لبنان
01 نيسان 2021, 09:55

تأمّل من وحي خيانة الإسخريوطيّ بقلم الأب طوني غانم الأنطونيّ

تيلي لوميار/ نورسات
على ضوء خيانة يهوذا الإسخريوطيّ ليسوع، وعشيّة الآلام، تأمّل الأب طوني غانم الأنطونيّ بآلام يسوع المسيح، ورفع إليه صلاته كاتبًا السّطور التّالية:

"ها هم يأخذون يسوع إلى الجلجثة.. ها هم يسوقونه للصّلب!  

ووسط هذا الحشد سِرت أنا أيضًا.. سِرت ورائه.

فلقد دعاني يوما مًا.. دعاني لأن أتبعه.. دعاني لأكون أحد رسله.. ولأحمل رسالته للآخرين.  

سرت في الطّريق مع هذه الجموع… ورأيتك يا سيّدي تسقط وجبنت أن أتقدّم لأحمل صليبك.. فكان هناك قيراونيًّا آخر..  

رأيتك يا معلّمي تبكي.. وخفت أن أندفع لأجفّف دمعك.. فجاءت إحدى بنات أورشليم ومسحت الوجه.. سمعت الحشود تصرخ..لا هذا بل برأبا.. فصرخت معهم وزِدتُ فلا ملك إلّا القيصر.. رئيس هذا العالم... رأيتك يا سيّدي مسمّرًا... وتردّدت في أن أساعد أو أمنع ولكن كان الجند أسرع منّي فوقفت متفرّجًا..  

رأيتك يا ربّ معلّقًا.. وردّدت مثل الآخرين.. لو كنت إبن الله فخلّص نفسك..  

أرني آية لكي أؤمن بك.. أرني آية يا صانع الأعاجيب.

سمعتك تصرخ عطشًاً.. وفهمت أنّه عطش جسدانيّ ولم أفهم أنّه عطش للأنفس فأعطيتك خلّاً ممزوجًا بمرارة مع قلب خائن في جسد شهوانيّ..  

سمعتك تصرخ صرختك المدويّة "إلهي.. إلهي... لماذا تركتني"، فقلت إنّ الله قد تركك هو أيضًا.. فلا سبيل للخلاص وها أنا أتركك أيضًا..

يا معلّم، جئتك أنا الإسخريوطيّ تائبًا حتّى ولو لم تسطّره الكتب المقدّسة.  

عجيب أنت في حبّك.. ولكن ليس في هذا عجبًا.. لأنّك أنت هو الحبّ..  

وأردت أن تموت كما عشت محبًّا بغير شروط..  

يا أبت القدّوس.. يا معلّم الحبّ.. أرفع إليك صلاتي.. حديثي.. مأساتي..

إنّي لن أطلب منك آية.. بل أن ترحمني أنا الخاطئ.  

يا من أذقتني حلاوة القرب منك أريدك الآن أن تشعرني بلمسات يدك المعزّية.  

عنايتك بي ستطيح بيأسي.. همسك سينسيني الخوف.. رحمتك ستجذبني.. ونور قبرك الفارغ رجاء لا ينطفئ لي.  

ساعدني يا معلّمي لكي أعود إليك بعد أن أسلمت نفسي لعدوّ الحبّ.  

يا معلّمي.. ساعدني فأنا مسكين إذا ابتعدت عنّي، وشقيّ وبائس لو فارقتني حمايتك.. وتعيس لو فقدت حبّك وحنانك.  

ها أنا سأتبعك وأموت لعلّي ألتقي بك في الفردوس فإلى أن نلتقي يا من سرّت به نفسي."