لبنان
03 تشرين الثاني 2018, 11:30

المطران مطر من جامعة الحكمة: ليكن فينا التّوق إلى المعرفة والمحبّة

إحتفل رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر بالذّبيحة الإلهيّة في جامعة الحكمة لمناسبة افتتاح السّنة الجامعيّة الجديدة، يحيط به رئيس الجامعة الخوري خليل شلفون ونائباه الخوري دومنيك لبكي وريشارد أبي صالح وعميد كلّيّة العلوم الكنسيّة الخوري طانيوس خليل، بمشاركة شخصيّات سياسيّة وقضائيّة وقانونيّة ونقابيّة وحزبيّة واجتماعيّة، وعمداء الكلّيّات وأساتذة وطلّاب.



 

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى مطر عظة جاء فيها: "هو تقليد درجت عليه الجامعات الكاثوليكيّة أو الكنسيّة بأنّ يُقام قدّاسًا نسميه قدّاس الرّوح القدس، أو قدّاس دعوة الرّوح القدس في مطلع كلّ عام جامعيّ مستلهمين الله وحيه وإلهامه، وأنعامه علينا ليجيء هذا العام ببركات وفيرة بنعمته تعالى على الجامعة وطلّابها وعلى الوطن كله. في بداية السّينودس من أجل الشّبيبة الّذي أختتم يوم الأحد الماضي في روما، افتتح قداسة البابا فرنسيس الكلام قائلاً: أذكركم بما قاله النّبيّ يوئيل حين قال: في تلك الأيام أفيض عليكم من روحي فيتنبّأ بنوكم وبناتكم، ويرى شبّانكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلامًا. وشرح بهذا المعنى أنّ الشّباب هو على موعد في هذا السّينودس والكنيسة معهم، مع الرّوح القدس الّذي يرينا طريق الحياة. نحن بحاجة إلى رؤية في حياتنا، نحن بحاجة إلى الحقيقة بكاملها. طبعًا عقلنا قادر على الوصول إلى الحقيقة ولكن ليس إليها بكلّيتها، يبقى سرّ الحقيقة مخفيًّا إلى أنّ يكشف الحقّ نفسه وهو الله، والله لا نعرفه معرفة كاملة إلاّ إذا كشف نفسه.

 

في الجامعة نأتي اليّوم طلّابًا ومعلمين وإدارة وأهل وأصدقاء، مع أنّنا في جامعة تسعى إلى الحقيقة، نأتي لنجتمع حول مذبح الرّبّ ونسأله أنّ يعطينا حقيقته وأنّ يعطينا حقيقة ذواتنا، منه نستقي الحقيقة الكبرى. وقداسة البابا فرنسيس في رسالته الأخيرة عن القداسة، ينبّهنا إلى خطر تأليه المعرفة البشريّة وتأليه الإرادة البشريّة بحيث نظن نحن أنّنا عارفون وبما أنّنا نحن العارفين نعرف كلّ شيء، فنستعبد كلّ شيء ونؤلّه نفوسنا بدل من أنّ نعترف بألوهيّة الله. هذه الخطيئة سمّيت في بداية الكنيسة الغنوصيّة خطيئة المعرفيّة المؤلهة عند البشر بحيث أنّهم يحاولون إمساك الله والتّحكم بمصيره هو بدل أنّ يتحكم هو في مصيرنا. وهكذا عن الإرادة البشريّة في شطط حدث في بدايات الكنيسة مفاده أنّ الإرادة البشريّة هي أساس الخلاص، أنا أخلص ذاتي بأعمالي أخلص ذاتي وليس بالنّعمة. أنا بأعمالي كلّها لن أستطيع أنّ أشتري السّماء حتّى ولو أتى الخير كلّه على يدي، السّماء تبقى أكبر من كلّ هذا الخير، الخّلاص إمّا أنّ يأتي مجانًا من الله وإمّا لا يأتي.

 

في هذا القدّاس ننحني أمام العزّة الإلهيّة ونقول له يا ربّ، أنت مصدر الحقيقة والخير، أنت مصدر حياتنا، نحن مسؤولون أمامك عن كون أردته أنّ يبنى بواسطة قوانا ولكن بنعمتك الّتي تؤهل هذه القوّة أنّ تكون قوّة. فمدّ لنا يدّ العون وساعدنا في هذا العمل الذي نقوم به، لهذا يكون القدّاس في مطلع هذه السّنة وكلّ سنة لتّوضع الأمور في نصابها ونعرف كيف نصل إلى غاياتنا وكيف أنّ الرّبّ يعيننا في كلّ ذلك ويفرح بنا ننجح ونكمل بناء هذا العالم بروح الملكوت. بهذه الرّوح عقد المجمع السّينودس من أجل الشّبيبة، لأنّ الكنيسة تعتقد أنّ الشّبيبة هم أمل جديد للعالم، هذه الشّبيبة إذا ما عرفت بعضها بعضًا، إذا ما تواصلت مع العالم كله، إذا ما عرفت معنى القيم والخير والعدل والسّلام والمساواة، وإذا ما تضامنت بروح الله، تصبح هذه الشّبيبة، أملاً جديدًا للدّنيا وفرصة مستعادة من أجل عالم أفضل.

 

في رسالة البابا أمر إساسيّ، ذكر عن رسالة كتبها فرنسيس الأسيزيّ إلى القدّيس أنطونيوس، معلم اللّاهوت، قال له: إياك أنّ تعلّمهم اللّاهوت بشكل يجف معه قلبهم ولا يعودون للصّلاة أبدًا. دعهم يصلّون، ينفتحون على الرّحمة، على الحبّ. هكذا نخلص. فليكن فينا التّوق إلى المعرفة، لكن قبل المعرفة إلى المحبّة، المحبة والمعرفة تتلازمان. هما صورتان عن وجه الله وقلبه".

 

واختتم: "بارككم الله، بارك جامعتنا والعاملين فيها وطلّابها الأحبّاء وهذا الوطن ولتكن سنتنا هذه، سنة مصالحة وغفران وتقارب وخير لجميع اللّبنانيّين، لننطلق من جديد والله يساعدنا في كلّ ذلك له المجد إلى الأبد."