المطران تابت في ختام مؤتمر الشّباب المارونيّ في كندا: أنتم مستقبل الكنيسة!
المؤتمر الّذي جمع نحو 850 شابًّا وشابّة من مختلف المقاطعات الكنديّة، كان افتتاحه بكلمة لراعي أبرشيّة مار مارون- كندا المطران بول- مروان تابت، ثمّن فيها "هذه الاندفاعة الشّبابيّة، الّتي تتجدّد كلّ سنة، وتحيي فينا الرّجاء بغد أفضل مشرق وواعد، وذلك نظرًا إلى الدّور المهمّ، الّذي يؤدّيه هؤلاء الشّباب، الّذين يُعتبرون قوّة ديناميكيّة تعكس روح الإنجيل بروح جديدة ومواكبة لتحدّيات العصر، من خلال تعميق الحياة الرّوحيّة عبر الصّلاة، واللّقاءات الرّوحيّة، والرّياضات الرّوحيّة، والتّنشئة الإيمانيّة، ممّا يساهم في نقل القيم المسيحيّة في الحياة اليوميّة، ونشر روح المحبّة، والسّلام، والرّجاء، والعمل على إحلال السّلام، خاصّة في المجتمعات المتعدّدة الثّقافات والعادات والتّقاليد."
وشدّد على "أهمّيّة العائلة والجماعة المؤمنة، وضرورة الحفاظ على القيم الّتي نقلها إليهم آباؤهم من لبنان، ويعيشونها في مجتمع مختلفة عاداته وتقاليده عن عاداتهم وتقاليدهم، فاستطاعوا أن يشهدوا للحقّ في حياتهم وفي محيطهم، واجتهدوا أن يكونوا فيه كالخميرة في العجينة".
ودعا الشّبيبة المسيحيّة إلى "الحفاظ على هذه التّقاليد الرّوحيّة والاجتماعيّة والعائليّة، مع ما يتطلّبه هذا الأمر من شجاعة استثنائيّة تمكّنهم من عدم الذّوبان في مجتمعاتهم الجديدة، وتعميق إيمانهم، والافتخار بتراثهم، وتوطيد روابط دائمة بوطن الأجداد والآباء".
وعن تفاصيل الأيّام الثّلاثة من المؤتم، بدأ المؤتمرون اليوم الأوّل تحت عنوان "العودة إلى الجذور"، بنشاط مُصمّم لإعادة ربطهم بالتّقاليد المارونيّة والإيمان والمجتمع، فأتت الافتتاحيّة في سياق نشاط أطلقت عليه تسمية "بيت جدّي" تعرّف من خلاله المشاركون على ما يحتويه البيت القرويّ في كلّ بلدة لبنانيّة.
وبعد جولة من التّعارف، تمّ تبادل الآراء حول المفاهيم العامّة لما تعنيه لهم العودة إلى الجذور، وكيفيّة تأقلمهم مع المجتمع الكنديّ من دون أن يذوبوا فيه، وذلك من خلال تفاعل حضاريّ راقٍ ومتوازن.
وكان لافتًا ما تميّز به هذا اليوم، من خلال ما طرحه هؤلاء الشّباب من أفكار فاجأت بما فيها من نضوج وثقافة ومعرفة عميقة عن الواقع اللّبنانيّ المنظّمين والمشرفين على جلسات الحوار.
وتميّزت فعاليّات اليوم الثّاني، الّتي عُقدت في رعيّة مار مارون في لافال، بحفل افتتاحيّ ألقى خلاله المطران ميشال الجلخ كلمة توجيهيّة، أكّد فيها "أهمّيّة الحاجة إلى معرفة الإرث الشّرقيّ لآباء الكنيسة وصلواتهم لأنّها كانت وسيلة فعّالة لقداسة هذه الشّعوب"، ونوّه بـ"دور الجماعات في الكنسية الشّرقيّة في الاغتراب ودورها في إغناء الكنيسة المحلّيّة".
وأعرب عن "دهشته لهذه الحماسة، الّتي لمسها لدى الشّباب اللّبنانيّ، الّذين أتوا من أماكن بعيدة للمشاركة في هذا المؤتمر، الّذي أصبح تقليدًا سنويًّا، يزداد تنظيمًا وخبرة سنة بعد سنة، وذلك بفضل راعي الأبرشيّة والكهنة والمتطوّعين الّذين يشرفون على هذا العمل المميّز، والّذي يزيدنا أملًا وثقة بأنّ الكنيسة مبنيّة على أسس متينة لن تقوى عليها أبواب الجحيم"، ودعاهم إلى "التّعلّق بكنيستهم وتعاليمها وإرشادات مدبّريها، وإلى تجذّرهم بتراثهم اللّبنانيّ بما فيه من غنىً روحيّ وثقافيّ."
ثمّ انقسم المشاركون إلى ورش عمل حول العنوان الرّئيسيّ "الهويّة" لحلقات اليوم الثّاني، وأقيمت الصّلوات والتّأمّلات والاعترافات، مستلهمين سيرة حياة الطّوباويّ كارلو أكوتيس، في حضور ذخائره.
وتحت عنوان "جسور الإيمان" بدأ اليوم الثّالث والأخير من المؤتمر بقدّاس ترأّسه المطران تابت وشاركه فيه المطران جلخ وحضره قنصل لبنان العامّ أنطوان عيد ورؤساء الأحزاب اللّبنانيّة في مونتريال وفعاليّات من الجالية اللّبنانيّة.
بعد القدّاس، قدّم المطران تابت للمطران جلخ درع الأبرشيّة "الصّليب الأبرشيّ"، شاكرًا له مشاركته الفعّالة في هذا المؤتمر، مؤكّدًا أنّ "هؤلاء الشّباب هم مستقبل الكنيسة الجامعة".
بدوره شكر المطران جلخ للمطران تابت "ما قام ويقوم به من جهود جبّارة لكي يبقى أبناء الجالية اللّبنانيّة في كلّ المقاطعات الكنديّة ملتفّة حول كنيستهم"، مؤكّدًا أنّ "ما يبذله في هذا السّبيل هو محلّ تقدير من قِبل الجميع، وبخاصّة من قِبل الفاتيكان، الّذي يتابع تفاصيل الأبرشيّات الاغترابيّة بدقّة وعناية".