المطران ابراهيم من عين كفرزبد: نتطلّع إلى أن نصبح قدّيسين وأن نملأ حياتنا من المسيح
بعد الإنجيل المقدّس، كانت كلمة ترحيب من الأب البلعة بالمطران ابراهيم، ثمّ قدّمت له الشّبيبة بطرشيلاً وأوموفورميون عربون محبّة واحترام.
من جهته، شكر المطران ابراهيم الرّعيّة على الاستقبال في عظة قال فيها: "يسعدني أن أعيّد معكم اليوم في زيارتي الأولى لكم عيد جميع القدّيسين الّذين أكملوا سعيهم، حفظوا الإيمان ونالوا البرّ من المسيح وصاروا قدّيسين. السّعي إلى القداسة هو مناصرةُ الله فيَّ. أن أُناصِرَهُ، يعني أن أُعيدَهُ مَلِكًا على حياتي، أي على حرِّيَّتي وعقلي وإرادتي، وأن أُحبَّهُ من كلِّ قلبي وكلِّ نفسي وكلِّ ذهني وكلِّ قُدرتي، وأن أُحبَّ قريبي كنفسي (مرقس 12: 30 و31).
لا تستقيمُ القداسة عندي إلّا إذا أحببتُ. فإن أحببتُ اللهَ فوقَ كلِّ الأشياءِ، أُدركُ ما معنى أن ينكسرَ قلبي لكي ينتصرَ. ينكسرُ قلبي إذا تخلَّيتُ عمَّن وعمَّا أُحبُّ لكي أحبَّ اللهَ أكثرَ، فأستحقَّهُ. اللهُ لا يريدُ ألاَّ أحبَّ أحدًا غيرَهُ! هذا مستحيلٌ. لأنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ. هو يريدُني أن أُحبَّ أبي وأمِّي وإخوتي وأخواتي وبنيَّ وبناتي وأقاربي وأصدقائي وحتَّى أعدائي. لأنِّي أحبُّهُ وأحبُّ على مِثالِهِ ومِن خِلالهِ.
إذا عرفتَ معنى القداسة، يتعذَّرُ عليك أن تقولَ: كُن أخي وإلّا قتلتُكَ. كُن مِثلي وإلّا ألغيتكَ. فكِّر مثلي، وإلّا قاصَصْتُك. آمِنْ مثلي، وإلّا كفَّرتُكَ. أطِعْني، وإلّا نبذْتُكُ. أحبِبْني، وإلّا كَرِهتُكَ. طاوعني، وإلّا كسرتُكَ وشهَّرتُ بكَ.
والقداسة تُفْهِمُكَ أنَّك للهِ مع الآخَرِ، وأنَّك لن تُدرِكَ اللهَ وحدَكَ. الآخَرُ هو دليلُكَ في دروبِ الرّحلةِ نحوَ الله. هو نورُ طريقِك الّذي من دونِهِ تضِلُّ وتضيعُ. وهلْ بإمكانك أن تكونَ سامريًّا صالِحًا إذا لم يكُنْ لكَ قريبٌ مجروحٌ، تصنعُ إليه الرّحمةَ! عندما تناصرُ اللهَ فيك، وأنتَ لا تراهُ، ينتصرُ بك ومعك قريبُك الّذي تراهُ.
إذا كانت القداسة مُناصرةً للهِ فينا، نشهدُ دونَ أيِّ شكٍّ انتصارَ الفرحِ على الحزن في زمنٍ لا تستطيعُ فيه حربٌ ولا جوعٌ ولا فقرٌ ولا مرضٌ قَتلَ الإنسانِ بقَدرِ ما يقتلُهُ الحزنُ. ما يُؤسَفُ لهُ غالبًا: المقدرةُ على نشرِ عدوى الحزنِ، وعجزِنا عن نشرِ أجنحةِ الفرح! القداسة ليست مُرادفًا للحزنِ كما يُظنُّ. إنَّها موسمُ الفرحِ والابتهاجِ بامتيازٍ.
مناصرةُ اللهِ فيَّ، تعني لنا نحنُ المؤمنينَ أن نتنافسَ في الخير بالمَثَلِ والقولِ. الكنيسةُ ليست مكانًا نتنافسُ فيه على منصبٍ أو نجْتني منه مَجْدًا باطِلاً زائلاً. هنا! لا يوجدُ مكانٌ للتّنافسِ على نيلِ سلطةٍ أو رئاسةِ. فالمكانُ ليس إلّا مكانَ خدمَةٍ. القداسة، تعلِّمنا، أنَّ الأوَّلين يصيرون آخرين بغضِّ النّظرِ عن عددِ إنجازاتِهم المتنوِّعةِ وعَظَمتِها. الإنجازُ الأهمُّ هو تواضُعُك وتقواكَ. نحن نُنجِزُ عندما نتواضعُ، فيظهرُ اللهُ فينا. اللهُ لا يعملُ من خلالِ المتكبّرين.
إنَّ أحدَ جراحِ الكنيسة هو رؤيةُ مَن يقيسونَ نجاحَ الخدمةِ من خلالِ عَدَدِ المشاريعِ والإنجازاتِ والنّشاطاتِ، بينما يعبرونَ قُرْبَ النّفوسِ الّتي تكادُ تهْلِكُ، فينظرونَ إليها ويجوزونَ. لو جُمِعَتْ كمّيَّةُ الطّاقةِ الّتي تُهدرُ في الكنائس بسببِ التّنافسِ السّلبيِّ، ووُظِّفَتْ في الخدمةِ، لكانت كلُّ كنيسةٍ على الأرضِ سماءً مُسبقةً. فلنتنافس حقًّا في بناءِ جَسَدِ الكنيسة، لا في تقويضهِ.
نحن في يوم كهذا نتطلّع إلى أن نصبح قدّيسين وأن نملأ حياتَنا من المسيح. أن نكون قدّيسين يعني أن نعيش الإنسان كلَّه في معنى إنسانيّتنا وأن نشعر أنّنا جزءٌ من هذا الكيان الإنسانيّ الشّامل المنفتحِ على الألوهة.
أطلب من الله أن يزيدنا قداسة وأن يُكثر القدّيسين فيما بيننا. كما أطلب من الله أن يحفظَ هذه الرّعيّة المؤمنة، جماعة القدّيسين في عين كفرزبد، وأن يحمي أهلها ولبنانَ كلَّه من كلِّ مَضَرَّةٍ وأن يمنحنا الاستقرار والازدهار، وأن يمطرنا ببركاته".
وزار المطران ابراهيم يرافقه رئيس البلديّة مركز بلديّة عين كفرزبد والكنيسة القديمة حيث تحدّث إلى الشّبيبة داعيًا إيّاهم إلى التّمسّك بلبنان وعدم فقدان الأمل. وإختتم الزّيارة بتفقّد الكنيسة الجديدة واستمع من الوكلاء إلى الحاجات لإتمام البناء.