لبنان
08 تشرين الثاني 2022, 07:30

المطران سويف: لبنان مجروح ينتظر من يساعده

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف القدّاس الإلهيّ في كنيسة مار شربل- حرف ارده- زغرتا، لمناسبة افتتاح جمعّية كشّافة لبنان فوج حرف- ارده- زغرتا السّنة الكشفيّة تحت عنوان "قوّة الرّوح"، عاونه فيه مرشد الفوج الرّوحيّ الخوري يوسف جنيد، بحضور القادة المؤسّسين، والقادة القدامى، ومجلس القيادة الحاليّ، والعناصر الكشفيّة من الفئات العمريّة كافّة، وجمع من الأهالي، إضافة إلى مشاكرة مفوّض الشّمال الأوّل في كشّافة لبنان ميشال فارس على رأس وفد من قادة المفوّضيّة.

بعد الإنجيل المقدّس، ألقى سويف عظة قال فيها: "في البداية أريد أن أعبّر عن فرحي بالمشاركة معكم في هذه الذّبيحة الإفخارستيّة، في الأحد الأوّل من السّنة الطّقسيّة، السّنة اللّيتورجيّة في كنيستنا المارونيّة، الّذي يتزامن دائمًا مع افتتاح السّنة الكشفيّة، ولكن سأعبّر أيضًا عن فرح باحتفال الفوج المبارك الثّابت فوج كشّافة لبنان في حرف ارده، بيوبيله الخمسين، مرور خمسين سنة على تأسيسه، حينها لم أستطع أن أكون معكم في الاحتفال، لكنّي وجّهت تحيّة ورسالة، كذلك نشكر غبطة أبينا البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي الّذي وجّه أيضًا رسالة تهنئة لهذا الفوج في هذه الرّعيّة المباركة، وبهذه الطّريقة كرم الرّعيّة وكرم الأبرشيّة، بمرور خمسين سنة على تأسيس الكشّاف في رعيّة حرف ارده، واليوم أنا هنا بينكم وجهًا لوجه، وأمام حضرة الرّبّ أقول لكم مجدّدًا ألف مبروك يوبيلكم الذّهبيّ.

الحقيقة أنّه لأمر مفرح جدًّا، وهنا أودّ أن أشكر المرشد الرّوحيّ للفوج، الّذي لا يزال يتمتّع بروح الشّباب، كما أودّ أن أشكر القادة المؤسّسين الحاضرين معنا والغائبين، وكلّ القادة المسؤولين الّذين تعاقبوا على المسؤوليّة في كلّ المراحل، كما أودّ أن أحيّي القادة الحاليّين للفوج، لأنّ المسؤوليّة اليوم فيها الكثير من التّحدّيات خاصّة في هذه الأيّام، ولكن أنا أودّ أن أهنّئكم بمجرّد أن يكون فوجكم أكثر من مئة وعشرين شابًّا وصبيّة، وطفل وطفلة، وهذا ينمّ عن محبّة، عطاء وتعب، تضحية، وكرم، عن إيمان والتزام فألف وألف مبروك".

لا يسعنا أحبّائي إلّا أن نشكر الرّبّ على وجود هذه الحركات الكشفيّة الشّبابيّة في كنيستنا، ومن دونها تكون رعيّتنا "ختيارة"، من دون هؤلاء الأطفال والشّبيبة والاهتمام فيهم والإصغاء إليهم، ومرافقتهم، تكون الرّعيّة أحيانًا احتفالات بعيدة كلّ البعد عن الرّوح، عن النّبض، عن الحياة، عن قوّة الرّوح، الّذي هو موضوعكم لهذه السّنة، يعني قوة الرّوح القدس، نحن في بداية السّنة الطّقسيّة، وافتتاح السّنة الكشفيّة، نستلهم الرّوح القدس حتّى يجدّدنا، لأنّه معنا. عندما تعمّدنا مسحنا بالميرون ميرون المسيح، وتثبّتنا بنعمة الرّوح القدس، الّتي نلناها بالمعموديّة، وأصبحنا هياكل لها، وهذا هو إيماننا "إنّ أجسادكم هياكل الرّوح القدس"، كما يقول مار بولس. لذلك أحيانًا، إذا كان التّعب قد نال من الهيكل، اليأس، الظّلام، في بعض المحطّات، فالأهمّ هو أن لا نيأس أو نخاف، لأنّ أجسادنا في المعموديّة أصبحت هيكلاً للرّوح القدس لذلك نحن نجدّد القوّة الّتي نلناها بالمعموديّة الّتي هي قوّة الرّوح القدس، الّذي يعطينا القوّة حتّى نكون شهودًا حقيقيّين للرّبّ يسوع، وكما سمعنا بالرّسالة إلى العبرانيّين، الرّبّ يسوع الّذي هو رئيس كنيسة أحبارنا، هو الوحيد الّذي دخل إلى قدس الأقداس، وقدّم ذاته على الصّليب، فكان رئيس أحبار اعترافنا، عندما ينادون المطران رئيس الكهنة، أو إلى كلّ كاهن أبونا، أو كّل شخص أنت مسيحيّ، يعني أنّه ممسوح، والأهمّ أن ننظر إلى رئيس كهنة اعترافنا يسوع المسيح، لأنّ كهنوتنا الّذي نعيشه يكون تشبّه واقتفاء آثار الكاهن الأوّل والأعظم يسوع المسيح، كهنوت نعيشه بتواضع، بمحبّة، بالعطاء، بتقدمة الذّات، بروح الخدمة، وما هو شعار الكشّاف وروحانيّة الكشّاف؟ إنّه دائمًا مستعدّ، مستعدّ لماذا، مستعدّ للخدمة، لخدمة الرّبّ أوّلاً، لخدمة الإنسان.

