الأردنّ
01 تشرين الثاني 2023, 13:30

النّائب البطريركيّ للّاتين في الأردنّ: يا أمّ الله ألهمي قادة الأمم ليجدوا طرق السّلام

تيلي لوميار/ نورسات
في كنيسة العذراء النّاصريّة للّاتين في عمّان، رفع المؤمنون من عدّة رعايا الصّلاة من أجل السّلام، تخلّلتها صلوات تقويّة وابتهالات مريميّة ولاوة المسبحة الورديّة.

أثناء الصّلاة، ألقى النّائب البطريركيّ للّاتين في الأردنّ المطران جمال خضر كلمة قال فيها بحسب موقع "نورسات الأردنّ":

"أيّها الاخوة والأبناء الأحبّاء،

نجتمع اليوم لنرفع الصّلوات من أجل السّلام في غزّة. نرفع أصواتنا إلى الله، فإذا كان العالم لا يسمع صراخ المتألّمين ولا يرى آلام أبناء غزّة، فإنّنا نرفع هذه الصّلوات إلى الله الّذي يسمع صراخهم ولا يهمل آلامهم. وكما قال الله لموسى على الجبل: "إِنّي قد رَأَيتُ مذَلَّةَ شَعْبي، وسَمِعتُ صُراخَه بسَبَبِ مُسَخِّريه، وعَلِمتُ بآلاَمِه، فنزَلتُ لأُنقِذَه". فالله هو الّذي يسمع ويرى ويعلم، وله نتوجّه اليوم.

صلاتنا هي تجديد لإيماننا أنّ الله قد خلق كلّ البشر متساويين، خلقهم على صورته كمثاله، مانحًا إيّاهم الحياة والكرامة، ولا يحقّ لأيّ إنسان أن ينزع هذه الحياة وهذه الكرامة من الإنسان. لا يحقّ لأحد أن يمنع سبل العيش عن أناس أبرياء، فيقطع الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والاتّصالات. لا يحقّ لأيٍّ كان أن يميّز بين البشر، ويعامل أكثر من مليوني إنسان معاملة لا إنسانيّة. بوقوفنا اليوم، وبصلاتنا، ندافع عن إنسانيّة الإنسان، عن حقّ كلّ إنسان في العيش والعيش الكريم. وما يحدث في قطاع غزّة، هزيمة للقيم الإنسانيّة والدّينيّة، ولا يجوز تبريره بأيّ شكل من الأشكال، كما لا يجوز تبرير أيّ اعتداء على الأبرياء، وتمييز بين إنسان وإنسان.

ومع قيادتنا في الأردنّ نقول: لنقل لا للحرب ولنقل لا للقتل، لنتّحد لأجل السّلام والعدالة، ولنقف مع الحياة ومع العدالة ومع السّلام، ضدّ هذه الحرب في غزّة، والكارثة الإنسانيّة الّتي تتسبّب بها.

وكما قال جلالة الملك عبدلله بن الحسين: إنّ السّبيل الوحيد لمستقبل آمن لشعوب الشّرق الأوسط والعالم أجمع، يبدأ بالإيمان بأنّ حياة كلّ إنسان متساوية في القيمة.

هذا ما ندافع عنه، ونضمّ أصواتنا إلى أصوات الكثير من الأصوات المحبّة للسّلام. فالله الخالق هو أب لجميع الخلق، هو الّذي منحنا الحياة، وهو الّذي يريد لأبنائه أن يعيشوا بسلام وأخوّة. ويسوع المسيح الّذي جاء لتكون لنا الحياة وتفيض فينا. ومع شعورنا بالألم لما يحدث في غزّة، لن نستسلم لا للكراهيّة ولا للعنف ولا لليأس، فالله هو سلامنا، وهو رجاؤنا، وإليه نلتجئ في شدّتنا.

وصلاتنا اليوم تتوجّه لأمّنا مريم العذراء، طالبين منها السّلام: ومع قداسة البابا فرنسيس، الّذي صلّى يوم الجمعة الماضية هذه الصّلاة نقول:

يا مريم، أنظري إلينا! نحن هنا أمامك. أنتِ أُمٌّ، وتعرفين أتعابنا وجراحنا. أنتِ، ملكة السّلام، تتألّمين معنا ومن أجلنا، عندما تَرَيْنَ أبناءك الكثيرين المُبتَلَيْن بالصّراعات، والمتألّمين بسبب الحروب الّتي تمزِّق العالم. هذه ساعة مظلمة، يا أمّي. وفي هذه السّاعة المظلمة، إنّنا نمثل أمام عينيك المضيئَتَين، ونوكل أنفسنا إلى قلبك الّذي يعرف ويشعر بمشاكلنا.

والآن أيضًا خذِي المبادرة، يا أُمَّنا، في هذه الأوقات الّتي تمزّقها الصّراعات وتدمّرها الأسلحة. وجّهِي نظركِ الرّحيم إلى الأسرة البشريّة، الّتي ضلَّت طريق السّلام، وفضّلَتْ قايِن على هابيل، وفقدت الإحساس بالأخوّة. تشفَّعِي بعالمنا المهدّد بالخطر والدّمار. علّمينا أن نستقبل الحياة ونعتني بها وأن نرفض جنون الحرب الّتي تزرع الموت وتمحو المستقبل.

لذلك، يا أُمَّ االله وأُمَّنا، إنّا نأتي إليك، ونلتجئ إلى قلبك الطّاهر. إنّا نطلب الرّحمة يا أمَّ الرّحمة، ونطلب السّلام يا ملكة السّلام! حرّكي نفوس الّذين وقعوا في شرك الكراهيّة، وبدّلي قلوب الّذين يغذُّون ويُثيرون الصّراعات. إمسحي دموع الأطفال، وساعدي الوحيدين وكبار السّنّ، وكوني سندًا للجرحى والمرضى، واحمي الّذين اضطُرّوا إلى أن يتركوا أرضهم وأحبّاءهم الأعزّاء، وعزّي المُحبَطين، وأيقظي الرّجاء.

يا أمّي، افتحي آفاق نور في ليل الصّراعات. أَلهِمِي قادة الأمم ليجدوا طرق السّلام. أنتِ، يا سيّدة الشّعوب كلّها، صالحي أبناءَكِ، الّذين سيطر عليهم الشّرّ، وأعمَتهم السّلطة والكراهيّة. أنتِ، الّتي تشفقين على الجميع، علّمينا أن نهتمّ بالآخرين. أنتِ، الّتي تُظهرين لنا حنان الله، اجعلينا شهودًا لتعزيتهِ. أنتِ، يا ملكة السّلام، اسكبي في قلوبنا سلامًا مثل سلام الله. آمين."