لبنان
13 تموز 2017, 12:12

المطران جورج بو جوده لطلّاب معهد اللّاهوت في كرم سدّه: شهاداتكم ليست بغرض عرضها في بيوتكم بل لعرضها في حياتكم

احتفل معهد التّثقيف الدّينيّ والرّاعويّ في أبرشيّة طرابلس المارونيّة في بلدة كرم سدهّ قضاء زغرتا، بتخريج دفعة جديدة من الطّلّاب والطّالبات، من معاهد اللّاهوت في ضهر العين، عيمار، ورشعين. وذلك في القاعة الكبرى في مبنى الإكليريكيّة في دير مار يعقوب في كرم سدّه. حضر حفل التّخريج راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران جورج بو جوده، رئيس دير مار يعقوب المونسنيور أنطوان مخائيل، المونسنيور يوسف توما، مدير معهد اللّاهوت الخوري سيمون جبرائيل، مدير معهد اللّاهوت في زغرتا الخوري حنّا عود، مدير مدرسة مار أنطون البادوانيّ في كرم سدّه ابراهيم الخوري، ولفيف من كهنة الأبرشيّة وأهالي وأقارب الخرّيجين والخرّيجات.

 

بداية الّنشيد الوطنيّ اللّبنانيّ من ثمّ عرّف بالحفل الخوري جورج جريج، بعدها ألقى مدير المعهد الخوري سيمون جبرائيل كلمة جاء فيها: "يؤكّد المجمع الفاتيكانيّ الثّاني في بيانه حول «التّربية المسيحيّة» على أنّ لجميع المسيحيِّين الحقّ في تربية مسيحيِّة، وقد صاروا بميلادهم الثّاني بالماء والرّوح القدس خليقة جديدة وأبناء الله. وتهدف التّربية المسيحيّة إلى جعل المعمَّدين الّذين أُدخلوا تدريجيًّا في معرفة سرّ الخلاص، يزدادون كلّ يوم وعيًّا بهبة الإيمان الّتي نالوها، ويتعلّمون كيف يعبدون الله الآب بالرّوح والحقّ. ويوجّهون حياتهم الشّخصيّة بحسب الإنسان الجديد إلى ملء قامة المسيح فيساهمون في نموّ جسده السّريّ".

 

أضاف: "وبدراستهم يصبحون مستعدّين لأن يردّوا على من يطلب إليهم، دليل ما هم عليه من الرّجاء. فيساهمون في تطوير العالم تطويرًا مسيحيًّا إنطلاقًا من القيم اللّاهوتيّة والأخلاقيّة والرّوحيّة، الّتي تهدف إلى  تحقيق خير المجتمع بأسره. لذلك يذكِّر المجمع رعاة النّفوس بواجبهم الكبير في أن يعملوا كلّ ما في وسعهم، ليستفيد المؤمنون جميعًا من هذه التّربية المسيحيِّة. ويضيف على ذلك البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني قائلاً بأنّ أثمن هديّة يمكن للكنيسة أن تقدّمها لعالم اليوم التّائه المضطرب، هي أن تثقّف فيه مسيحيّين راسخين في ما هو جوهريّ، سعداء، في تواضع بالإيمان. لهذا تمنّى قداستُه مضاعفة وزيادة المبادرات الّتي تهدف إلى التّثقيف الدّينيّ، واستكمال ما ينقص من المعرفة اللّاهوتيّة والرّوحيّة لدى البالغين وكبار السّنّ وجميع فئات المؤمنين".

 

وتابع: "من هنا وعملاً بتوصيات المجمع الفاتيكانيّ الثّاني كانت ولا تزال أبرشيّة طرابلس المارونيّة السّبّاقة في المبادرات الّتي دعانا إليها البابا القدّيس وخير دليل على ذلك المبادرة الأخيرة الّتي قمنا بها ببركة صاحب السّيادة المطران جورج بو جوده راعي الأبرشيّة السّامي الاحترام بفتح مراكز جديدة في مختلف قطاعات الأبرشيّة؛ في طرابلس ورشعين وضهر العين وعيمار والقبيّات، وحديثًا في كفردلاقوس وحلبا وكهف الملول، من دون أن ننسى طبعًا إكليريكيّة مار أنطونيوس البادوانيّ الّتي تحتضن كلّيّة العلوم والدّراسات الرّاعويّة التابعة للجامعة الأنطونيّة، ومعهد الزواج والعائلة التابع لجامعة الحكمة. وكلّ ذلك حتى نطال أكبر عدد ممكن من الرّعايا والمؤمنين المتعطّشين إلى المعرفة اللّاهوتيّة بكلّ تشعّباتها والباحثين عن فهم أعمق لإيمانهم وحياتهم. وإنّنا نسعى دائمًا إلى التّحسين رغم صعوبة المهمة الّتي نقوم بها إدارة وأساتذة، وهمّنا الوحيد عدم الّتقصير كي لا يُحرم المؤمنون من التّعليم فيُقال لنا على لسان سفر المراثي: “الأطفال طلبوا خبزاً، ولم يكن من يكسره لهم”(مراثي 4:4)".

