النجاة من قنبلة ذرّيّة
كانت ميتشيكو بعمر أربعة أشهر فقط في السادس من آب/أغسطس 1945. في ذلك اليوم، قبل 79 عامًا، أسقطت الطائرة المقاتلة الأميركيّة B-29 القنبلة الذرّيّة، المعروفة باسم "ليتل بوي" (الصبيّ الصغير)، فوق مسقط رأسها هيروشيما.
كانت الساعة 8:15 صباحًا وكانت ميتشيكو ووالداها في محطّة هيروشيما، حيث وضعتها والدتها للتوّ على مقعد خشبيّ لتغيير حفاضها.
بعد فترة وجيزة، على بُعد كيلومترين فقط و 2000 قدم في الهواء، تمّ تفجير القنبلة الذرّيّة "ليتل بوي". توفي 80000 شخص على الفور. وصلت الحرارة الناتجة عن الانفجار إلى المحطّة، وعلى الرغم من إصابة والديها بحروق شديدة، إلّا أّن ميتشيكو كانت محظوظة على مقعدها الخشبيّ - فقد حمتها اللوحة الخلفيّة من الحرارة وظلّت سالمة. على بعد 1.6 كيلومتر جنوبًا، عند العودة إلى منزلهم، كانت جدّتها ترمّلت.
لا تتذكّر ميتشيكو الحدث، لكنّها تعرف ما هو شعور قضاء حياتها كلّها ناجية، مكرّسة لنشر رسالة السلام والأمل بين الأجيال الشابّة.
صوتها في انسجام تامّ مع صوت البابا فرنسيس، الذي زار مواقع القصف في هيروشيما وناغازاكي - التي قصفت ثلاثة أيّام فقط بعد من هيروشيما.
على خطى سلفه، يوحنّا بولس الثاني، الذي زار الموقعين في عام 1989، وقف البابا فرنسيس عند النصب التذكاريّ للسلام في هيروشيما بعد ثلاثين عامًا، وألقى خطابًا تاريخيًّا ندّد فيه باستخدام الأسلحة الذرّيّة وحيازتها باعتبارها "غير أخلاقيّة".
في تلك المناسبة، سلّط البابا الضوء على أنّ "استخدام الطاقة الذرّيّة لأغراض الحرب هو اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، جريمة ليس فقط ضدّ كرامة البشر ولكن ضدّ أي مستقبل محتمل لبيتنا المشترك. إنّ استخدام الطاقة الذرّيّة لأغراض الحرب أمر غير أخلاقيّ، تمامًا كما أنّ امتلاك الأسلحة الذرّيّة أمر غير أخلاقيّ".
إفتُتح متحف هيروشيما للسلام الذي زاره البابا فرنسيس وتعمل فيه ميتشيكو كونو الآن كمتطوّعة، في عام 1955، بعد عشر سنوات من القنبلة، وقد استغرق الأمر منها 40 عامًا لتتشجّع وتزور المتحف.
"عشت في ضواحي هيروشيما عندما كنت فتاة صغيرة، والتحقت بالمدرسة هناك. هناك، لم أر الكثير من آثار الإشعاع. من المتحف، علمت بعواقبه وعن الأطفال الذين ماتوا في سنواتهم الابتدائيّة بسبب سرطان الدم والأمراض الأخرى الناجمة عن القنبلة".
كان هناك 350,000 شخص في المدينة وبحلول نهاية العام، توفّي 140,000. أكثر من نصف الذين لقوا حتفهم تحوّلوا على الفور إلى رماد مجهول الهويّة، يرقد الآن في سرداب النصب التذكاريّ.
في السنوات التي أعقبت الحرب، احتلّ الحلفاء اليابان بقيادة الولايات المتّحدة. كان هناك تقييد للتغطية الإعلاميّة والمعلومات والمواد البحثيّة المتعلّقة بالقنبلة الذرّيّة لمدّة 7 سنوات، حتّى انتهاء الاحتلال في عام 1951.
"اليوم"، كونو على يقين، "يجب أن يعرف كلّ مواطن في العالم مدى قسوة القنبلة الذرّيّة".
وتقول للشباب: "أرجوكم ملاحظة ذلك. تعالوا إلى هيروشيما وناغازاكي واعرفوا مدى فظاعة القنبلة الذرّيّة وقسوتها. ابدأوا بالتفكير في إمكانيّة وضع حدٍّ للأسلحة النوويّة"، "هذا ضروريّ لعالم يسوده السلام".