بارولين عن زيارة البابا إلى الإمارات: صفحة جديدة من الأخوّة بين الدّيانات
"أنا متفائل في أن تُكتب صفحة جديدة من العلاقات بين الأديان.
إنّ الإمارات العربيّة المتّحدة هي عبارة عن الجسر بين الشّرق والغرب؛ مع العلم أنّها أرض متعدّدة الثّقافات والإتنيات والأديان. والبابا فرنسيس سيوجّه رسالة إلى جميع القادة الدّينيّين وأتباع الدّيانات المختلفة كي يلتزموا معًا من أجل بناء الوحدة والسّلام والتّناغم في العالم، حتّى نجد مجدّدًا جذور أخوّتنا ونناضل سويًّا ضدّ أيّ شكل من أشكال الأصوليّة والرّاديكاليّة اللّتين تولّدان الصّدام والانقسامات.
وخلال زيارته إلى الإمارات العربيّة المتّحدّة، سيلتقي البابا فرنسيس عددًا كبيرًا من أتباع الجاليات الكاثوليكيّة المقيمة في البلد العربيّ، وهو يريد أن يوجّه لها كلمة تشجيع كي تستمرّ في تقديم شهادتها المسيحيّة، وإسهامها من أجل بناء المجتمع، وتشييد السّلام والمصالحة.
وهي المرّة الأولى في التّاريخ التي يزور فيها البابا الإمارات العربيّة المتّحدة، أو شبه الجزيرة العربيّة بصورة عامّة. وأُذكّركم في السّياق عينه برسالة الفيديو التي وجّهها البابا لمناسبة زيارته الإمارات معربًا عن رغبته في كتابة صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الدّيانات، مع التّأكيد بشكل خاصّ على مفهوم الأخوّة. وإنّ هذه الرّسالة سيوجّهها البابا إلى قادة الدّيانات وأتباعها.
وإنّ القادة الدّينيّين مدعوّون اليوم إلى لعب دور رئيسيّ، من خلال التّأكيد على رسالة الأخوّة الكونيّة.
كلّنا أخوة، ونتمتّع جميعًا بالكرامة نفسها وبالحقوق والواجبات إيّاها. ومن هذا المنطلق، ينبغي علينا جميعًا أن نجد مجدّدًا جذور هذه الأخوّة، ألا وهي الانتماء إلى العائلة البشريّة الواحدة. وهذا الأمر يتطلّب التّصدّي لكلّ أشكال الأصوليّة والتّعصّب كي نتمكّن فعلًا من العمل من أجل السّلام والمصالحة. وإنّ صورة الصّحراء التي غالبًا ما تغطّي الرّمال طرقاتها بسبب الرّياح، فلا بد من البحث عن هذه الطّرقات مجدّدًا، ومع بعضنا البعض، كي نقدّم لعالم يعاني من الانقسامات والتّشرذم الأمل الذي هو بأمسّ الحاجة إليه.
وبشأن أهميّة القدّاس الذي سيحتفل به البابا فرنسيس صباح الثّلاثاء المقبل، في أستاد زايد في أبو ظبي، بحضور حشد غفير من المؤمنين الكاثوليك؛ فإنّ الإمارات العربيّة المتّحدة تستضيف أعدادًا كبيرةً من المواطنين المسيحيّين، معظمهم جاؤوا من بلدان مجاورة أو بعيدة بحثًا عن فرص للعمل. وإقامتهم في الإمارات سرعان ما تتحوّل إلى فرصة للقاء الآخر. لذا لا بدّ من تسليط الضّوء على إرادة السّلطات والتزامها في خلق نموذج من التّعايش والتّعاون بين مختلف مكوّنات المجتمع. وآمل أن يستمرّ المسيحيّون المقيمون في الإمارات في تقديم إسهامهم في عمليّة بناء السّلام والمصالحة في المنطقة، وفي العالم ككل. وإنّ الكنيسة الكاثوليكيّة قريبة بنوع خاصّ من الأخوة والأخوات الكاثوليك الذين يواجهون صعوبات عدّة، وتربطها بهم علاقات أخويّة مسيحيّة، وهي مستعدّة لبذل ما في وسعها من أجل مدّ يد العون لهؤلاء.
وفي ما يتعلّق بالزّيارة التي قمت بها إلى الإمارات العربيّة المتّحدة في العام 2015، حيث قمت بتكريس كنيسة جديدة تحمل اسم القدّيس بولس الرّسول، شاهدتُ في هذا البلد كنيسة كبيرة عدديًّا، وكنيسة متعدّدة الأعراق والثّقافات والطّقوس؛ فهي أصبحت بذلك مختبرًا للوحدة والشّركة لأنّه هنا يكمن التّحدي، أيّ أن نجد في الكنيسة المتنوّعة بيتًا مشتركًا للجميع.
وإن التّحدّيات موجودة أيضًا في الإمارات العربيّة المتّحدة فيما يتعلّق بحياة الكنيسة، لكنّني لمستُ رغبةً صادقةً لدى الجميع في العمل من أجل تذليل العقبات والتّخفيف من حدّة التّوتّرات. وهناك ميزة أخرى تتمتّع بها الكنيسة الكاثوليكيّة في هذا البلد، ألا وهي الدّيناميكيّة. إنّها كنيسة مفعمة بالحياة والحيويّة، ويمكن للمرء أن يلمس هذا الأمر لمس اليد، من خلال المشاركة في القداديس والاحتفالات الدّينيّة، وهي أيضًا ملتزمة في تقديم الشّهادة وسط البيئة التي تعيش فيها من أجل تقديم خدمة للمجتمع."