تكريس لرعيّة مار يوسف- الشّير
بعد الاستقبال، أقام درويش رتبة الهجمة أمام باب الكنيسة وبارك الماء، ونضح داخلها بالماء المقدّس، ودهن الأيقونات بالميرون، وغسل المذبح بالماء المعطّر ووضع فيه ذخائر الشّهداء وختمها بالشّمع الأحمر، قبل ان يكرّسه ويضع عليه الشّموع والصّليب والأندميسة والإنجيل المقدّس.
وبعد الإنجيل، ألقى المطران درويش عظة قال فيها:
"أتوجّه بالشّكر الجزيل لوكلاء الكنيسة الّذين تابعوا بشغف إعادة تأهيل هذه الكنيسة القديمة، أعطوا الكثير من وقتهم ومن محبّتهم، وأخصّ بالذّكر السّيّدة مينرفا قبلان وكلّ الّذين ساهموا ولو بفلس الأرملة.
كلّ الرّعايا في كنيسة أمّا أنتم فلكم كنيستين... أصبح لكم كنيسة جميلة لها تاريخ جميل، وفي حناياها عبق القدّيسين وبخّور وتقادم أبائكم وأجدادكم. وفيها تراث مقدّس يجب أن تحافظوا عليه.
لكن الكنيسة ليست فقط المبنى الحجريّ المادّيّ، إنّها أنتم، أبناء وبنات الكنيسة، والكنيسة ليست هنا فقط، الكنيسة هي كلّ بيت وكلّ عائلة وكلّ مؤمن.
وبعد إعادة تأهيلها نأمل أن تكونوا أكثر التزامًا، لتنشيط الحياة فيها وأكثر التزامًا في حياتكم المسيحيّة، وأن تُظهروا بأعمالكم وطريقة حياتكم وفكركم روح الإنجيل، وأن تكونوا رعيّة موحّدة وقويّة.
الرّعيّة بحاجة إلى تعاون وثيق بين الكهنة والعلمانيّين فوحدة الرّعيّة تبدأ من التّضامن بين هذين الجناحين، العلمانيّ والإكليريكيّ، لأنّها بأمسّ الحاجة إلى شركة روحيّة حقيقيّة لتكمل رسالتها. والتّعاون والتّواصل بين الفريقين يثبت الإيمان ويسهل الطّرق لعمل الرّوح القدس في النّفوس.
لذلك أطلب أن يقوم تعاون وثيق بيننا نحن المكرّسين مع العلمانيّين لتقوم في الكنيسة شركة روحيّة حقيقيّة برعاية الرّوح القدس الّذي جعلنا قوّامين لنرعى معًا كنيسته "الّتي اكتسبها بدمه".
ما جاء في الإنجيل المقدّس الّذي تليناه اليوم على مسامعكم يعطينا مفهومًا واضحًا عن علاقتنا بالمسيح وبكنيسته، فلمّا أنهى عظته صعد إلى سفينة بطرس وطلب منه أن يبتعد قليلاً عن البرّ ويتقدّم إلى العمق ويلقي الشّباك فأبدى بطرس بعض التّردّد فالوقت غير مناسب للصّيد وقد تعب ورفاقه طوال اللّيل بدون نتيجة، لكنّه أطاع يسوع (بكلمتك ألقي الشّبكة). فاصطادوا الكثير من السّمك حتّى أنّ الشّباك كادت أن تتمزّق.
يطلب منّا يسوع في هذا الإنجيل أن نتقدّم على العمق وهو شرط أساس لنحصل على صيد ثمين أيّ على خيرات الله ونعمه. في عمق المياه نجد السّكينة والهدوء وأيضًا الخصب. كذلك عندما ندخل إلى أعماق الإنجيل نجد المسيح.
لقد اكتشف سمعان ضعفه وخطيئته لذا طلب مساعدة يسوع الّذي طلب منه أن يلقي الشّبكة في العمق حيث الصّيد العجيب. منذ هذا الوقت أصبح سمعان تلميذًا ليسوع وصار اسمه بطرس فهو إنسان جديد لأنّ الرّبّ دعاه ليبشّر بملكوته وليكون صيّادًا للنّاس: "لا تخف فإنك منذ الآن تكون صيّادًا للنّاس".
من جديد أعرب عن فرحي بتكريس هذه الكنيسة بعد إعادة ترميمها، لكن جمالها لن يكتمل إلّا إذا كنتم في داخلها فبهاؤها يتألّق فيكم وهي تتقدّس في المصلّين الذين يؤمّونها.
أنهي عظتي بكلام قاله بولس الرّسول في رسالته إلى العبرانيّين: "فإنَّ كلَّ بيتٍ لهُ بانٍ. أمّا باني الكلّ فهو الله".
ندعو معكم ونصلّي معكم لجميع الّذين ساهموا بأعمال التّرميم بالخير والبركة ولكم جميعًا نعم الرّبّ."