بالخير وتذوّق الجمال

تيلي لوميار/ نورسات
نشر "المتحدّث الرّسميّ بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة" رسالة الميلاد لبابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني، والمترجمة إلى 19 لغة حول العام، وقد جاء في نصّها:

"أهنّئكم أيها الأحباء بهذا العام الجديد 2020 وأيضًا بعيد الميلاد المجيد الذي نستقبل فيه ميلاد ربنا يسوع المسيح متجسّدًا لخلاص كل البشر، أهنّئ كل الأحباء في كل الإيبارشيات وفي الكنائس القبطية الأرثوذكسية عبر العالم، أهنّئ كل الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكهنة والشمامسة والأراخنة وكل الشعب القبطي، وأيضًا أهنّئ الشباب والأطفال والصغار والكبار وأرجو لكم دائمًا عيدًا سعيدًا.
في عيد الميلاد المجيد، هذا العيد الذي نحتفل به في كل عام ويرتبط بالسنة الّتي نعيش فيها أنّها سنة ميلادية، فيها نتذكّر قصص كثيرة، من مشاهد الميلاد أنّ المجوس حينما قدموا من الشرق قدّموا ثلاث هدايا. وهذه الهدايا الثلاث تعبر عن حياة الإنسان إنّ أيّام عمره هي أيّام ذهب ومرّ ولبان. ولكن في ميلاد السيد المسيح وأحداث الميلاد، يقدّم لنا الله ثلاث عطايا. وهذه العطايا نراها في مشاهد الميلاد المجيد. وهذه العطايا تمثّل كونها هدايا يقدّمها الله للإنسان لكيما يستعيد للإنسان إنسانيته. فالإنسانية الّتي يرتبط بها وجود البشر، أمر غال جدًّا. وفي كلّ عيد ميلاد نتذكّر هذه الأمور الثلاثة الّتي سنتحدّث عنها إليكم.

الأمر الأوّل، إنّ الإنسانية تتحقّق بأن يعيش الإنسان الحبّ. فعندما يمارس هذا الحبّ ويعيشه ويقدّمه، يكون هذا الحبّ وسيلة تتحقّق بها إنسانيته. أريد أن أذكر لكم المشهد الّذي نحبّه وهو الرعاة الّذين كانوا يسهرون في البادية وكانوا يعيشون في حياة بسيطة رقيقة الحال. لكنّهم كانوا يعيشون هذا الحبّ، حبّ القطعان وحبّ البشر. حتّى أنّ الله استأمنهم أن يكونوا أوّل من استقبل خبر الميلاد. ويظهر الملاك ويهنّئهم "ها أنا أبشّركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب". هؤلاء الرّعاة عاشوا بالحبّ وقدموه، وعندما رأوا رسالة الملاك أسرعوا إلى بيت لحم حيث المزود. وفرحوا بالصبيّ المولود في المذود وعبّروا عن محبّتهم الشديدة بهذه الزيارة وكان هذا درسًا لنا في الإحساس بالحبّ وأن يعيش الإنسان في هذا الحبّ على الدوام.

العطيّة الثانية هي نراها في زيارة المجوس. المجوس غرباء قدموا من الشرق وأتوا خصّيصًا.كانوا علماء وكانوا يبحثون في النّجوم. وعندما وجدوا النجم المميّز في السماء، عرفوا أنّه إعلان عن ميلاد ربّ الحقيقة.
هؤلاء تمتّعوا بالخير. بمعنى أنّ هؤلاء المجوس كانوا جادّين. وفي إصرار بالغ عرفوا مكان ميلاد المسيح بإرشاد النجم وقدّموا خيرًا. فجاءوا من الشرق ووصلوا إلى المزود، وقبلها تقابلوا مع الملك وقدّموا هداياهم.
وكان هذا أمرًا أنّهم يريدون أن يتمتّعوا بالخير ويعملون خيرًا.لقد صنعوا خيرًا عندما أتوا وعندما زاروا الصّبيّ وعندما قدّموا هداياهم الذهب واللبان والمرّ. ولكن في نفس هذا المشهد، مشهد أن يعمل الإنسان خيرًا، نتذكّر أهل بيت لحم وأهل المزود اللّذين استضافوا هذه المرأة الفقيرة، أمّنا العذراء مريم والقدّيس يوسف النّجّار. وكانت حبلى وتريد أن تضع ابنها. ولم يكن هناك مكان في أورشليم المدينة الكبيرة ولا مكان في القرية الصغيرة إلّا في هذا المزود. هؤلاء صنعوا خيرًا.
ولذلك العطية الثانية أن نتعلّم كيف نصنع خيرًا على الدوام .هذه العطية الثانية الّتي نقدّمها هي أن تصنع خيرًا. كما نقول عن الله "فلنشكر صانع الخيرات".

العطية الثّالثة الّتي نشعر بها هي تذوّق الجمال. ميلاد السيد المسيح مشهد جميل. ولكن أجمل ما فيه كان جوقة الملائكة الّتي ظهرت من السماء وغنّت وأنشدت وقالت: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة"(لوقا2:14) . وكان هذا النشيد وهذا التعبير المفرح، كان تعبيرًا عن الجمال فالجمال هو صفة قويّة يتذوّقها الإنسان الّذي يعيش مع الله. الله علّمنا الجمال في ميلاده وعلّمنا أن نتذوّق الجمال وأن نقدّر كلّ شيء جميل. فالطبيعة جميلة، وما نأكله من ثمار الأرض جميل. وما نعاينه في الفلك نهارًا وليلاً هو جميل وما نعيشه في فصول السّنة امتدادًا من الشتاء إلى الربيع وإلى الصيف وإلى الخريف أيّام جميلة. وأيام حياة الإنسان بصفة عامّة هي أيّام جميلة وعطيّة من الله.
هذه هي الثلاث عطايا: عش الحبّ وتمتّع بالخير وتذوّق الجمال، هذه العطايا الثلاث هي الّتي نعاينها في قصّة الميلاد، الميلاد بداية جديدة والميلاد فرحة جديدة والميلاد رسالة جديدة لكل إنسان يبدأ بها عامًا جديدًا يمجّد فيه الله.

أنا أهنّئكم جميعًا بهذه الأيّام السّعيدة. وأهنّئكم بالميلاد المجيد. وأقدّم كلّ محبّة وكلّ تحيّة لكلّ أحبائنا في كلّ مكان في العالم. وأرسل لكم هذه الرّسالة من أرض مصر ومن الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، الكنيسة الأمّ الّتي ترسل المحبّة من كلّ الآباء في المجمع المقدّس وكل الآباء في كلّ الكنائس القبطيّة هنا على أرض مصر. وأيضًا أرسل لكم تحيّات التاريخ الطّويل الّتي نعيشها، وتمتدّ إلى كلّ كنائسنا في كلّ مكان في العالم. ربّنا يكون معكم".