النّساء الحوامل محور صلاة البابا اليوم!
ثمّ توقّف في عظته عند إنجيل القدّيس يوحنّا "والّذي يخبرنا عن ظهور يسوع لتلاميذه على شاطئِ بُحَيرَةِ طَبَرِيَّة، بعد ليلة صيد فاشلة، ودعاهم لكي يُلقوا الشّباك مجدّدًا فامتلأت الشّباك بالسّمك"؛ وقال بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّه حدثٌ يتمُّ بشكل طبيعيّ لأنّ التّلاميذ كانوا قد نموا في إلفة مع يسوع، وعلينا نحن المسيحيّين أن ننمو أيضًا في هذه الإلفة معه بشكل شخصيّ وجماعيّ، لأنّ الإلفة بدون جماعة وكنيسة وبدون أسرار تصبح خطيرة إذ يمكنها أن تصبح إلفة "غنّوصيّة" بعيدة عن شعب الله.
وفي خلال زمن الوباء هذا نحن نتواصل من خلال وسائل الإعلام ووسائل التّواصل الاجتماعيّ كما هو الحال أيضًا في هذا القدّاس الّذي ينقل مباشرة وقال إنّه وضع صعب لأنّه لا يمكن للمؤمنين أن يشاركوا في الذّبيحة الإلهيّة ويمكنهم فقط أن يقوموا بالمناولة الرّوحيّة؛ وبالتّالي علينا أن نخرج من هذا الـ"نَفَق" لكي نعود معًا لنكون كنيسة لأنّ ما نعيشه ليس كنيسة وإنّما قد تحوّلت إلى مجرّد "وصول تفّاعليّ".
كان التّلاميذ صيّادي سمك ويسوع كان قد دعاهم فيما كانوا يقومون بعملهم. كان بُطرُس وأَندَراوسُ أَخوهُ يُلقِيانِ الشَّبَكةَ في البَحر فتَركا الشِّباكَ مِن ذلك الحينِ وتَبِعاه. كذلك يوحنّا ويعقوب فتَركا السَّفينَةَ وأَباهُما مِن ذلك الحينِ وتَبِعاه. لقد نالوا الدّعوة في مهنتهم كصيّادي سمك، وهذا المقطع من الإنجيل اليوم، وآية الصّيد العجيب هذا يجعلوننا نفكّر بصيد عجيب آخر، ذلك الّذي يحدّثنا عنه الإنجيليّ لوقا في الفصل الخامس حيث أصابوا أيضًا صيدًا كبيرًا. فبعد أن فَرَغَ يسوع مِن كَلامِه، قالَ لِسِمعان: "سِرْ في العُرْض، وأَرسِلوا شِباكَكُم لِلصَّيد" فأَجابَ سِمعان: "يا مُعَلِّم، تَعِبْنا طَوالَ اللَّيلِ ولَم نُصِبْ شَيئًا، ولكِنِّي بِناءً على قَولِكَ أُرسِلُ الشِّباكَ". وفعَلوا فأصابوا مِنَ السَّمَكِ شَيئًا كثيرًا جدَّا، وكادَت شِباكُهُم تَتَمَزَّق. وهناك يقول الإنجيل: "كانَ الرُّعْبُ قدِ استَولى علَيهِ وعلى أَصحابهِ كُلِّهم، لِكَثَرةِ السَّمَكِ الَّذي صادوه"؛ أمّا إنجيل اليوم فلا يتحدّث هذه الدّهشة وإنّما يبدو الأمر طبيعيًّا بالنّسبة لهم ويبدو أنّ هناك تقدّم ومسيرة تمَّ القيام به في معرفتهم للرّبّ والإلفة معه. يخبرنا إنجيل اليوم: "قالَ التَّلميذُ الَّذي أَحبَّه يسوعُ لِبُطُرس: "إِنَّه الرَّبّ". فلَمَّا سَمِعَ سِمْعانُ بُطرُس أَنَّه الرَّبّ، اِئتَزَرَ بِثَوبِه، لأَنَّه كانَ عُرْيانًا، وأَلْقى بِنَفْسِه في البُحَيرة"، أمّا في المرّة الأولى فقد خرَّ بطرس أَمَامَ يَسُوعَ وقال له: "اِبْتَعِدْ عَنِّي يَا رَبُّ، لِأَنِّي رَجُلٌ خَاطِئٌ". أمّا هذه المرّة فلم يقل شيئًا، كذلك لَم يَجرُؤْ أَحَدٌ مِنَ التَّلاميذِ أَن يَسأَلَه: مَن أَنتَ؟ لِعِلمِهم أَنَّه الرَّبّ. لقد كان الأمر طبيعيًّا بالنّسبة له. إنّ إلفة الرّسل مع الرّبّ كانت قد نمت.
