دينيّة
02 تشرين الأول 2017, 08:15

بابا التّواضع.. غنًى للمسيحيّين!

هو ليس بالخبر الحديث زمنيًّا، إنّما الغنيّ روحيًّا لما له من أبعاد إنسانيّة. هو خبر ضجّ العالم بإقدام البابا فرنسيس شخصيًّا على شراء نظّارات.


قد مرّ الزّمن على الحادثة هذه، غير أنّه لم يمح معانيها، وها نحن نستذكرها اليوم بعد حوالى السّنتين لأنّ مجتمعاتنا بأمسّ الحاجة إلى أمثال بابا التّواضع، مجتمعات تنشغل بالمظاهر وتهتمّ بالمادّيّات وتبتعد عن الجوهر والإنسانيّة والمحبّة.
إذًا، الحبر الأعظم الذي لا ينفكّ يبعث في النّفوس روحه الطّيّبة وفضائله السّامية، يرفع مرّة جديدة التّواضع والبساطة والمحبّة والسّلام إلى مسامع المؤمنين، ليُضرب به المثل في الوداعة الفائقة. 
تخلّى بابا الفاتيكان عن الجاه والرّفاهية واستقلّ سيّارته الشّخصيّة وتوجّه طالبًا نظّارات جديدة من دون تغيير الإطار القديم.
لم يبغَ تغييرًا وتنوّعًا وحداثة وجمالًا وغنًى، بل سعى من خلال هذه الخطوة إلى الاستفادة الطّبّيّة البحتة ليظهر أمام المؤمنين كالسّنبلة محنيّ الرّأس.
يعشق الأب الأقدس التّواضع الذي يسعى إلى نحته بأفعال سبّاقة تشعّ إيمانًا وخدمة متمثّلًا بقلب يسوع الوديع الذي ينبع حبًّا طاهرًا ويصدر أفعالًا بسيطة تعبق بالخشوع وتتجنّب التّكبّر والتّعالي.
التّواضع عنوان يزيّن حياة أسقف روما، عنوان لا بدّ للمؤمنين من أن يرفعوه فوق فصول حياتهم.
فالتّواضع غنًى للإنسان وعلامة مميّزة في شخصيّته تطيح بالتّكبّر بعيدًا، خصوصًا أنّ الجميع إخوة في الإنسانيّة متساوين عند الخالق. فمتعلّمين أم جاهلين، أغنياء أم فقراء، مدراء أم عمّال، الجميع متساوون في الحقوق والواجبات وسيموتون متساوين عائدين إلى التّراب.
يعلّمنا البابا فرنسيس مرّة أخرى أنّ التّواضع فضيلة أخلاقيّة تزيّن الإنسان بأبهى حلّة، تسقيه ماء النّقاء والسّلام والمحبّة لأنّ الوديع يشعّ أملًا وتجدّدًا وحياة ويترفّع بأخلاقه السّامية عن كلّ شيء.
غبار الغرور المتمثّل بالـ"أنا" الأعمى مرض يصيب الكثيرين، مرض دواؤه خلع قناع التّصنّع والتّكلّف لرؤية حاجات الآخرين والاندفاع إلى مساعدتهم. فالمتكبّر يهتمّ بالمظاهر البالية، في حين أنّ المتواضع يضحّي بكلّ ما عنده ليلبّي نداء المحتاج.
أمام تجارب البابا فرنسيس الفاضلة، يقف المؤمنون متأمّلين، يغرفون أكيالًا من التّواضع يعكسون من خلاها صورة يسوع المسيح. فالسّير على خطى بابا الفقراء، يجعل العالم قرية كونيّة واحدة سكّانها أفراد عائلةٍ مُحبّة متضامنة متساعدة يبنون كوكب سلام ومحبّة وتجدّد.