لبنان
28 تشرين الثاني 2022, 14:50

بالميلاد يسوع آتٍ إلينا، هل استعددنا لملاقاته؟

تيلي لوميار/ نورسات
يواصل الأب البروفيسور يوسف مونّس تأمّلاته الخاصّة بزمن الميلاد، فيكتب:

"الميلاد هو سرّ لقاء الله بالإنسان. إنّه سرّ المحبّة الإلهيّة تتفجّر حضورًا كونيًّا غامرًا السّماء والأرض، مالئًا الكون فرحًا وسلامًا وخلاصًا ومجدًا إلهيًّا. هذا الحضور الإلهيّ يملأ الكون من أصغر حبّة قمح أو زهرة أو نحلة في الأرض إلى أكبر مجرّة في الوجود.

التّحوّل التيولوجيّ والأنتروبولوجيّ الكبير

إنّه سرّ المحبّة يلهب ويشعل الكون بدخول الله إنسانًا في تاريخ البشريّة حتّى الموت على الصّليب حبًّا وفداءً للإنسان، ليقيمه معه ويأخذه إلى ملكوته السّماويّ. لم يعد الإنسان كائنًا وحيدًا معزولاً كئيبًا مطرودًا من فردوس النّعمة الإلهيّة.

وأنت ماذا تفعل للميلاد وكيف تعيش الميلاد؟ السّماء امتلأت ملائكة ونورًا لتبشّر بالحضور الإلهيّ. ملوك الأرض حملوا هداياهم وأتوا من أقاصي الأرض ليسجدوا له ويقدّموا له هداياهم وحبّهم. الرّعاة والفقراء السّاهرون في البراري على قطعانهم أشرق عليهم نور ودعاهم الملاك ليأتوا ويروا مخلّص العالم.

وأنت ماذا تفعل لتستعدّ للميلاد؟ هل تملأ قلبك بالمحبّة والغفران والمصالحة والمسامحة، وتحمل بيدك العطاء لتتقاسم خبزك ومالك وثيابك مع الفقراء؟ أم تكتفي بالأكل والشّرب والرّقص ومشاهدة الأنوار والمشاركة بالمباهج والأفراح، غارقًا بإنانيّتك ونرجسيّتك وحقدك وكرهك وبخلك وكذبك واحتيالك؟ وتدّعي أنّك تحبّ الله وأنت في الميلاد، غير مدرك أنّك في قعر موت نعمة التجسّد والخلاص!

الميلاد آتٍ، هيّا تعال إلى الميلاد!

تعال إلى المحبّة لأنّ الله محبّة.

تعال إلى السّلام لأنّ ملك السّلام آتٍ.

تعال إلى لقائه لأنّ ابن الله صار إنسانًا ودعاك لتصير إلهًا مثله.

هيّا ليسكنك الله لأنّ يسوع بالميلاد صار إلهنا معنا "عمّانوئيل". فهل أنت مع الله أم أنّك باق مع حقدك وأنانيّتك وقساوة قلبك وتحجّرك وبغضك ونرجسيّتك؟

أم تغيّرت وصرت إنسانًا جديدًا، مسيحيًّا جديدًا، آدمًا جديدًا، وحوّلت الأنثروبولوجية الإنسانيّة إلى تيولوحيا إلهيّة؟

هل ما زلت قايينًا تقتل أخاك غيرة وحقدًا وكرهًا وأنانيّة، أم صرت قربانًا هابيليًّا تقدّم على مذبح الخلاص والفداء والسّلام والفرح وتمجيد الله؟

الميلاد هو تجسّد المخلّص في بيت لحم، وهو سرّ لقاء الله بالإنسان وسرّ الله معنا عمّانوئيل. المسيح المخلّص كان رجاء الشّعوب ورؤيا الأنبياء الملهمين. إنّه رجاء كونيّ يضجّ في أرجاء الكون وأعماق الوجود الكيانيّ الإنسانيّ، لذلك علينا أن ندخل في هذا الرّجاء وهذا الانتظار لنعطي أنفسنا الفرح والسّلام والخلاص والكون والشّعوب المصالحة والسّلام، ونصلّي: إجعلني يا يسوع أداة خلاص وفرح وسلام ورسول محبّة وأخوّة لأكون في الميلاد".