الأراضي المقدّسة
09 آب 2023, 08:45

بيتسابالا في إنجيل تجلّي الرّبّ: موضوع الإصغاء أمر مركزيّ

تيلي لوميار/ نورسات
في تأمّل خاصّ بعيد تجلّي الرّبّ لتلاميذه على جبل طابور، يشير بطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا إلى أنّ "حادثة التّجلّي تحدث لمن يصغي".

ولفهم أعمق لهذا الكلام، إليكم ما يقوله نقلاً عن موقع بطريركيّة القدس للّاتين:

"يؤكّد إنجيل متّى في عدّة مقاطع على ضرورة الإصغاء، باعتباره أساسيًّا ومركزيًّا في اختبار الإيمان.

إنّه يفعل ذلك في كلّ مرّة يستشهد بنصوص العهد القديم، وغالبًا ما يفعل ذلك، ليشير إلى أنّ الإنجيل هو كلمة يتمّ الاستماع إليها أوّلاً وقبل كلّ شيء: كلمة يتمّ الاستماع إليها بعمق لتحقيق غايتها النّهائيّة.

ولكنّه يفعل ذلك أيضًا عندما يشير إلى ضرورة الإصغاء كموقف يحدّد طريق المؤمن.

على سبيل المثال، في ختام العظة على الجبل، عندما قال يسوع: "فمثل من يسمع كلامي هذا فيعمل به كمثل رجل عاقل بنى بيته على الصّخر" (متّى 7: 24).

أو إلى مثل الزّارع (مت 13)، الّذي عُرض علينا الأحد الماضي: كلّ مثل، بعد كلّ شيء، يُبنى على الإصغاء، أو بالأحرى إلى أن نفتح القلب لاستقبال وحفظ بذرة الكلمة؛ هذا هو الكنز الحقيقيّ، اللّؤلؤة الثّمينة.

إذن، الإصغاء هو الموقف الصّحيح للتّلميذ، ولكن ليس هذا فقط: في الفصل 8، يخبرنا متّى عن يسوع كيف أسكن العاصفة بكلمة. وبعد ذلك مباشرة أمر جيش الشّيطان بالانتقال إلى الخنازير، فيطيعه. لا شيء يقاوم الكلمة، إن لم يكن حرّيّة الإنسان: كذلك (متّى 12، 41-42)، يوبّخ يسوع الكتبة والفرّيسيّين الّذين يطلبون آية، مذكّرًا إيّاهم بأنّ سكّان نينوى قد اهتدوا ليس لأنّهم رأوا الآيات، ولكن لسماعهم كلام يونان. وهكذا ملكة الجنوب بكلمة سليمان.

فليسمع من له أذنان (متّى 11:15؛ 13:43): إنّها لأزمة تتكرّر عدّة مرّات.

لماذا هذه المقدّمة الطّويلة؟

لأنّه حتّى في مقطع اليوم (متّى 17، 1 - 9) إنّ موضوع الإصغاء أمر مركزيّ.

يصعد يسوع جبلاً، المكان الّذي يظهر فيه الله بامتياز، حيث يتكلّم الله.

لأنّه حتّى يسوع هو فوق كلّ شيء من يستمع، ومن يقبل، ويطيع.

وهذا ما يؤكّده أيضًا وجود موسى وإيليّا على جبل التّجلّي بجانب يسوع: يسوع على اتّصال دائم بالكتب المقدّسة، بكلّ ما قاله الله، لأنّ كلّ شيء فيه قد تمّ.

لذلك على الجبل، حيث صعد يسوع ليستمع، يتكلّم الآب.

إنّه يعيد ما قاله في المعموديّة (متّى 3: 17)، يتحدّث عن الابن، "هذا هو الابن الحبيب الّذي عنه رضيت" ويضيف: "فله اسمعوا" (متّى 17، 5).

يمكننا أن نقول إنّ حادثة التّجلّي تحدث لمن يصغي: اللّقاء مع الآب، العلاقة البنويّة معه، لا يمكن أن يفشل في تغيير الحياة وجعلها تدريجيًّا ما يُدعى أن تكون عليه حياة كلّ شخص: مكان حضور الله، هيكل لروحه ومجده.

لكن إلى ماذا نصغي؟

بُنيت قصّة التّجلّي على حادثة ظهور الله على شكل كثافة غمام كما ذكر في الفصل 19 من سفر الخروج. هناك العديد من العناصر الّتي نتذكّرها: الجبل، السّحابة، الملابس، الخوف ...

هناك أيضًا، في سيناء يتكلم الله، ويتحدّث بصوت قويّ، مثل قرن عالٍ يجعل الأرض ترتجف، ويشعل النّار في الجبل...

لكن الأمور تتغيّر على جبل التّجلّي: يتكلّم الله ليقول استمعوا إلى الابن. إنّ كلمة الله القويّة، كلمته الخلّاقة، تُعطى لنا الآن بصوت إنسان، في ضعف التّجربة البشريّة.

من بين أمور أخرى، رجل في طريقه إلى القدس، حيث لن يرفع صوته، لن يفرض نفسه، ولن يحكم على أحد، بل سيدخل صمت الموت الكبير ليقول ما لا تكفي الحياة لقوله، أيّ أنّ محبّة الآب للابن الحبيب هي محبّة للجميع.

تمامًا مثل إيليّا، الشّاهد الآخر للتّجلّي، الّذي اختبر أيضًا ظهوره في الفصل 19 من سفر الملوك الأوّل: إنّه أيضًا يتسلّق الجبل، أمام الرّبّ، ويتكلّم الله له أيضًا، وليس بصوت الرّعد، ليس بصوت عال، بل بصوت نسيم عليل (ملوك الأول 19: 12).

هكذا هو صوت الابن الحبيب: كلمة نور كبذرة، ثمينة ككنز، قويّة كالحبّ".