  وقال: "إنَّنا جميعاً أيُّها الأحبّاء نرفعُ شكرَنا لله على كلِّ الخيرات والنّعم الّتي أفاضَها علينا. وأشكر معكم صاحب السّيادة على دعمه الدّائم لنا معنويًّا ومادّيًّا وهو السّاهر على إيصال هذه الثّقافة الدّينيّة إلى أكبر عدد ممكن من أبناء الأبرشيّة حتى ينخرطوا فيما بعد بالخدمة الرّاعويّة في الأبرشيّة بشكل عام ورعاياهم بشكل خاصّ. وأشكر من صميم القلب الأباء الأساتذة على الوقت الثّمين الّذي يقدّمونه لنا، وانّي أعتذر منهم جميعًا "لأنّي ما تركتلن ويكند فاضي يرتاحوا فيه". وأشكر الأباء الّذين يعاونوننا في إدارة المراكز؛ الخوري جوزيف فرح، الخوري فؤاد الطّبش، الخوري جو رزق الله، الخوري يواكيم نجيم، الخوري ريمون الباشا، الخوري لويس سعد، والخوري دانيال شديد، ويعزّ عليَّ أن أشكر كاهنًا كان سبّاقًا في استقبالنا في رعيّته ودعمه المطلق لنا هو الخوري يوحنّا معربس رحمه الله".

وختم: "عزيزاتي الخرّيجات، أعزّائي الخرّيجين، نهنـِّــئُكم ونهنـِّــئ عيالكم وأهلَكم وأحبّاءَكم وأصدقاءَكم على تخرُّجِكم هذا. ها أنتم تقطفونَ اليومَ ثمارَ سنوات الدّراسة. أنتم مستقبل الكنيسة، فاكتشفوا مشروع الله في حياتكم. كونوا حرّاسَ نورِ الإيمان والحقيقةِ والمحبّةِ، حرّاسَ تعليم الكنيسة. وكونوا شهودًا حقيقيّين للإنجيل ومُبشِّرينَ به. وعلى أمل أن نلتقي بالسّنوات القادمة، نستودعكم سلام المسيح".

ثم كانت وصلات ووقفات فنّيّة، وكلمات للمتخرّجين، روميو البرساوي باسم متخرجيّ ضهر العين، كريستين سمعان عن متخرّجي عيمار، وسعاد النشمي عن متخرّجي رشعين.

بعدها ألقى المطران جورج بو جوده كلمة قال فيها: "ليس من الغريب أن أخرّج علمانيين في الحقل الرّسوليّ لأنّي منذ أن أصبحت كاهنًا من 49 سنة، كان اهتمامي ونشاطي مع العلمانيّين من خلال كلّ المخيّمات الرّسوليّة الّتي كنّا نقوم بها. وتوجّه للخرّيجين قائلاً: انطلق من سؤال المسيح لتلاميذه "من أكون أنا بالنّسبة لكم"، فكان جواب بطرس له "أنت المسيح ابن الله الحيّ". فالقضيّة ليست قضيّة معلومات أو شهادة حصلنا عليها أو تعاليم سمعناها من أساتذة ودكاترة في الكتاب المقدّس واللّاهوت، القضيّة هي إيماننا ومن هو الّذي نؤمن به ولمن نحن مدعوّون لأن نكون شهودًا. "أنت المسيح ابن الله الحيّ: قال له بطرس. إيماننا المسيحيّ له نظريّات فكريّة وفلسفيّة وإيديولوجيّة ويمكن لأيّ شخص يمتلك الحشريّة الثّقافيّة أن يحصل عليها. كما أنّ الكثير من العلماء كان لديهم معلومات عن المسيحيّين والكنيسة أكثر من اللّاهوتيّين، ولكن معلوماتهم كانت مجرّد معلومات خارجيّة لا توصل إلى العلاقة الصّحيحة مع المسيح وأن يؤمنوا بالمسيح. أمّا معلوماتكم الّتي حصلتم عليها يجب أن توظّفوها لتعمّقوا معرفتكم بالمسيح وأن تكونوا عدوى للآخرين الّتي يمكن أن تكون عدوى إيجابيّة. حملتم الشّهادة ليس بغرض عرضها في بيوتكم بل لعرضها في حياتكم ولتكون منتعشة بروح المسيح وما ينقصنا هو أن نعرف من هو المسيح ولماذا نؤمن بالمسيح وكيف نشهد للمسيح. فالعلاقة بالمسيح يجب أن نوطّدها وأن نكون شهودًا له شخصيًّا وشهودًا لحدث القيامة الّذي هذا هو أساس إيماننا".

 

وختم قائلا: "نحن أبناء قيامة ولسنا أبناء نظريّات فكريّة، نحن أبناء شخص إله وإنسان يسوع المسيح. وإذا كان هناك أهمّيّة لهذا المعهد الموزّع على عدد من الرّعايا والّذي سيشمل كلّ أبرشيّة فإنّ هذه الأهمّيّة هي أن نشعر بهذه المسؤوليّة الملقاة علينا. المطلوب منّا كما قال البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني أن نكون أبناء بلد ليس مجرّد بلد كغيره من البلدان بل أبناء بلد رسالة وأن نحمل الرّسالة بالرّغم من المضايقات والصّعوبات والمشاكل والاضطهادات الّتي تعترضنا، أن يكون لدينا الجرأة كي نشهد للمسيح".

 

في الختام تسلّم الطلّاّب المتخرجّين شهاداتهم من المطران بو جوده، ومدير المعهد الخوري جبرائيل. وأقيم حفل كوكتيل في المناسبة.