المطران مراياتي لتيلي لوميار: "حياتي هي الإنجيل"
جاء صدور هذا الكتاب بالتّوازي مع احتفال المطران مراياتي باليوبيل الذّهبيّ لذكرى مرور خمسين عام على سيامته الكهنوتيّة.
وعن أبعاد هذا الشّعار قال: "بهذا الشّعار "لمحبّة تبني"، واجهنا والشّعب المؤتمنين عليه نوائب الدّهر وأوبئته، وويلات الحرب، وما نتج عنها من خراب ودمار، ومن هجرة ونزوح، ومن بطالة وعوز... وبالمحبّة عينها كان التّحمّل والصّبر ورفع الأدعية كيما يحلّ السّلام، على إيمان راسخ ورجاء بمستقبل مختلف، لما فيه خير الكنيسة والمجتمع والوطن. وفي مضمون الكتاب توصيف للحرب السّوريّة وأزماتها وتداعياتها المستمرّة، وتأوين بحت لمواقف إنجيليّة مختارة بعناية، ودعوة خالصة إلى مزيد من إيمان حيّ وتجاوز للمحن التي وقعت على فُجاءة، وتشبّث بالجذور. مؤكدًا أنّ حياته هي الإنجيل لأنّ الجوع إلى الرّبّ هو أقوى جوع في وقت الأزمات.".
يقع الكتاب في 368 صفحة وجاءت صورة الغلاف لمزهريّة منقوشة في الخشب على جدار غرفة حلبيّة قديمة في الكاتدرائيّة الأرمنيّة الكاثوليكيّة "السّيّدة أُمّ المعونات" في حلب، التي تُعدّ آبدة تراثيّة من أجمل أوابد الشّهباء. وفي هذا السّياق قدّم المطران مراياتي شرحًا عن الصّورة قائلًا: "تعود النقوش، وسواها من الزّخارف والرّسوم والأشعار، إلى القرن السّابع عشر حين شيّدت أروع الدور العربيّة بأيادٍ ماهرة يشهد لها التّاريخ. ولقد عُثر على هذا النّقش في أثناء ترميم الكاتدرائيّة وإعادة تأهيلها في العام 2019، بعد أن طالها ما طالها من دمار من جرّاء الحرب بين العامين 2013 و2016. رسم المزهريّة "يرمز إلى المحبّة"،أمّا أزاهيرها فترمز إلى ثمار الرّوح، من مثل الفرح والسّلام والصّبر وكرم الأخلاق وكلّها على مختلف أشكالها وألوانها، فضائل تبني الإنسان.
أمّا الإهداء وبحسب المطران مراياتي فإلى ابن بلد وزميل دراسة ورفيق درب وصنو خدمة كهنوتيّة.. حمل صليب مرضه مبكّرًا وهو بعد في عنفوان الشّباب. على أنّه جعل من كرسيّه المتحرّك طوال 33 سنة منبرًا يعلن منه بشرى الملكوت. إنطفأ سراجه العام الفائت ورحل عن هذه الفانية على عجل حاملاً في جسده ختم فاديه المسيح.
في كتاباته يظهر المطران مراياتي إنسانًا، حرّ الأنفاس، مرهف الإحساس، يحمل، في كلّ كلمة إنسانيّة عالية تلج محاريب الجّمال والخير، وتنفر من صنوف القبح والشّرّ. وهو يصوغ عباراته بخبرة الرّاعي العارف بما آلت إليه العيل ودالت عليه الدّول، على أسف وحزن شديدين! كما لا ينفكّ يقرأ مزامير الرّجاء المحلّى بالصّبر والثّقة بواحد أحد، خالق العباد. وينفخ في أصوار الصّمود والثّبات مستلهمًا قول السّيّد المسيح: "تشجّعوا، أنا هو، لا تخافوا!" كما يتكشّف فهم المؤلِّف للنّفس البشريّة، وإسداؤه النّصائح التي تنبثق، هي الأُخرى، من صميم المعاناة. فالرّاعي والرّعيّة كلاهما، على حدّ سواء، في أتون واحد! نذكر من بين موضوعاته التي تناولتها عظاته واستشرافاته: الطمع البشريّ اللامحدود، اللامسؤوليّة عن الخليقة، الحروب والنزاعات والصدامات، النزوح واللجوء والتهجير، الكيان الوالديّ والعائلة، هويّة الأجيال الضائعة، الفقر والأمراض، الجائحة الفتّاكة "كورونا"، العنف الدّوليّ والتّناحر الاجتماعيّ، الرّحمة والتعاضد، العدالة والحقّ، موضوع الوحدة المسيحيّة والانفتاح على الآخَر والدور المسيحيّ المستقبليّ في المشرق.
كتاب "المحبّة تبني" إكسير روحيّ فيه مزيج من معرفة وشجاعة وتعاطف ومحبّة، التي هي أساس كلّ أساس. ولقد تعدّى أن يكون احتفالاً بيوبيل شخصيّ إلى أن يصبح صراط محبّة دافقة مزهرة لا نُدحة لنا عنه في هذه الأيّام.
هذا وقد قدّم المطران بطرس مراياتي كتابه" المحبّة تبني" لمديرة البرامج في محطة تيلي لوميار- نورسات الدكتورة ماري تريز كريدي متمنيًا أن تبقى تيلي لوميار شعلة الإعلام الحقّ ورائدة الانفتاح والسّلام .