العالم
23 كانون الأول 2021, 09:45

برتلماوس الأوّل وجّه رسالة الميلاد، ماذا في مضمونها؟

تيلي لوميار/ نورسات
عند سرّ التّجسّد وانعكاسه على حياة الكنيسة توقّف بطريرك القسطنطينيّة المسكونيّ برتلماوس الأوّل في رسالة عيد الميلاد الّتي توجّه بها إلى المؤمنين مؤكّدًا بحسب "فاتيكان نيوز"، أنّ "تمجيدنا اسم الله مجدَّدًا مع حلول هذا العيد المنير، عيد ميلاد مخلّصنا المسيح في الجسد حيث جاء من العلى ليزورنا. التّجسّد باعتباره تتويجًا لخلاصنا والسّرّ الأبديّ للشّركة الإلهيّة البشريّة. وأضاف أنّ التّجسّد ومع إبراز حقيقة الله يكشف المصير الأخير للإنسان، تقديسنا بالنّعمة. وذكَّر في هذا السّياق بالحديث عن المسيح من وجهة النّظر اللّاهوتيّة باعتباره أوّل من كشف الإنسان الحقيقيّ والكامل. ومنذ ذلك الوقت فإنّ مَن يحترم الله يجب أن يحترم الإنسان أيضًا، ومَن يسيء إلى الإنسان فإنّه يهين الله الّذي صار مثلنا. وواصل برتلماوس الأوّل في المسيح فإنّنا حين نتحدّث عن الله نتحدّث في الوقت عينه عن الإنسان، وأنّ التّجسّد قد أزال نهائيًّا صورة الله وكأنّه طاغية يعاقب الإنسان ويخاصمه. المسيح هو في كلّ مكان ودائمًا وفي كلّ شيء إنكار لإنكار الإنسان وحامي حرّيّة البشر.

واصل البطريرك المسكونيّ أنّ حياة الكنيسة، باعتبارها جسد ابن الله المتجسّد وكلمة الله، تمثّل وتعبِّر عن وتخدم سرّ الخلاص هذا. الكنيسة تقدّم اليوم الشّهادة أمام كلّ تطوّر يهدّد قدسيّة الشّخص البشريّ وسلامة الخليقة. إنّها تعيش وتعظ حقيقة حياة روحيّة صادقة وثقافة محبّة وتضامن. تشهد الكنيسة للرّجاء الّذي في قلوبنا ولا تنظر إلى الحضارة المعاصرة وكأنّها نينوى خاطئة أخرى طالبة غضب الله عليها، بل تكافح الكنيسة من أجل تحوّل الثّقافة في المسيح. وأشار غبطة البطريرك هنا إلى حاجتنا في زمننا هذا إلى مخيّلة رعويّة وحوار لا جدال، إلى مشاركة لا امتناع، إلى أعمال ملموسة لا نظريّات مجرّدة، إلى تقبّل مبدع لا رفض عامّ. ويكشف هذا كلّه الوحدة الوثيقة بين ما نسمّيها بالأبعاد الرّأسيّة والأفقيّة لحضور الكنيسة وشهادتها. وأضاف برتلماوس الأوّل أنّ الأمانة لتقاليد الكنيسة ليست تحجّرًا في الماضي بل الاستفادة من خبرات الماضي بشكل مبدع من أجل الحاضر.

إنتقل بطريرك القسطنطينيّة المسكونيّ بعد ذلك للحديث عن السّنة الأخيرة الّتي أزعجت فيها جائحة كوفيد 19 البشريّة، وقال إنّنا نمجّد ربّ الرّحمة الّذي دعم المتخصّصين والعلماء في توصّلهم إلى لقاحات فعّالة وأدوية أخرى لمواجهة هذه الأزمة. وتابع داعيًا جميع المؤمنين الّذين لم يتلقّوا اللّقاح بعد إلى الإقدام على ذلك، ودعا الجميع أيضًا إلى الالتزام بإجراءات الحماية الّتي تنصح بها السّلطات الصّحّيّة. ووصف برتلماوس الأوّل العلم في هذا السّياق بعطيّة ثمينة من الله، عطيّة علينا قبولها بامتنان وألّا تضلّلنا أصوات غير مسؤولة لجهلة وأشخاص يقدِّمون أنفسهم وكأنّهم ممثّلو الله ومستشارون روحيّون للإيمان الحقيقيّ، بينما يدحضون أنفسهم بغياب محبّة الأخوة الّذين يعرّضون حياتهم إلى الخطر.

وتابع البطريرك رسالته لمناسبة عيد الميلاد مؤكّدًا أنّنا وانطلاقًا من القناعة بأنّ حياة كلّ منّا ورحلة البشريّة بكاملها توجّهها حكمة الله ومحبّته، نتطلّع إلى سنة 2022 والّتي، ورغم عوامل وتطوّرات خارجيّة، ستكون للجميع سنة خلاص، وذلك لأنّ حركة التّاريخ خلالها أيضًا يوجّهها المسيح الّذي يحبّ البشر ويهتمّ بكلّ شيء، الّذي "يُريدُ أَن يَخْلُصَ جَميعُ النَّاسِ ويَبلُغوا إِلى مَعرِفَةِ الحَقّ" (1 طيموتاوس 2، 4).

وفي ختام الرّسالة أشار بطريرك القسطنطينيّة المسكونيّ برتلماوس الأوّل إلى أنّه وبمشيئة الله سيقوم بمباركة الميرون واصفًا بالعطيّة الإلهيّة لشخصه المتواضع أن يتمكّن للمرّة الرّابعة في خدمته البطريركيّة من ترؤّس هذا الطّقس الاحتفاليّ المؤثّر. وتابع أنّه وبهذه المشاعر، وفي تعبّد للطّفل يسوع الّذي وُلد في بيت لحم، يتوجّه بفكره إلى أخوتنا المسيحيّين في الأرض المقدّسة ويصلّي من أجل تعايش سلميّ ومتناغم بين جميع المقيمين في هذه الأرض. ثمّ تمنّى البطريرك المسكونيّ للجميع احتفالاً مباركًا والصّحّة وسنة جديدة مثمرة بالأعمال الصّالحة وممتلئة بالعطايا الإلهيّة."