لبنان
28 كانون الأول 2023, 07:30

المطران العمّار أعلن من المركز الكاثوليكيّ للإعلام رسالة البابا فرنسيس حول "الذّكاء الاصطناعيّ والسّلام": لتنشيط الحسنات والابتعاد من السّيّئات

تيلي لوميار/ نورسات
أعلن رئيس اللّجنة الأسقفيّة "عدالة وسلام" المطران مارون العمّار رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالميّ للسّلام السّابع والخمسين بعنوان"الذّكاء الاصطناعيّ والسّلام"، في مؤتمر صحافيّ عقده في المركز الكاثوليكيّ للإعلام بمشاركة مدير المركز المونسنيور عبدو أبو كسم وعضو اللّجنة الأسقفيّة "عدالة وسلام" الدّكتور جورج بيطار.

بداية رحّب أبو كسم بالحضور وقال: "نطلق اليوم رسالة قداسة البابا في اليوم العالميّ للسّلام على أن يتمّ الاحتفال بهذا اليوم في السّابع من كانون الثّاني في الصّرح البطريركيّ في بكركي السّاعة العاشرة صباحًا".

أضاف: "اليوم نطلق هذه الرّسالة بعنوان "الذّكاء الاصطناعيّ والسّلام"، ونتساءل أمام هذا التّطوّر العجيب كما سمّوه في المجمع الفاتيكانيّ الثّاني للإعلام، أنّه من الاختراعات العجيبة، واليوم نحن نتكلّم على الذّكاء الاصطناعيّ حيث ينظر العالم إليه وكأنّه اختراع جديد ربّما يقلّص عقل الإنسان ويفتح الآفاق على العالم الإلكترونيّ والعالم السّيبرانيّ وعالم الإنترنت وربّما يغني البشريّة. من هذا المنطلق نسأل هل الذّكاء الاصطناعيّ هو نعمة للبشريّة أم نقمة".

وتابع أبو كسم: "لهذا السّبب تدرس الكنيسة هذا الاختراع العجيب لكي تستطيع أن توجّه أبناءها في التّعامل معه، جاءت رسالة قداسة البابا لهذه السّنة لمناسبة يوم السّلام العالميّ لتتكلّم عن السّلام وما يستطيع أن يقدّمه له الذّكاء الاصطناعيّ، هل سيكون هذا الذّكاء الاصطناعيّ في خدمة السّلام أم أنّه سيسبّب لا سمح الله مشاكل في عالمنا، على أن نقيم ندوات حول هذا الموضوع لنتبحّر أكثر فأكثر في ماهيّة هذا الاختراع العجيب".  

 

وتحدّث المطران العمّار عن إيجابيّات الذّكاء الاصطناعيّ وأهدافه، انطلاقًا من رسالة البابا فرنسيس حول هذا الموضوع وارتباطه بالسّلام"، وقال: "الذّكاء الاصطناعيّ أصبح في كلّ مكان وتأثيره قويّ في توجّه العالم وفي التّربية العالميّة وبالتّقدّم والتّطوّر العالميّ، لذلك رأت الكنيسة وعلى رأسها قداسة البابا أنّه لا يمكننا إلّا الإضاءة على هذه المادّة العجيبة الّتي دخلت المجتمع بقوّة ورأى قداسة البابا أنّه يجب أن تكون مصدرًا للسّلام ولذلك قدّم لنا هذه الرّسالة الّتي تجعلنا نفكّر كأشخاص ودول وهيئات ومؤسّسات عالميّة كيف يمكن أن نوجّه هذا المخلوق الجديد نحو السّلام. وهذه الغاية الأساسيّة الّتي وضعها قداسة البابا لأنّ الذّكاء الاصطناعيّ ليس محصورًا في بيئة أو دولة معيّنة بل أصبح عالميًّا من هنا رأى أنّه لا يمكننا التّحدّث عن السّلام من دون الأخذ في الاعتبار العنصر الجديد وتوجّهه نحو السّلام بعيدًا من السّلبيّات.

وأشار العمّار إلى أنّ الذّكاء الاصطناعيّ "يهدف إلى تحسين حياة البشر والبشريّة عبر العمل على توقّف الصّراعات في أنحاء العالم، وعلى تقديم المساواة الإنسانيّة بين الشّعوب عبر التّطوّر الإيجابيّ للحياة وخلق عالم أكثر إنسانيّة وإنصاف المهمّشين والضّعفاء".  

واعتبر أنّ "الذّكاء الاصطناعيّ نعمة إنسانيّة لأنّه تعبير عن إظهار الكرامة الإنسانيّة الّتي وهبنا إيّاها اللّه في الخلق، والقدرة الإبداعيّة عند الإنسان".

