العالم
22 تشرين الثاني 2024, 10:40

تدرس الكنيسة تاريخها لتعيش الإيمان بشكل أفضل اليوم

تيلي لوميار/ نورسات
يتأمّل مدير تحرير "فاتيكان نيوز" في رسالة البابا فرنسيس، التي صدرت يوم الخميس 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، والتي تدعو اللاهوتيّين إلى دراسة تاريخ الكنيسة بعمق، حتّى يتمّ الكشف عن أعمال الروح القدس بالكامل، كتبت "فاتيكان نيوز".

 

يُقال إنّ القدّيس فيليب نيري اعتاد أن يقول لصديقه سيزار بارونيو، مؤسّس التأريخ الكاثوليكيّ الحديث: "تعال مرّة واحدة على الأقلّ في الشهر لتعليم تاريخ الكنيسة لطلّابنا، لأنّهم لم يعودوا يعرفون ذلك. وإذا كانوا لا يعرفون التاريخ، فلن يعرفوا الإيمان في النهاية".

هذا التركيز على دراسة التاريخ هو أكثر أهمّيّة من أي وقت مضى، كما أبرز البابا فرنسيس في رسالته التي نشرت يوم الخميس، بعنوان "تجديد دراسة تاريخ الكنيسة".

يفيد البابا فرنسيس في رسالته المذكورة، بأنّ دراسة تاريخ الكنيسة هي وسيلة للحفاظ على الذاكرة وبناء المستقبل، وكذلك أفضل طريقة لتفسير الواقع الذي يحيط بنا.  

"إنّ تثقيف الأجيال الشابّة للغوص في الماضي، ومقاومة الشعارات المفرطة في التبسيط، والتنقّل عبر متاهة الملايين من المواد "الإخباريّة" - غالبًا ما تكون خاطئة أو متحيّزة أو غير مكتملة - هي مهمّة تشملنا جميعًا"، قال القدّيس فيليب نيري. هذه الكلمات تؤكّد العلاقة الفريدة بين الإيمان المسيحيّ والتاريخ.

إنّ تجسّد ابن الله وموته وقيامته هو حدث قسم التاريخ البشريّ إلى "قبل" و "بعد". الإيمان الكاثوليكيّ ليس، قبل كلّ شيء، فكرة أو فلسفة أو أخلاق. هو علاقة وحياة وواقعيّة وتاريخ.

نحن مسيحيّون بسبب شهادة متوارثة من جيل إلى جيل. يقودنا تتبّع هذه السلسلة إلى الوراء إلى الشهود الأوائل - الرسل - الذين شاركوا يسوع حياته العامّة بأكملها.

هذا الحبّ للتاريخ، مصحوبًا بمنظور الإيمان، يسمح لنا أيضًا بفحص صفحات الكنيسة الأقلّ نبلًا والأكثر قتامة.

"ادرسوا من دون تحيّز، لأنّ الكنيسة لا تحتاج إلى الأكاذيب ولكن فقط إلى الحقيقة"، قال البابا ليو الثالث عشر عندما افتتح ما كان يعرف آنذاك بأرشيف الفاتيكان السرّيّ في عام 1889.

من الواضح أنّ دراسة التاريخ تضعنا على اتّصال بـ"لطخات" الماضي و"تجاعيده".

يشرح البابا فرنسيس في رسالته أنّ "تاريخ الكنيسة يساعدنا على رؤية الكنيسة الحقيقيّة وحبّ الكنيسة كما هي موجودة حقًّا، وحبّ ما تعلّمته وما زالت تتعلّمه من أخطائها وإخفاقاتها".

إن وعي الكنيسة حتّى لِأحِلَكِ لحظاتها، يمكّنها من فهم "اللطخات والجروح" في عالم اليوم.

لا علاقة لوجهة نظر البابا بأيّ شكل من أشكال المسعى الدفاعيّ الذي يجهد في تقديم واقع مثاليّ، كما لا علاقة له بميول أيديولوجيّة تصوّر الكنيسة على أنّها بالوعة من الشرّ.

في الواقع، إذا تمكّنت الكنيسة من مواجهة كلّ جانب من جوانب ماضيها بصدق، فمن المرجّح أن تظلّ متواضعة لأنّها تدرك أنّ البشريّة مخلَّصة من قبل الربّ، وليس من خلال استراتيجيّات التسويق الرعويّ أو بروز أي فرد.