أوروبا
16 كانون الثاني 2023, 11:20

تفاصيل حول زيارة البطريرك الرّاعي إلى بريطانيا

تيلي لوميار/ نورسات
في ختام زيارته إلى بريطانيا، نشرت البطريركيّة المارونيّة تفاصيل عن اللّقاءات والنّشاطات الّتي قام بها البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي في المملكة.

وفي التّفاصيل، "أنهى غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي زيارته الرّسميّة والرّاعويّة إلى العاصمة البريطانيّة لندن، وقد تضمّنت لقاءات مع مسؤولين بريطانيّين في مجلس العموم والحكومة وبعض رؤساء الدّوائر الرّسميّة المهتمّة بالشّأن اللّبنانيّ بوجهيه السّياسيّ والاقتصاديّ، إلى جانب اللّقاءات الرّاعويّة مع أبناء الرّعيّة المارونيّة وسائر أبناء الجالية اللّبنانيّة. وقد شهدت اللّقاءات الرّاعويّة هذه كثافة حضور ومشاركة من جميع اللّبنانيّين المتواجدين في العاصمة البريطانيّة لندن، بخاصّة أنّ زيارة البطريرك الرّاعي إلى تلك البلاد كانت مقرّرة منذ سنة 2019، وقد تأجّلت بسبب وباء كورونا والتّدابير الّتي رافقته وحالت دون السّفر. وفي جعبة البطريرك الرّاعي ملفّات عديدة متّصلة بالوضع اللّبنانيّ، أوّلها الأزمة السّياسيّة المتمادية المتمثّلة بفراغ سدّة رئاسة الجمهوريّة، وعدم انتخاب رئيس جديد يؤمّن انتظام الحياة الدّستوريّة في البلاد. وقد كرّر غبطته دعوته إلى القوى الدّوليّة المهتمّة بلبنان، ومنها بريطانيا، إلى مساعدته سياسيًّا لتجاوز أزمته الرّاهنة، وتجنيبه تداعيات الصّراع الإقليميّ المتفاقم. كما جدّد دعوته السّابقة إلى ضرورة تهيئة الظّروف الدّاخليّة والخارجيّة لتكريس حياد لبنان الإيجابيّ، الّذي يضمن مستقبله التّعدّديّ ضمن وحدته، ورسالته الحضاريّة التّاريخيّة في الشّرق وفي العالم كلّه، وذلك في إطار رعاية ودعم دوليّين. كما طرح البطريرك الرّاعي ملفّ الأزمة الاقتصاديّة وتداعياتها الخطيرة لجهة دفع اللّبنانيّين إلى المزيد من الهجرة، وتهديد الأرض اللّبنانيّة بإفراغها من أصحابها وسط تواجد حوالي مليوني نازح سوريّ وحوالي نصف مليون لاجيء فلسطينيّ. ويجدّد دعوته إلى المجتمع الدّوليّ لإيجاد حلّ لأزمة النّازحين السّوريّين وإعادتهم إلى سوريا حفاظًا على تراث سوريا ووحدتها وحضارتها ودورها، بالإضافة إلى تجديد المطالبة بضرورة تطبيق حقّ عودة الفلسطينيّين وفق القرارات الدّوليّة. كما عرض البطريرك الرّاعي مع المسؤولين الرّسميّين كيفيّة تطوير الدّعم الاقتصاديّ للبنان من خلال تطوير مبادرات التّنمية المستدامة، الّتي تكفل رسوخ النّاس في أرضهم في لبنان. وتتركّز هذه المبادرات في المجال البيئيّ الثّقافيّ، الّذي انطلق مع عدد من الأجهزة الرّسميّة البريطانيّة منذ سنة 2003 مع زيارة البطريرك صفير إلى لندن. وعلى الصّعيد الرّاعويّ شدّد البطريرك الرّاعي مع أبناء الرّعيّة المارونيّة على ضرورة تعزيز الرّعيّة كإطار لوحدتهم حول آباء الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة الّتي تتولّى خدمتهم مشكورة وحول جملة مشاريع تتّصل بدور الكنيسة الرّاعويّ الاجتماعيّ، ولجهة التّواصل مع أهلهم في لبنان ودعمهم، بالإضافة إلى إيجاد كنيسة جديدة أكبر تتّسع لأبناء الرّعيّة الّذين زاد عددهم. كما ركّز البطريرك مع أبناء الجالية على ضرورة إعطاء المجتمع البريطانيّ صورة لبنان الواحد، بعيدًا عن كلّ أشكال الانقسامات والخلافات السّياسيّة القائمة بين أركان الطّبقة السّياسيّة فيما الشّعب اللّبنانيّ بأكمله يواصل حياته اليوميّة المشتركة. وتضمن برنامج زيارة غبطته الأولى إلى المملكة المتّحدة لقاءات كنسيّة مسكونيّة ومقابلات إعلاميّة ولقاءات مع مؤسّسات تعليميّة جامعيّة وأخرى شرقيّة. وتكلّلت باللّقاء الجامع والعشاء الّذي دعت إليه سفارة لبنان في لندن وقد ضمّ إضافة إلى وزراء ونوّاب بريطانيّين وسفراء دول أجنبيّة، ممثّلين عن الطّوائف الإسلاميّة والمسيحيّة وعدد كبير من أبناء الجالية اللّبنانيّة. وفي كلمة التّرحيب الّتي ألقاها في مستهلّ اللّقاء قال سفير لبنان رامي مرتضى: "يشرّفني أن أرحّب اليوم بغبطة أبينا البطريرك الـ٧٧ للطّائفة المارونيّة الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الّذي شرّف هذه البلاد في زيارة راعويّة ورسميّة. كما أرحّب بالوزراء والنّوّاب والسّفراء العرب والسّفراء الأصدقاء ورؤساء الطّوائف الموجودين بيننا. إنّ الجمع المتنوّع الحاضر بيننا يؤشّر إلى الغنى في القيم الّذي يمثّله سيّدنا البطريرك بشخصه ومسيرته وكذلك بالمرجعيّة السّامية الّتي تمثّلها بكركي لجميع اللّبنانيّين. كما يمكن تلمّس الغنى في مسيرة أبينا البطريرك في الشّعار الّذي رفعه منذ انتخاب بطريركًا شعار الشّركة والمحبّة... هذا الشّعار الّذي شرحه غبطة البطريرك بأنّه علاقة أفقيّة مع الله من خلال الصّلاة والإسرار المقدّسة وعاموديّة من خلال العلاقات بين الكنيسة المارونيّة وسائر الكنائس والعائلات الرّوحيّة كافّة. وكذلك علاقات لبنان مع سائر دول المنطقة والعالم. يقوم غبطة أبينا البطريرك في هذه الأيّام بزيارة إلى المملكة المتّحدة لتفقّد رعيّته وبرعيّته أعني جميع اللّبنانيّين لأنّ بكركي هي المرجعيّة الجامعة لكلّ اللّبنانيّين. كما تساهم زيارة أبينا البطريرك في إعطاء دفع هامّ للعلاقات اللّبنانيّة البريطانيّة، تلك العلاقات المبنيّة على القيم المشتركة قيم الدّيمقراطيّة والانفتاح والتّسامح". وأضاف السّفير مرتضى: "تنقلون يا سيّدنا خلال زيارتكم هواجس وآمال وطلعات عموم اللّبنانيّين، لاسيّما في هذه الظّروف حيث يمرّ وطننا بتحدّيات جمّة بعضها من صنع أيدينا كالفراغ في سدّة الرّئاسة وهنا نأمل أن يحظى لبنان قريبًا برأس للدّولة يعيد الانتظام إلى حياتنا السّياسيّة والوطنيّة، وكذلك يواجه لبنان تحدّيات شتّى شرحتموها بشكل واف للمسؤولين البريطانيّين، كما شرحتم الصّيغة اللّبنانيّة الّتي يمكن أن تشكّل حلّاً تبحث عنه العديد من الدّول، لاسيّما في هذه الظّروف العالميّة حيث تطغي ثقافة الانغلاق والأحاديّة. بإختصار زيارتكم يا سيّدنا جلبت البركة والتّفاؤل لنا ولكافّة اللّبنانيّين القانطين في بريطانيا ويقيني أنّه ستكون لها آثار هامّة في القادم من الأيّام." وإختتم سفير لبنان في لندن: "مجدّدًا أرحّب ببطريرك الشّركة والمحبّة في سفارة لبنان في لندن وأعبّر عن فخري وسروري برؤية غبطته بيننا."  