نحن المسيحيّون أيضًا وفي مسيرة حياتنا نسير على هذه الدّرب، درب الإلفة مع الرّبّ، إنّ الرّبّ هو شخص ودود جدًّا لأنّه يسير معنا ونعرف جيّدًا من هو. لم يسأله أحد: "من أنت؟" لأنّهم كانوا يعرفون الرّبّ؛ وكذلك المسيحيّ يعيش هذه الإلفة اليوميّة مع الرّبّ. وهذه إلفة المسيحيّين هذه مع الرّبّ هي إلفة جماعيّة على الدّوام. إنّها إلفة شخصيّة ولكنّها جماعيّة أيضًا، والإلفة بدون جماعة وخبز، بدون كنيسة وشعب وأسرار تصبح خطيرة. يمكنها أن تصبح– يمكننا القول– إلفة "غنّوصيّة" لأنّها منفصلة عن شعب الله. إنّ إلفة التّلاميذ مع الرّبّ كانت على الدّوام جماعيّة، وحول المائدة كعلامة للجماعة وكانت على الدّوام حول السّرّ. أقول ذلك لأنّ هناك شخص جعلني أفكّر حول خطر هذه المرحلة الّتي نعيشها وهذه الأزمة الّتي جعلتنا نتواصل أيضًا على الصّعيد الدّينيّ عبر وسائل الإعلام ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، وحتّى في هذه الذّبيحة الإلهيّة نحن نتواصل ولكنّنا لسنا معًا، نشترك معًا روحيًّا وحتّى الإفخارستيّا يمكنكم أن تنالوها فقط روحيًّا. ولكن هذه ليست الكنيسة، وإنّما هي الكنيسة الّتي تعيش حالة صعبة، وقد سمح الرّبّ بذلك، ولكن الكنيسة المثاليّة هي على الدّوام كنيسة مع الشّعب والأسرار.
قبل عيد الفصح كان هناك خبر عبر وسائل الإعلام بأنّني سوف أحتفل بعيد الفصح في بازيليك القدّيس بطرس الفارغة، فكتب إليَّ أحد الأساقفة: "كيف يُعقل هذا!! إنّ بازيليك القدّيس بطرس كبيرة ويمكنك أن تحتفل بحضور ثلاثين شخصًا على الأقلّ ولن يكون هناك أيّة خطورة..." ففكّرتُ في نفسي: "كيف يمكنه أن يقول لي ذلك؟" لم أفهم قوله في تلك اللّحظة ولكن بما أنّه أسقف صالح وقريب من النّاس فبالتّأكيد هو يريد أن يقول لي شيئًا مهمًّا ولذلك سأسأله عندما ألتقي به، ولكنّني فهمتُ بعدها إذ قال لي: "تنبّه من أن تصبح الكنيسة والأسرار مجرّد "وصول تفاعليّ". صحيح أنّه علينا في هذه المرحلة أن نحافظ على الإلفة مع الرّبّ ولكن فقط إلى أن نخرج من هذا النّفق وليس لكي نبقى فيه". وهذه هي إلفة التّلاميذ مع الرّبّ لم تكن مجرّد "وصول تفاعليّ"، أو إلفة أنانيّة وإنّما إلفة يوميّة وملموسة ومع الشّعب. لقد قاموا بمسيرة نضوج في الإلفة مع الرّبّ وعلينا نحن أيضًا أن نتعلّم أن نقوم بها. لقد فهموا منذ اللّحظة الأولى أنّ هذه الإلفة كانت تفوق تصوّرهم وهذا ما وصلوا إليه فيما بعد. لقد كانوا يعلمون أنّه هو الرّب وكانوا يتقاسمون كلَّ شيء: الجماعة الأسرار، الرّبّ السّلام والعيد... ليعلّمنا الرّبّ هذه الإلفة معه ولكن في الكنيسة مع الأسرار ومع شعب الله الأمين"