الفاتيكان
14 تموز 2018, 13:38

بارولين: الحرب تشكّل هزيمة بالنّسبة للجميع

"الحرب: هزيمة للجميع، بعد مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالميّة الأولى"؛ هذا هو عنوان محاضرة ألقاها أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بارولين في مدينة أكويليا الإيطاليّة لمناسبة الاحتفال بعيد القديسَين إيرماكورا وفورتوناتو شفيعي إقليم فريولي فينيسيا جوليا الإيطالي؛ بحسب اذاعة الفاتيكان.

 

أشار نيافته في كلمته إلى الحدس النّبوي الذي تميّز به البابا الرّاحل بندكتس الخامس عشر والذي انتُخب في هذا المنصب بعد شهر واحد على اندلاع الحرب العالميّة الأولى عام 1914 فقد تحدث عن "انتحار أوروبا" وعن "مجازر لا فائدة منها". وذكّر  بارولين بأنّ الكرسي الرسولي تبنّى آنذاك موقف الحياد إزاء الدول المتنازعة التي رفضت نداءات البابا المتعلّقة بالسّلام. وأشار أيضا إلى المواقف المضرّة التي تبنّاها بعض رجال الدين الكاثوليك ومن بينهم عدد من الأساقفة الفرنسيين والنمساويين – الألمان الذين رفضوا نشر دعوات البابا في أبرشيّاتهم بحجّة أنّ البابا توجه في خطاباته إلى حكومات الدول لا إلى المؤمنين الكاثوليك. وأوضح المسؤول الفاتيكاني أنّ بندكتس الخامس عشر كان يُدرك تماما أنّ الحرب تشكّل هزيمة للجميع بما في ذلك المنتصرين، لأنّها كانت تزرع بذور الحقد والشّر وتمهد لصراعات جديدة.

ومن هذا المنطلق، عدّد الكاردينال بارولين الأضرار التي نجمت عن الحرب العالميّة الأولى؛ ومن بينها بثّ الحقد والانتقام في نفوس الأجيال الفتية، وذكّر بأنّ السيناريو كلّه تبدّل على الصّعيد العالمي، وأفضى إلى نشوب الثّورة البولشيفيّة في روسيا، فضلاً عن كسر التوازنات الهشّة في الشّرق الأوسط ورمي المنطقة في أزمة ما تزال تعاني من نتائجها لغاية يومنا هذا، فضلاً عن المذابح التي وقعت في أرمينيا وأبصرت النّور على أثرها كلمة لم تكن معروفة في ذلك الوقت، ألا وهي "الإبادة الجماعيّة".

كما أنّ الصّراع ترك أثره على الكنيسة الكاثوليكيّة أيضاً؛ فقد تغيّرت العلاقة بين الدولة والكنيسة وتحوّلت الكنيسة من اتّحاد من الكنائس المحليّة إلى هيئة تتخطّى الحدود الوطنيّة ويقودها الكرسي الرسولي والبابا. هذا، ثمّ لفت نيافته إلى أنّ خلف البابا بندكتس الخامس عشر، وهو البابا بيوس الحادي عشر، عيّن في ثلاثينيات القرن الماضي أول أساقفة صينيين، يابانيين، فيتناميين وأفارقة. بعدها ذكّر بالتّحذيرات العدّة التي أطلقها الأساقفة الكاثوليك في تلك الحقبة من التاريخ محذرين من المخاطر التي تترتّب على انتشار النّزعات القوميّة؛ لافتاً إلى أنّ تلك النّداءات ما تزال آنية في هذه الألفية الثالثة، خصوصاً عندما نشهد تنامي هذه النزعات المتشدّدة في بعض الأوساط الأوروبيّة اليوم.

ولم تخلُ محاضرة الكاردينال بارولين من الإشارة إلى الكلمة التي ألقاها البابا فرنسيس لأربع سنوات خلت، وبالتّحديد في الثالث عشر من أيلول سبتمبر 2014، عندما زار برغوليو المقبرة العسكريّة في ريديبوليا بمحافظة غوريتسيا الإيطاليّة للصّلاة على نيّة من سقطوا ضحايا الحروب، في الذكرى المئويّة لاندلاع الحرب العالميّة الأولى. وقال البابا فرنسيس آنذاك: إنّ الحرب تدمر أجمل ما خلقه الله: الكائن البشري. الحرب تشوّه كل شيء حتى العلاقة بين الإخوة. الحرب جنون وبرنامج نموّها هو الدّمار. الجشع وعدم التّسامح والرّغبة بالسّلطة. وختم قائلاً: بقلب ابن وأخٍ وأب أطلب منكم ولأجلكم جميعًا ارتداد القلب والبكاء. إذ إنّ البشرية تحتاج للبكاء من أجل جميع الذين سقطوا بسبب تلك "المجازر" وجميع ضحايا جنون الحرب وقد حانت ساعة البكاء.