العالم
16 أيلول 2024, 09:30

تحيّة البابا فرنسيس للحرّيّة الدينيّة في الإخلاص للقانون من جامعة سنغافورة

تيلي لوميار/ نورسات
ألقى البابا في المركز الثقافيّ لجامعة سنغافورة الوطنيّة، كلماته العامّة الأولى على الأراضي السنغافوريّة أمام ألفٍ من الممثّلين السياسيّين والثقافيّين والاقتصاديّين المؤثّرين من هذه المنطقة من آسيا. وفي خطاب دبلوماسيّ ومتوازن يعكس صورة المدينة، أشاد فرنسيس بفضائل "الحوار البنّاء" بين السلطات والأديان، وهو "شرط أساسيّ للتنمية التي لا تكون متعارضة أو فوضويّة، بل متوازنة ومستدامة"، وفق ما نقلت "فاتيكان نيوز فرنسيّة".

 

قال  البابا فرنسيس إنّ سنغافورة هي مرآة النجاح والاستقرار الذي لا يمكن إنكاره. ومن أجل تحقيق "هذه البراعة البشريّة" و"بصيرة روح المبادرة" الخصبة للغاية هنا، شرعت الدولة المدينة في الإدماج الإيجابيّ للأديان في المجتمع، كما ذكّر البابا، مستشهدًا بحياد السلطات العامّة "المنخرطة في حوار بنّاء مع الجميع، يسمح لكلّ فرد بتقديم مساهمته الخاصّة في الصالح العامّ وعدم السماح للتطرّف أو التعصّب بأن يكتسبا القوّة ويعرّضا السلام الاجتماعيّ للخطر.

ربّما يكون هذا نموذجًا، وهو استثناء إقليميّ بالتأكيد، في جنوب آسيا وشرقها، حيث لا توجد ديمقراطيّات كثيرة، وحيث السلام الاجتماعيّ والإقليميّ سلعة نادرة.

وهكذا، ذكّر فرنسيس كيف أنّ "الاحترام المتبادل والتعاون والحوار وحرّيّة إعلان الإيمان بالإخلاص للقانون العامّ هي التي تحدّد شروط النجاح والاستقرار الذي حقّقته سنغافورة، وهي شروط أساسيّة لتنمية غير فوضويّة، ولكن متوازنة ومستدامة".

 

أبدى البابا إعجابه "بغابة ناطحات السحاب الحديثة التي تبدو وكأنّها ترتفع من البحر"، وشدّد على ضرورة وضع العدالة الاجتماعيّة والصالح العامّ في قلب التنمية العالية للدولة المدينة... وحذّر السنغافوريّين من مخاطر "قدر معيّن من البراغماتيّة وتمجيد الجدارة": وهذا يعني العواقب غير المقصودة لإضفاء الشرعيّة على استبعاد أولئك الذين هم خارج فوائد التقدّم.

 

وعشيّة زيارةٍ لكبار السنّ في دار القدّيسة تريزا للتقاعد والاستراحة في مرتفعات المدينة، دعا البابا إلى إيلاء اهتمام خاصّ للمسنّين وكذلك لحماية كرامة العمّال المهاجرين، وضمان راتب عادل لهم. وفي شرق آسيا الذي يعاني من شيخوخة سكّانيّة، أكّد البابا الأهمّيّة الاجتماعيّة للأسرة: يجب أن تدعمها المؤسّسات وتعزّزها وتحميها. وتحدّث عن الأزمات البيئيّة، داعيًا إلى إيجاد حلول مبتكرة لمواجهة هذا التحدّي المناخيّ، مع مساعدة البلدان الأخرى في المنطقة على أن تحذو حذو سنغافورة.

وفقًا لتعليم الكنيسة، الخبيرة في الشؤون الإنسانيّة، ذكّر فرنسيس أيضًا بالحاجة إلى "تنمية علاقات إنسانيّة ملموسة" لا تبتلعها تقنيّات العصر الرقميّ المتطوّرة والتطوّرات السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعيّ.

وفي مدينة التكنولوجيا المبنيّة على ثروات ماليّة غير ملموسة، يريد أن تعمل هذه الأدوات على التقريب بين الناس، وليس عزلهم "في واقع وهميّ وغير ملموس".

 

ووفقًا للبابا، فإنّ سنغافورة لديها أيضًا دور محدّد تلعبه في النظام الدوليّ، الذي تهدّده الصراعات والحروب الدمويّة. وأعرب البابا عن ابتهاجه "لأنّها عزّزت التعدّديّة بشكل جدير بالاهتمام"، من خلال جدليّة مصقولة "لا تستثني أو تقيّد المصالح الوطنيّة".

"ابدأ بالقيام بما هو ضروري، ثم بما هو ممكن. "وفجأة ستجد نفسك تفعل المستحيل،" اختتم البابا الأرجنتينيّ، وهو يضع القليل من روح فقير أسّيزي.