المطران طربيه: ليس الصّليب مجرّد حدث تاريخيّ، بل سرّ حاضر فى حياتنا والطّريق إلى القيامة والحياة الأبديّة
ويشكّل هذا العيد أحد الأعياد الكبرى في الكنيسة المارونيّة، إذ يُجسّد الصّليب في اللّاهوت المسيحيّ رمزًا للفداء والخلاص، وعلامة محبّة الله للبشر. وقد شارك عدد كبير من المؤمنين في هذا الاحتفال اللّيتورجيّ بالصّلاة والتّأمّل.
وفى عظته، تأمّل المطران طربيه فى معاني الصّليب الخلاصيّة، قائلًا: "يعلّمنا الصّليب أنّ العظمة الحقيقيّة لا تُقاس بالقوّة أو الكبرياء، بل بالمحبّة الّتي تجلّت في المسيح الّذي بذل نفسه من أجلنا. فالرّبّ يسوع لم يتمّم سرّ الفداء على الصّليب لأنّه سعى إلى الألم، بل لأنّه أحبّنا حتّى النّهاية. فالصّليب ليس مجرّد حدث تاريخيّ، بل هو سرّ حاضر في حياتنا، وهو الطّريق إلى القيامة والحياة الأبديّة."
كما شدّد المطران على العلاقة العميقة بين الصّليب وسرّ الإفخارستيّا، موضحًا: "الصّليب والإفخارستيّا مرتبطان بعمق، ففي كلّ ذبيحة إلهيّة نُشارك فعليًّا في ذبيحة المسيح الخلاصيّة من أجلنا. ولذلك فالإفخارستيّا تجسّد الحضور الحقيقيّ للمسيح المصلوب والقائم من بين الأموات، وهي ينبوع حياة ونعمة لكلّ من يتناولها بإيمان."
كذلك تطرّق المطران طربيه إلى التّقاليد المارونيّة المرتبطة بهذا العيد، وقال، "يحمل عيد ارتفاع الصّليب فى كنيستنا المارونيّة طابعًا روحيًّا وشعبيًّا مميّزًا. ففي لبنان، تُشعل النّيران على قمم الجبال في ليلة العيد، إحياءً لذكرى إعلان القدّيسة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين، عن اكتشاف خشبة الصّليب المقدّس. وما زال المؤمنون يجتمعون حول هذه النّيران، حاملين شعلة الإيمان من جيل إلى جيل، في تعبير حيّ عن تمسّكهم بالصّليب كعلامة خلاص ورجاء."
وتزامن الاحتفال بعيد ارتفاع الصّليب المقدّس هذا العام مع "أحد حماية الأطفال والشّباب" الّذي تحييه الكنائس الكاثوليكيّة في أستراليا للتّشديد على التزام الكنيسة الرّاسخ بتوفير بيئة آمنة للأطفال والشّباب الأشخاص الأكثر عرضة للخطر. وخلال القدّاس، رُفعت الصّلوات من أجل جميع العاملين في مجال الحماية، والمتطوّعين، والعائلات، حيث تمّ التّأكيد على التزام الكنيسة المارونيّة في أستراليا بالشّفافيّة والمساءلة، بما يتماشى مع تعليم الكنيسة ومبادئها الأخلاقيّة.
وعقب القدّاس، نظّمت الرّعيّة مهرجانًا رعويًّا عائليًّا، شارك فيه أبناء وبنات الرّعيّة حيث استمتعوا بالأطعمة التّقليديّة والموسيقى والألعاب والعروض الثّقافيّة. وقد ساد جوّ من الفرح الأخويّ، مجسّدًا رسالة المطران طربيه الختاميّة، "فلنواصل بناء هذه الرّعيّة كمكان يشعّ منه وفيه نور المسيح، ويُحتضن فيه كلّ مؤمن بمحبّة وكرامة."
ويُعدّ عيد ارتفاع الصّليب المقدّس محطّة روحيّة مميّزة في حياة الكنيسة المارونيّة، إذ يشكّل مناسبة يجدّد فيها المؤمنون الإيمان والرّجاء بالخلاص، وتعزّز روح الجماعة المبنيّة على المحبّة والخدمة."