لبنان
08 تموز 2018, 08:52

المونسنيور خليل : لا السّيف، لا الموت، ولا شيء آخر يفصلنا عن محبّة المسيح

إحتفل المونسنيور بطرس خليل بالذّبيحة الإلهيّة لراحة نفس شهداء كفرعبيدا. وبحسب الوكالة الوطنيّة، ألقى المونسنيور خليل عظة قال فيها:


 

"جرت العادة أن نلتقي يوم السّبت الأوّل من تموز من كلّ سنة حول مذبح الرّبّ يسوع المسيح لنقدّم الذّبيحة الإلهيّة عربون وفاء وتقدير لراحة أنفس شهداء كفرعبيدا الكتائبيّين، هؤلاء الشّهداء الذين آمنوا بلبنان وبالكنيسة سافكين دماءهم من أجلهما حتّى نبقى أسيادًا وأحرارًا في أرضنا وفي وطننا لبنان، وطن الرّسالة والانفتاح والحرّيّة، وطن الحياة المشتركة والحوار. ديانتنا المسيحيّة ديانة شهادة، لقد قام إيماننا المسيحيّ على الشهادة ليسوع المسيح المائت القائم من بين الأموات، ونشأت كنيستنا على الشّهادة.


جاء يسوع الى هذه الأرض ليشهد للآبّ، وإختار إثني عشر رسولاً، عايشهم ونفخ فيهم الرّوح القدس وأرسلهم شهودًا للقيادة حتى أقاصي الأرض. أما الاستشهاد فهو بلوغ أقصى درجات الشّهادة حتّى بذل الذات. يقول الرّبّ يسوع: حبّ التّلميذ أن يكون مثل معلمه ومحبّتنا وقدرتنا ورسالتنا هي أن نبذل ذواتنا مثل الفادي والمخلّص يسوع المسيح وهذا ما عاشه مسيحيّو الأجيال الأولى في ما كانوا يقاومون الاضطهاد حتّى الموت للدّفاع عن إيمانهم. وهذا ما عاشته كنيستنا المارونيّة، منذ ما قبل نشأتها مع استشهاد رهبان مار مارون الثّلاثماية والخمسين الذي مرّ على استشهادهم ألف وخمسماية سنة، سنة 517، والبطريرك دانيال الحدشيتي، والبطريرك جبرائيل حجولا، والطّوباويين الشّهداء الأخوة المسابكيّين الذين استشهدوا في دمشق مع عدد كبير من الموارنة سنة 1860 وشهداء مجاعة الحرب العالميّة الأولى، وشهداء الحرب اللّبنانيّة الأخيرة وغيرهم.

إنّ المسيحيّين لا يؤمنون بفكرة ونظريّة بل بيسوع المسيح المائت والقائم من بين الأموات ويريدون أن يشهدوا لإيمانهم فالدين عندنا هو إلتزام وطريقة عيش وموت. لا السّيف، لا الموت، ولا شيء آخر يفصلنا عن محبة المسيح، لأجلك نموت كلّ يوم، لأجلك يذبح الإنسان السّاعي إلى الحرّيّة، إلى الدّفاع عن كرامة الإنسان، الى الثّقافة، إلى القداسة، إلى التّنسك، إلى البطولة، إلى العنفوان. يدعونا شهداؤنا اليوم أن نشهد لوطننا لبنان بالصّدق وقول الحقيقة لا بالكلمات الفارغة والخطاب السّياسيّ السّافل وبالشّعارات الخثيثة لنيل مقعد نيابيّ في مجلس نيابيّ متهرئ. قبل الانتخابات النّيابيّة الأخيرة سمعنا كلّ الأطراف السّياسيّة تعلن أنّها ضد الفساد فإذا كان الكلّ ضدّ الفساد، قولوا لي أيها الأخوة من أين يأتي الفساد؟ أقول لكم وبالفم الملآن أن أكثرهم بؤرة فساد.

لنذكر ونتذكّر على سبيل المثال لا الحصر صور المرشّحين التي ملأت لوحات الإعلانات والتي كلّفت بعض الأحزاب ملايين الدّولارات فهل من فساد أوضح من حرق ملايين الدّولارات للصق صور المرشّحين على لوحات الإعلانات وشعبنا يموت جوعًا، ومؤسّساتنا تقفل أبوابها وتطرد عمالها وشركاتنا على باب الإنهيار. ألم يكن من الأجدى والأنفع أن تقام مشاريع عمرانيّة في هذه الأموال لتوفير فرص عمل لشبابنا المسيحيّ بدلًا من تهجيرهم ودفع بطاقة السّفر لهم مرّة كلّ أربع سنوات كي يتمكّنوا من المجيء إلى لبنان للإدلاء بأصواتهم في صندوق الاقتراع؟ وعندما نسأل من أين هذه الأموال الطّائلة؟ فالجواب: هي من دول أجنبيّة، ألا تعرفون القول المأثور مين بيشتريك ببيعك. وهل هذا المال الانتخابيّ هو عمل محبّة أو مساعدة مجانيّة أم بالأحرى شراء قرار بعض الأحزاب والتّيارات المسيحيّة؟ ونتكلم عن النّزاهة. فشهداؤنا اليوم يصرخون طالبين من كل واحد منّا وقفة عز ورجولة وبطولة وإيمان. ماتوا لنبقى أسيادًا لا عبيدًا مرتهنين لبلاد أجنبيّة.

لنبقى أسيادًا متكاتفين متضامنين واضعين نصب عيوننا مستقبل أولادنا ومستقبل وطننا لبنان ومستقبل كنيستنا في هذا الوطن، لبنان والمارونيّة توأمان لا ينفصلان".