الأراضي المقدّسة
07 تشرين الأول 2022, 11:15

بيتسابالا: الإيمان هو وليد صلاة التّضرّع ويكتمل في صلاة التّمجيد والامتنان

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما لفت إليه بطريرك القدس للّاتين في تأمّله بنصّ إنجيل لوقا ١٧: ١١– ١٩، عشيّة الأحد الثّامن والعشرين من الزّمن العاديّ، فيقول بحسب موقع البطريركيّة الرّسميّ:

"في الأحد الماضي طلب التّلاميذ من يسوع أن يقوّي إيمانهم (لوقا ١٧: ٦). بالنّسبة ليسوع، كما رأينا، ليس من المهمّ مقدار الإيمان، طالما كان حيًّا مثل حبّة الخردل الّتي تنمو وتصبح شجرة تحمل ثمارًا.

اليوم (لوقا ١٧: ١١– ١٩)، وفي طريقه إلى أورشليم، يلتقي يسوع بمجموعة من الأشخاص ويميّز في أحدهم إيمانًا عظيمًا قادرًا على منحه الخلاص.

من هذا اللّقاء نستشفّ تعليمًا مزدوجًا ليسوع.

أوّلًا، يتكلّم يسوع عمّا هو الإيمان.

إنّ المعجزة الّتي وردت في نصّ اليوم مميّزة جدًّا، تتناول قصّة عشرة من البُرص يطلبون الشّفاء من يسوع. في ردّه على طلبهم، لا يقوم يسوع بأيّ حركة ولا ينطق بكلمة يحقّق من خلالها الشّفاء، بل يرسلهم ببساطة لمقابلة الكهنة.  

يمتلك البُرص العشرة إيمانًا في يسوع إلى حدّ طلب الشّفاء منه.  

كما يمتلكون إيمانًا إلى حدّ انطلاقهم نحو الكهنة حتّى قبل أن يروا أنّهم قد برئوا.

غير أنّ واحدًا منهم فقط لديه إيمان يخلّصه، أيّ أنّ لدى هذا الشّخص إيمان يصل إلى الكمال والنّضوج.

الإيمان المُخلِّص هو إيمان ذلك الشّخص، الّذي بعدما أن رأى أنّه برئ، رجع إلى يسوع ليقوم بأمرين؛ العبادة والشّكر. الإيمان المُخلِّص هو تعبير المرء عن إيمانه واعترافه بيسوع الّذي أبرأه، كما هو تقديم الشّكر (لوقا ١١: ١٦)، وتمجيد الله بأعلى صوته للتّعبير عن فرحة شديدة (لوقا ١١: ١٥).  

يمكننا القول إنّ الإيمان هو الطّريق الّذي يرجعنا باستمرار إلى المكان الّذي نختبر فيه الخلاص، والّذي يعتمد على الامتنان المستمرّ ويندهش باستمرار بالهبة الّتي تلقّاها.

وعليه لا يوجد أحد قبل يسوع كان قد منح الحياة مرّة أخرى.

أمّا البرص التّسعة الآخرون، وبعدما رأوا أنّهم برئوا، واصلوا سيرهم نحو الكهنة، ذلك لأنّ الكهنة هم من يؤكّدون عمليّة الشّفاء ليتمكّن كلّ من أصيب بالعدوى من العودة إلى المجتمع.

بالنّسبة إلى البرص التّسعة يبدو أنّ هذا الأمر يحمل أهمّيّة وضرورة أكبر من تقديم الشّكر ليسوع، وبطريقة ما يبقون محتجزين داخل إطار شفائهم.

يغادر السّامريّ ولا يهتمّ لإعلان شفائه، لأنّ الضّروريّ ببساطة هو تمجيد الله. كلّ شيء آخر يأتي فيما بعد أو يزول.  

يمكننا القول إذًا إنّ الإيمان هو وليد صلاة التّضرّع ويكتمل في صلاة التّمجيد والامتنان. وبالعودة إلى إنجيل الأحد الماضي يمكننا القول إنّ الإيمان يتمثّل بحبّة الخردل، وإن كانت صغيرة إلّا أنّها حيّة ومتينة وقادرة على اقتلاع شجرة توتة وغرسها في البحر (لوقا ١٧: ٦).

أمّا التّعليم الثّاني فيتعلّق بالتّلميذ، وهنا يُقدّم يسوع نموذجًا عن المؤمن.

إنّ الشّخص الوحيد الّذي عاد ليشكر يسوع لم يكن من الشّعب المختار مع جميع المقوّمات الضّروريّة ليتمكّن من عبادة الله بطريقة صحيحة.

بالعكس كان سامريًّا أو بمعنى آخر هرطوقيًّا ومنشقًّا يُنظر إليه على أنّه وثنيّ.

يرى يسوع في هذا الشّخص إيمانًا عظيمًا.

وعليه، مرّة أخرى، نسمع أنّ المؤمن لا يُمَيّز من خلال عرقه أو عشيرته أو التزامه بالتّعاليم أو مكانته أو إعلانه الكامل للإيمان بل من خلال حركة شخصيّة للقلب وقدرته على الثّقة بالرّبّ وشكره."