وكان غبطته وقبيل لقاء السّفارة اللّبنانيّة قد التقى سفير بريطانيا السّابق في بيروت توم فليتشر الّذي يشغل حاليًّا منصب نائب رئيس جامعة أوكسفورد ثمّ استقبل رئيس حزب المحافظين الحاكم الوزير نديم زهاوي.

واليوم إختتم البطريرك الرّاعي زيارته إلى المملكة المتّحدة بزيارة مدينة بيرمينغهام ملبّيًا دعوة رئيس الأساقفة الكاثوليك المطران برنارد لونغلي. بدأت الزّيارة بالاحتفال بالذّبيحة الإلهيّة بحسب الطّقس المارونيّ في كنيسة الأوراتوري للقدّيس فيليب ناري بمشاركة المطران بولس صيّاح، الكاردينال مايكل فيتزجيرالد، ورئيس أساقفة المدينة. وفي عظته شدّد البطريرك على ضرورة الصّلاة من أجل الدّعوات انطلاقًا من كلام الإنجيل "إنّ الحصاد كثير أمّا الفعلة فقليلون" طالبًا من الله أن يرسل لنا دعوات على مثال القدّيسين فيليب ناري وجون هنري نيومان. بعد القدّاس جال غبطته في المبنى الّذي كان يعيش فيه القدّيس جون هنري نيومان إضافة إلى مكتبته القيّمة.  

بعد الظّهر التقى البطريرك الرّاعي برئيس أساقفة بيرمينغهام وناقشوا الوضع المسكونيّ في لبنان وعلاقة الكنيسة المارونيّة مع الكنائس الشّرقيّة، ولفت غبطة إلى العلاقات المميّزة الّتي تجمع الكنيسة المارونيّة بسائر الكنائس الشّرقيّة مشدّدًا على ضرورة الحفاظ على لبنان كنموذج للعيش المشترك المسيحيّ- المسيحيّ والمسيحيّ- الإسلاميّ. وفي ختام اللّقاء وجّه غبطة البطريرك دعوة لرئيس الأساقفة لزيارة لبنان في فصل الصّيف. ثمّ توجّه البطريرك إلى كاتدرائيّة القدّيس تشاد بحيث ترأّس الصّلاة المسكونيّة مع رؤساء الكنائس المحلّيّة في المدينة، وفي ختام اللّقاء ألقى غبطته كلمة شكر فيها رئيس الأساقفة على الدّعوة وقدّم له أيقونة العذراء سيّدة لبنان كعربون شكر وشراكة روحيّة."