الكشّاف دومًا مستعدّ لمساعدة الإنسان المتعب، المجروح، المريض، اليائس، هنا يكون الكشّاف قريبًا منه، يسمع له، ويتقبّله كما هو، وكما قال المسيح أنا جئت لكي أخدم لا كي أخدم، أن أحبّكم وأشفيكم، وعندما يكون الكشّاف موجود في حياة الإنسان المتألّم والضّعيف والفقير والمجروح يكون المسيح هو الّذي يتلاقى به. وهذا ما يذكّرنا بمثل "السّامريّ الصّالح" في الإنجيل المقدّس. الّذي رأى إنسانًا مجروحًا بين الحياة والموت وملقى على قارعة الطّريق لا أحد يسأل أو يهتمّ به، أعتني به كإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله من دون أن يسال من هو، وأظهر له كلّ الحبّ، الرّحمة، والعناية. وضمّد له جراحه وأخذه إلى المشفى، وعندما علم أنّه شفي ارتاح وأكمل طريقه، وهذا هو يسوع الّذي يتصرّف مع الإنسان، وهذا هو الكشّاف الحقيقيّ الّذي يتصرّف مع كلّ الإنسان، وهذا هو المسيحيّ الحقيقيّ الّذي يتصرّف مع أخيه الإنسان برحمة، لطف، ومحبّة، وإنسانيّة، كما فعل الرّبّ معنا، الله هو الكلمة الّتي صارت إنسانًا، تضامن مع إنسانيّتنا الضّعيفة والمجروحة، وشفانا من كلّ جراحنا وخطايانا، ورفعنا معه على الصّليب، وهو رئيس أحبار اعترافنا، وأعطانا الحياة الجميلة بموته وقيامته من بين الأموات، وأنا أكيد أنّكم أنتم ككشّاف مستعدّون للسّير في هذا الطّريق، نعم لنداء الرّبّ لكلّ واحد منكم حتّى تكونوا تلاميذ الرّبّ في قلب رعيّتكم، قلب الأبرشيّة، وحتّى في كلّ لبنان، لبنان المجروح المهمّش، الملقى على قارعة الطّريق ينتظر من يلاقيه ويساعده، ويجدّده، ومن غير قوّة الرّوح القدس تستطيع ذلك، هي الّتي تجدّد فينا الإنسان، نأمل أن تكون سنة مباركة، الّتي هي سنة طقسيّة، سنة تجديد البيعة، أيّ الكنيسة الّتي ولدت من الدّمّ والماء اللّذين سالا من جنب المسيح على الصّليب، كنيسة واحدة، جامعة، مقدّسة، رسوليّة، تشهد للحبّ والغفران".

وفي الختام، شكر الخوري جنيد المطران سويف، مشدّدًا على أنّ وعد الكشّافة اليوم هو "تأكيد واضح على الاستمرار في استعدادنا الدّائم للتّضحية والعطاء." ثمّ أقيم حفل تسليم بين الوحدات والقادة الجدد في الباحة الخارجيّة للكنيسة، كما تمّ عرض شرائح ضوئيّة تروي حكاية فوج لسنة كاملة.