وعن تطبيق الذّكاء الاصطناعيّ على الأرض في خدمة السّلام، أشار العمّار إلى أنّ "قداسة البابا يرى ذلك ممكنًا من خلال:    

- السّيطرة على التّطوّر التّكنولوجيّ الّذي يمثّل أحيانًا خطرًا على الإنسان

- المساعدة على تقدّم البشريّة عبر خدمة أفضل لها موجّهة نحو الخير العامّ

- المساعدة على التّنمية البشريّة المتكاملة، مثلاً في الزّراعة والتّعليم والثّقافة والأخوّة الإنسانيّة والصّداقة الاجتماعيّة والسّلام

- خدمة الكرامة البشريّة عبر تعزيز إمكانيّات التّواصل الخيّرة  

- تعزيز الفكر النّقديّ في المساعدة على التّمييز في كيفيّة استخدام البيانات وأخذ الصّحيح وإبعاد الكاذب

- خلق عالم أكثر تضامنًا وسلامًا وعدالة".

وإختتم العمّار: "للوصول إلى ذلك يطلب قداسة البابا تأسيس هيئات مستقلّة للذّكاء الاصطناعيّ ومنظّمات عالميّة تعمل على تأمين التّواصل بين الدّول عبر استحداث دورات عالميّة مستدامة تعلّم على التّمييز في عالم الذّكاء الاصطناعيّ من أجل تنشيط الحسنات والابتعاد من السّيّئات".  

 

ثمّ تحدّث الدّكتور بيطار عن سلبيّات تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ ومخاطره على مستوى الفرد والمعلومة بحدّ ذاتها وعلى مستوى النّزاعات العالميّة والعلوم العسكريّة والمحاولة للوصول إلى السّلام، وتطرّق إلى الذّكاء الاصطناعيّ على مستوى الاقتصاد والإنتاج والتّوزيع والاستهلاك والعدالة الاجتماعيّة بالإضافة إلى الأخلاقيّات والقيم في تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ.

وإعتبر بيطار أنّ "تطبيقات التّكنولوجيّات مهمّة ولكن لكلّ منها إيجابيّات وسلبيّات في الهدف النّهائيّ لاستعمالها. فكلّ اكتشاف له ارتدادات سريعة نظنّها إيجابيّة وله ارتدادات تظهر مع الوقت وتكون سلبيّة في المدى الطّويل".

ورأى بيطار "أنّنا نعيش في عين عاصفة توسيع تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ بشكل مفرط ومسخّر لأغراض بعيدة من العدالة الاجتماعيّة والسّلام العالميّ وتكافؤ الفرص والتّوزيع العادل للثّروات، فالذّكاء الاصطناعيّ ككلّ تكنولوجيا قويّة يحمل في تطبيقاته إيجابيّات وسلبيّات ومخاطر عدّة في المدى المتوسّط والبعيد يصعب تقديرها آنيًّا".  

وأشار بيطار إلى أنّ "من سلبيّات الذّكاء الاصطناعيّ على مستوى الفرد عدم الحفاظ على خصوصيّة الفرد كإنسان، ويدخل في خصوصيّات ودقائق معلومات الحاسوب وكشف كلّ المعلومات. وعلى مستوى المعلومة الّتي نحصل عليها من التّطبيقات قد تكون غير دقيقة وغير صحيحة لغايات مشبوهة ونفعيّة. وفي موضوع النّزاعات وأسلحة الدّمار الشّامل فتشكّل التّطبيقات لعبة خطيرة غير مؤاتية للسّلام وهذه التّطبيقات تستعمل في النّزاعات والعلوم العسكريّة كما حصل في غزّة والعراق وسوريا وغيرها... وكذلك في موضوع سباق التّسلّح الاستراتيجيّ. أمّا في مجال الاقتصاد والإنتاج والتّوزيع والاستهلاك المفرط فإنّ زيادة تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ تزيد من عوامل البطالة واستبدال الموظّفين بالذّكاء الاصطناعيّ".

ورأى بيطار أنّ "هناك قيما يصعب جدًّا الحفاظ عليها في تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ ومنها: الشّموليّة، الشّفافيّة، الأمن، العدالة، السّرّيّة والثّقة".  

وشدّد بيطار على" ضرورة إنشاء هيئة عالميّة ترتكز في بياناتها على حقوق الإنسان والدّيمقراطيّة وتمنّى أن يتدخّل الفاتيكان لفرض القيم الإنسانيّة والمسيحيّة في هذا الإطار وأن تركّز على أن تكون تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ لأغراض سلميّة وللإخوّة الإنسانيّة".  

وإعتبر أنّ "أهمّيّة الذّكاء الاصطناعيّ وتطبيقاته في مجالات عدّة لا تقلّ عن أهمّيّة الطّاقة الذّرّيّة وتطبيقاتها. لذلك يتوجّب إخضاع العلم والتّكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ وتطبيقاته إلى معايير ومنطق الأخلاقيّات والقيم الإنسانيّة لتدعيم العدالة والسّلام في عالم يتقهقر في قطب يبتعد بنمط متسارع نحو فقدان العدالة والسّلام".