بازوليني: الولادة الحقيقيّة حقيقة متاحة لكلّ من يسمح للرّوح القدس بأن يحوّله
وتابع الرّاهب الكبّوشيّ بحسب "فاتيكان نيوز": "يوضح يسوع أنّ هذه الولادة الجديدة الّتي تتمّ بواسطة "الماء والرّوح"، ليست عودة بيولوجيّة إلى الطّفولة، بل انفتاحًا جديدًا على عمل الرّوح القدس. كثيرون يخشون التّغيير ويتمسّكون بخبراتهم الماضية، لكن الولادة الحقيقيّة تقتضي الثّقة بالله والسّماح له بأن يقودنا نحو آفاق غير معروفة. هذا العبور يشبه خروج بني إسرائيل في الصّحراء، حيث خاف الشّعب من الموت ولكنّه وجد الخلاص عندما وجّه نظره إلى العلامة الّتي قدّمها الله. واليوم، علامة الخلاص هي المسيح المرفوع على الصّليب.
تمثّل المعموديّة رمزًا لهذه الحياة الجديدة، فهي ليست مجرّد تغيير فوريّ وملحوظ، بل بداية مسيرة تحوّل داخليّ. ومع ذلك، على مرّ التّاريخ، فقدت المعموديّة فاعليّتها الحقيقيّة، وأصبحت في كثير من الأحيان مجرّد طقس ثقافيّ أكثر من كونها خيار إيمان واعي. وقد أدّى ذلك إلى أزمة في الكنيسة، حيث باتت الحياة المسيحيّة تبدو بعيدة وغامضة بالنّسبة لكثيرين.
يدعونا يسوع إلى خيار جذريّ: أن نضع العلاقة معه في المقام الأوّل قبل أيّ رباط آخر، ليس بإنكار العواطف، بل بالاعتراف بأنّ الحياة الحقيقيّة لا توجد إلّا في الله. وهذا الأمر يتطلّب شجاعة "أن يبذل المرء حياته" بالمعنى البيولوجيّ والنّفسيّ، لكي يستعيدها في البعد الأبديّ. وأخيرًا، يستخدم يسوع استعارة الولادة ليبّين أنّ الولادة الرّوحيّة هي عبور مؤلم لكنّه ضروريّ. كلّ إنسان مدعوّ لكي يخرج من "أرحامه" الأصليّة لكي يقبل ملء الحياة الأبديّة. ويُعدّ القدّيس فرنسيس مثالًا لمن تخلّى عن كلّ ضماناته لكي يعانق بالكامل الحياة الجديدة في المسيح."
وإختتم الواعظ تأمّله قائلًا: "في الختام، الولادة الحقيقيّة ليست وهمًا، بل حقيقة متاحة لكلّ من يسمح للرّوح القدس بأن يحوّله، ويحيا منذ الآن وعد الأبديّة."