المطران درويش: السّماء ليست مكانًا بل حضورًا
"ثمانٌ وأربعون عامًا مضت على تأسيس فوج زحلة الرّابع. نشكر الرّبّ على هذا الفوج الّذي بقي أمينًا لمبادئ مؤسّس الحركة الكشفيّة بادن باول وبقي أمينًا لمطرانيّة سيّدة النّجاة، فخلال هذه الأعوام أعطى الفوج الرّابع لزحلة قادةً كبار وشخصيّات مرموقة ومسؤولين التزموا العمل في الكنيسة وفي المجتمع.
شباب وشابّات كُثر فتحوا قلبهم خلال هذه السّنوات من خلال هذا الفوج على نعمة الله، فتحرّروا من القلق والتّشاؤم والخوف من المستقبل وقدّموا بالتزامهم شهادات حيّة لحضور الرّبّ يسوع في حياتهم، لأنّ المسيحيّ يحيا بالإيمان والعمل. والكشفيّة تُقدّم لشبابنا فرصة نادرة ليعيشوا الأخوّة ويتدرّبوا على الالتزام بقضايا الإنسان.
فللّذين أسّسوا الفوج الرّابع ومن كانوا قادته خلال هذه الأعوام محبّتنا وبركتنا ولمسؤولة الفوج الرّابع حاليًّا ومن يساعدها محبّتنا وشكرنا للتّضحيات الّتي يقومون بها وتشجيعنا ليكون الفوج الرّابع قدوة في المسلك والخدمة.
نبدأ غدًا الصّوم الكبير، هذا الزّمن المقدّس تقدّمه لنا الكنيسة كلّ سنة لكي ننمو في حياتنا الرّوحيّة وفي القداسة، واللّيتورجيا البيزنطيّة تُقدّم لنا خطّة عمليّة لتعيدنا خلال الصّيام إلى الفردوس/ السّماء. والسّماء ليست مكانًا بل هي حضورًا. عندما نكون في حضرة الله نكون في الفردوس.
إذن الصّيام هو عودة والعودة هي ارتداد. نرجع إلى عند الآب، إلى بيتنا الأبويّ، نرجع إلى الله الّذي يدعونا دومًا إليه "هاءَنذا أستغويك وآتي بك إلى البرّيّة وأخاطب قلبك" (هوشع 2/16).
الرّوح القدس هو الّذي يجعلنا نتجاوب مع نداء الرّبّ لنكون معه وهو الطّريق الّذي يدلّنا إلى يسوع. ويسوع يخاطب قلبنا بواسطة الإنجيل ويضع لنا خطّة الارتداد إلى الله.
تريد كنيستنا الشّرقيّة في هذا الإنجيل، أن تحثّنا على بعض الأمور المفيدة في الصّوم:
- من المستحيل أن نحبّ الله ونرضيه بصيامنا إذا كنّا لا نحبّ القريب ولا نريد أن نغفر له زلّاته كما يغفر لنا الله.
- لا نصوم للنّاس وإنّما نصوم لله. فالّذي همّه أن يظهر للآخرين صائمًا ينال أجره منهم. والّذي همّه أن يرضي الله، لا يستطيع بعد هذه الحياة أن ينفصل عن الله وينال أجره منه.
- المصالح والخيرات الأرضيّة زائلة ومعرّضة للإتلاف بواسطة السّوس والسّارقين والحروب والزّلازل والفيضانات... أمّا الأعمال الرّوحيّة الّتي لا تخدم إلّا الله والقريب، فإنّها ثابتة مدّخرة لنا؛ وعلينا أن نكثر منها لاسيّما في زمن الصّوم.
أتوجّه إليكم، داعيًا إيّاكم إلى الإقبال على التّمرّس بحياة روحيّة مسيحيّة أعمق، في هذه الأيّام، يكون قوامها صلاة أكثر شخصيّة وعمقًا في البيت وفي الكنيسة، بالاشتراك خاصّة بصلاة "يا ربّ القوّات" ومدائح العذراء، ممارسة الصّوم والقطاعة، كلّ حسب طاقته، ممارسة الإماتة الجسديّة والرّوحيّة على أنواعها،عيش المحبّة الأخويّة في العلاقات الاجتماعيّة، التّقرّب من الأسرار المقدّسة، الصّدقة وعمل الخير، كلّ حسب طاقته وظروفه. إذا عملنا هذه يكون صومنا مقبولاً، ونقدّم أيّام الصّيام، ونتألّق بنور إنجيل يسوع المسيح، ونشهد للمسيح في مجتمعنا."
بعد القدّاس، جال الحاضرون على معرض خاصّ نظّمته قيادة الفوج الرّابع تحت عنوان "48 سنة... بلمحة بصر" ضمّ أرشيف الفوج منذ تأسيسه عام 1972 وشمل طلبات الانتساب إلى الفوج، صورًا للنّشاطات، جوائز وأوسمة، كؤوسًا، تذكارات وآلات موسيقيّة قديمة.