تكريس المذابح الجديدة في كنيسة مقام سيدة زحلة والبقاع
وبدأ التكريس بدخول سيادة المطران الى الكنيسة يتقدمه حملة الصليب والشموع والمراوح، جماعة مديغورييه وشبيبة المقام حاملين الشموع المضاءة والكهنة. وأمام الإيقونوستاز وضعت طاولة عليها ثياب المائدة الجديدة وكل مستلزماتها، واناء ماء ممزوج بماء الزهر ووعاء الميرون المقدس وسطل صغير فيه ماء.
ثم تلا المطران درويش والكهنة صلاة تبريك المياه ومن ثم قام سيادته برش المذبح والمؤمنين بالماء المقدس وسط ترانيم خاصة ادّتها الجوقة. وبعد الإنتهاء من الرش توجه سيادة المطران والكهنة الى المذبح حيث تم غسله ومذابح التقدمة بالماءالممزوج بماء الزهر ومن ثم تنشيفه بمناشف بيضاء ودهن بالميرون المقدس على شكل صليب.
بعدها قام المطران درويش بتلبيس المذبح بحيث حمل اليه جماعة مديغورييه تباعاً الأغراض التي توضع على المائدة المقدسة: الشلراشف، الشموع، المراوح، الصليب، الأندميسي فالإنجيل المقدس. وبعد الإنتهاء قبّل سيادته والكهنة المائدة المقدسة، وتم تبخيرها من الجات الأربع، بعدها ركع سيادته امام المائدة المقدسة وتلا الصلاة التالية :" ايها الإله الأزلي، يا من ارتضيت ان يبقى لك هذا الهيكل المقدس على اسم السيدة العذراء، لتمجيدك وتمجيد ابنك الوحيد، اليك نسألأ ان ترسل روحك الكلّي قدسه وتقدّس هذا الهيكل، املأه نوراً ازلياً، واختره لسكناك، واجعله مسكناً لمجدك، وجمّله بمواهبك الإلهية، واجعله مستشفى للآلام وملجأ للمرضى وهزيمة للأبالسة، ولتكن عيناك مفتوحتين عليه ليلاً نهاراً، واذناك مصغيتين الى طلبات الداخلين اليه بخشية وورع والداعين لإسمك الكلّي الإحترام، حتى أن الخدم المقدسة التي تكمّل فيه تبلغ الى مذبحك العقلي السماوي فتنحدر علينا نعمة روحك الطاهر وتخلّص نفوسنا."
وبعد الإنجيل المقدس القى درويش عظة قال فيها :" يسعدني جدا أن أحتفل معكم بالذبيحة الإلهية حيث نكرس المذبح الجديد بحضور كهنة مقام سيدة زحلة الأب ايلي أبو شعيا والأب أومير عبيدي، والأب طوني رزق وبحضور هذا العدد الكريم من أبنائنا وبناتنا وبخاصة جماعة مدغويه المصلية الذي يعود لها الفضل بإتمام أعمال المذبح الجديد، نشكرهم على التزامهم العمل بصمت وبسخاء في هذه الكنيسة المقدسة ونشكر بخاصة السيدة مرلين فتوش التي تقود هذه الجماعة منذ تأسيسها، فهذا الهيكل الذي كرسناه على اسم مريم العذراء هو ثمرة جهد هذه الجماعة. هذا الهيكل المصنوع بدقة وفن، الذي نضحناه بالماء المقدس ودهناه بالميرون المقدس أصبح الآن مقدسا وأدخل إلى قلوبنا الفرح والسرور."
واضاف " إن مريم، صاحبة هذا الهيكل، تعلمنا اليوم وتريدنا بأن نكون تلاميذا ليسوع. وكما فتحت قلبها له وحفظت كل كلمة تفوه بها، تطلب منا اليوم أن نكون بدورنا تلاميذا له. وكما التلميذ يطيع معلمه ويتمثل به ويصغي إليه ويحبه، تريدنا ايضا أن نضع حياتنا بخدمة الإنجيل وفي خدمة أبناء الإنجيل.
عندما ننظر إلى هذا الهيكل نتأمل بأيقونة العشاء السري المرسومة عليه. هذا السر العظيم الذي تركه لنا يسوع المسيح وتسلمناه منه، كعطية شخصية من إنسانيته المقدسة وكعطية تدبيره الخلاصي.
في كل مرة نحتفل بهذا السر، نذكر موت ربنا وقيامته، ونختبر حبَّه العظيم لنا، فيصير هذا الحدث حاضرا ونحن فيه حاضرون وكل مؤمن يستطيع أن يشارك فيه ويتذوق ثماره بطريقة لا تنضب. هذا هو الإيمان الذي أحيا الأجيال المسيحية على مر القرون والذي مازال يحيي حياتنا الروحية.
لكن الهيكل الذي كرسناه اليوم يبقى هيكلا من حجر، إن هيكل الله الحقيقي هو أنتم كما يقول بولس الرسول: "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ (1كور3/16). والأيقونة المرسومة على الهيكل هي أنتم، فإن سلكتم حسنًا، تستمر تلك الأيقونة السماويَّة فيكم.
إن الصلوات والتسابيح والأناشيد التي رافقت رتبة تكريس الهيكل هي نقطة البداية، فسنبقى، نحن الكهنة، نصلي معكم بفرح وحب بروح الطاعة والتواضع، لنختبر عمل الروح القدس الدائم في حياتنا. وهذا الهيكل المقدس سيجمعنا دوما بحب متبادل وفي لقاء حيّ مع الله ومع بعضنا البعض."
وتابع درويش " ومثل الفريس والعشار الذي قرأناه اليوم على مسامع محبتكم هو خير دليل لنا يعلمنا كيف نمثل أمام الله ويدلنا على الطريق الفضلى للتضرع الى الله ليرحمنا ويغفر لنا.
فخطايا العشار كانت كثيرة لكنه كان صادقا ومتواضعا في اعترافاته وإقراره بأنه خاطئ وبأنه يحتاج إلى رحمة الله ومساعدته، عاد إلى بيته مُبرَّراً دونَ ذاك الفريسي. لأَنَّ كلَّ مَن رفعَ نفسَهُ وُضع".
يتوجه اليوم يسوع ويقول لنا ما قاله للفريسي: "أود أن أراكم تحبون بعضم وترحمون بعضكم، ليس فقط أن تحافظوا على الوصايا وتقدموا الذبائح. الأحرى بكم أولا أن تقدموا حبكم للآخرين بدل أن إدانتهم، وتهتموا بما يعانيه الآخرون بدل أن تهتموا بسياساتكم الضيقة. إن استقامة الإنسان تكمن في بتواضعه وبمسامحة من أساء إليه. الإنسان المستقيم هو الذي يحتاج إلى رحمة الله ونعمته.. فلنتشبه بالعشار الذي كان يردد "اللهم ارحمني أنا الخاطئ".