الأراضي المقدّسة
03 شباط 2023, 14:50

بيتسابالا: يكون المسيحيّون نورًا طالما يبقون مرتبطين بمصدر النّور أيّ الرّبّ

تيلي لوميار/ نورسات
عشيّة الأحد الخامس من الزّمن العاديّ، تأمّل بطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا بإنجيل متّى (٥: ١٣– ١٦)، فلفت إلى أنّه "بعد إعلان التّطويبات (متّى ٥: ١– ١٢)، وهو الأسلوب الجديد والمدهش الّذي بموجبه يعيش التّلاميذ وجودهم، يتعامل يسوع في خطابه الأوّل مع أمر آخر هو الدّور الّذي يلعبه التّلاميذ في العالم، بين البشر"، وتساءل: "ما هي هويّتهم وما هي رسالتهم؟".

وتابع موضحًا بحسب موقع البطريركيّة: "يكمن الجواب في نصّ إنجيل الأحد الخامس من الزّمن العاديّ (متّى ٥: ١٣– ١٦)، في استعارتين معبّرتين هما الملح والنّور: التّلاميذ هم ملح الأرض ونور العالم.

كلا العنصرين لا يصلحان لشيء بمفردهما: الملح وحده لا يُؤكَل والنّور لا يُرى. النّور يسمح للإنسان بالرّؤية إلّا أنّه ليس واقعًا مرئيًّا.

كلاهما يخدمان أمرًا خارجًا عنهما. يُستخدم الملح لحفظ وتحسين طعم الأشياء الّتي يرشّ عليها، بينما النّور يُستخدم لرؤية الأشياء الّتي يقع عليها.

وعليه، ثمّة رابط انتماء مشترك يشير إليه يسوع في كلامه: الملح هو ملح الأرض والنّور هو نور العالم. كما لو كان يقول: إنّ الملح والنّور يحتاجان إلى الأرض والعالم ليكونا ما عليهما والعكس بالعكس.

وعليه، يمكننا القول إنّ معنى حضور التّلاميذ والكنيسة يكون بارتباطهم مع النّاس ومن أجل الجميع والعالم.

إنّ فُقدان هذا الرّابط سيُفقد التّلاميذ معنى رسالتهم.

يُحذّر يسوع من هذا الخطر حينما يتكلّم عن إمكانيّة فقدان الملح طعمه وعن احتمال أن يُصبح النّور غير فعّال: عندما يتوقّف التّلاميذ عن كونهم هبة من أجل الآخرين ويقرّرون العيش لأنفسهم، هم لا يتوقّفون فقط عن الخدمة بل يموتون.

كيف يمكن حدوث ذلك؟ يشير النّصّ إلى إمكانيّتين.

إذا أراد الملح أن يملّح يجب أن يكفّ عن كيانه المرئيّ وأن يمتزج مع الطّعام. عليه أن يذوب تاركًا طعمه وأثره فقط. أمّا النّور فهو ما يجعل الأمور الأخرى مرئيّة، وعليه لا يمكنه أن "يبقى مخفيًّا".

الإمكانيّة الأولى لأن يفقد الإنسان معنى وجوده يكون عند خوفه من تلويث نفسه وفقدانها ومن الإقبال على ملاقاة الآخر، وعندما يبقى منغلقًا في حدود أفكاره وحياته.

قد يتوهّم التّلميذ أنّه بذلك يحمي نفسه، إلّا أنّ الواقع هو العكس تمامًا. بهذه الطّريقة هو يفقد معنى وجوده. يقول يسوع هنا إنّه عند حدوث ذلك لا يعود الملح صالحًا بل يُطرح خارجًا ويدوسه النّاس. أيّ سيحتقر النّاس التّلاميذ الّذين كان يجب أن يكونوا ملحًا يُعطي طعمًا لحياة الآخرين، لأنّ هؤلاء التّلاميذ من دون فائدة.

من ناحية أخرى، نتوقّف عن كوننا نورًا حينما لا نُقدّم للنّاس نظرة جديدة إزاء الأمور والحياة والتّاريخ. وعندما لا تختلف طريقة رؤيتنا عن غيرنا في العالم، سيبقى النّور الحقيقيّ مخفيًّا وسنتوقّف عن تقديم شهادتنا على الخلاص الّذي طالنا.

يكون المسيحيّون نورًا طالما يبقون مرتبطين بمصدر النّور، أيّ الرّبّ. إن حصل ذلك، ستصبح حياتهم وحيًا لحياة الآب. تتحدّث الكلمات الأخيرة في النّصّ عن حياة قادرة على قول شيء آخر مختلف عن الذّات. مَنْ يراهم سيُميّز فيهم عمل الآب وروحه وسيمجّده.

"هَكَذا فَليُضِئ نورُكم للنّاس، لِيَروا أَعْمالَكُم الصّالِحة، فَيُمَجّدوا أباكُم الّذي في السَّموات"."

وأنهى بيتسابالا تأمّله مستخلصًا أن "هذا هو المذاق الطّيّب والنّور الحسن لحياة التّلميذ".