الفاتيكان
30 تشرين الأول 2023, 08:50

بهذه الكلمات ابتهل البابا فرنسيس إلى مريم العذراء من أجل السّلام!

تيلي لوميار/ نورسات
في وقفة الصّلاة من أجل السّلام الّتي ترأّسها مساء الجمعة في بازيليك القدّيس بطرس، والّتي تخلّلها صلاة مسبحة الورديّة وسجود للقربان المقدّسة، كانت للبابا فرنسيس صلاة تضرّع فيها إلى مريم العذراء قائلاً: "يا مريم، أنظري إلينا! نحن هنا أمامك. أنت أمّ، وتعرفين تعبنا وجراحنا. أنت، يا ملكة السّلام، تتألّمين معنا ومن أجلنا، إذ ترين الكثير من أبنائك تمتحنهم الصّراعات، وتحزنهم الحروب الّتي تمزّق العالم".

وتابع صلاته بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّها ساعة مُظلمة، وفي هذه السّاعة المظلمة، نغوص في عينيك المنيرتين ونوكل أنفسنا إلى قلبك الحسّاس لمشاكلنا، والّذي لم يُستثن من القلق والمخاوف: كم من القلق عندما لم يكن هناك مكان ليسوع في المضافة، كم من الخوف عندما هربتم مسرعين إلى مصر لأنّ هيرودس أراد أن يقتله، كم من الألم عندما ضيّعتماه في الهيكل! ولكنّك كنت شجاعة ومقدامة في المحن: وثقتِ بالله وأجبتِ على القلق بالعناية، وعلى الخوف بالحبّ، وعلى الألم بالتّقدمة. لم تتراجعي أبدًا، ولكن في اللّحظات الحاسمة أخذتِ المبادرة: بسرعة ذهبتِ إلى أليصابات، وفي عرس قانا، حصلتِ من يسوع على المعجزة الأولى، وفي العلّيّة حافظتِ على التّلاميذ متّحدين. وعندما على الجلجلة اخترق سيف نفسك، أنتِ، أيّتها المرأة المتواضعة والقويّة، نسجتِ ليل الألم برجاء فصحيّ.

الآن، أيّتها الأمّ، بادري مرّة أخرى من أجلنا، في هذه الأزمنة الّتي تمزّقها الصّراعات وتدمّرها الأسلحة. أميلي نظرك الرّحوم إلى العائلة البشريّة، الّتي ضيّعت درب السّلام، والّتي فضَّلَت قايين على هابيل، والّتي إذ فقدت حسّ الأخوّة، لم تعد تجد جوّ البيت مرّة أخرى. تشفّعي لعالمنا الّذي يعيش في خطر واضطراب. علّمينا أن نقبل الحياة– كلّ حياة بشريّة!– ونعتني بها وننبذ جنون الحرب الّتي تزرع الموت وتمحو المستقبل.

يا مريم، لقد جئتِ للقائنا مرّات عديدة، طالبة الصّلاة والتّوبة. أمّا نحن، إذ كنّا مأخوذين باحتياجاتنا وتشغلنا العديد من المصالح الدّنيويّة، صممنا آذاننا عن دعواتك. أمّا أنتِ الّتي تحبّيننا لا تتعبي أبدًا منّا. إمسكينا بيدنا، وأرشدينا إلى التّوبة، واجعلينا نعيد الله إلى المقام الأوّل في حياتنا. ساعدينا لكي نحافظ على الوحدة في الكنيسة ولكي نكون صانعي شركة في العالم. ذكّرينا بأهمّيّة دورنا، واجعلينا نشعر أنّنا مسؤولين عن السّلام، ومدعوّين للصّلاة والعبادة، وللتّشفّع والتّعويض من أجل الجنس البشريّ بأكمله.

لا يمكننا أن ننجح بمفردنا، وبدون ابنك لا نستطيع أن نفعل شيئًا. لكنّكِ تُعيديننا إلى يسوع، الّذي هو سلامنا. لذلك، يا أمّ الله وأمّنا، نأتي إليك، ونبحث عن ملجأ في قلبك الطّاهر. نطلب الرّحمة يا أمّ الرّحمة؛ والسّلام يا ملكة السّلام! هزّي نفوس الّذين تُقيِّدهم الكراهيّة، وحوّلي الّذين يؤجّجون الصّراعات ويثيرونها. جفّفي دموع الأطفال، وساعدي الأشخاص الوحيدين والمسنّين، أُعضدي الجرحى والمرضى، احمي الّذين اضطرّوا إلى مغادرة أرضهم وأحبّائهم، عزّي المحبطين، وأيقظي الرّجاء.

نوكل إليك ونكرّس لك حياتنا، وكلّ جزء من كياننا، كلّ ما لدينا وما نحن عليه، إلى الأبد. نكرّس لكِ الكنيسة لكي تكون، من خلال شهادتها للعالم لمحبّة يسوع، علامة انسجام وأداة سلام. نكرّس لكِ عالمنا، ولاسيّما البلدان والمناطق الّتي تعيش في حالة حرب. إنَّ الشّعب الأمين يدعوكِ فجر الخلاص، إفتحي لنا أيّتها الأمُّ بصيص نور في ليل الصّراعات. أنت، يا مسكن الرّوح القدس، ألهمي قادة الأمم دروب سلام. أنت، يا سيّدة جميع الشّعوب، صالحي أبناءك، الّذين أغواهم الشّرّ، وأعمتهم السّلطة والكراهيّة. أنت القريب من كلّ فرد منّا، قصّري مسافاتنا. أنت، الّتي تتعاطف مع الجميع، علّمينا أن نعتني بالآخرين. أنتِ يا من تُظهرين حنان الربّ، اجعلينا شهودًا لتعزيته. أنت، يا ملكة السّلام، أُسكبي تناغم الله في قلوبنا، آمين".