"المخدرات: مأساةٌ، وضياع حياة" الأب بعقليني
تحدّث الأب نجيب بعقليني، رئيس جمعيّة عدل ورحمة عن المخدِّرات أوضح فيها أنّ "أجيال هذا العصر تُعاني، يومًا بعد يوم، أزمات فادحة وصعوبات جمّة، وتعقيدات خانقة، وتحدّيات كبيرة. أمسى عصرنا في مهبّ الرياح العاتية، التي تعصف بقوّة بمصير أفراد المُجتمع، لا سيّما الشبيبة ومُستقبلها".
وأشار إلى أنّ "عصرنا مطبوع بالأحداث الأليمة والإنجازات المتطوّرة والتقدّم التكنولوجيّ الهائل خصوصًا في مجال الذكاء الاصطناعيّ، والمناسبات العالميّة، مع ذلك، نرى سلوكيّات الإنسان وإدارته وتفاعله مع البيئة سيّئة جدًّا كما مع الآخر المُختلف، من هنا لا بدّ من إعادة الاعتبار إلى الإنسان والإنسانيّة لأنّ إرادة الخالق تكمُن في جمع الناس حول السلام و"العيش معًا" بأمان ونمو مستدام".
أضاف: "يبحث عُلماء الاجتماع والنفس والاقتصاد، كما الديانات السماويّة، عن أسباب تلك الحالة القاسية التي تؤثّر سلبًا وبشكل مُباشر على حياة أفراد المُجتمع. دخل عصرُنا في عتمة الظُلمة الموحشة، رافضًا نور الفِكر والمنطِق، كما التعاليم السماويّة، والمبادئ الأخلاقيّة والإنسانيّة. نعم، راهنت شريحةٌ من المجتمع على أنّ الحُلول لتلك الأزمات تكمُن في الهُروب إلى الأمام، من خلال العُزلة والتخاذُل والضعف وعدم المواجهة والارتهان للخيال، ومن خلال استخدام المُخدِّرات. نعم، يحاول قسم كبير من مدمني المخدرات الهُروب من الواقِع، عبر اللجوء إلى حُلولٍ خياليّة، وهميّة تؤدّي إلى نتائج سلبيّة ومؤذية".
تابع: "لن ندخل كثيرًا في المسبّبات المتعدّدة للإدمان على المُخدِّرات، لكن سنتوقّف قليلًا عند بعض العوامل المُتعارف عليها عِلميًّا، وأبرزها العوامل الشخصيّة، ومنها: عدم توافُر معلومات صحيحة حول المُخدِّرات، وتأثيرها ونتائجها على الحياة الصحّيّة والنفسيّة والعلائقيّة والاجتماعيّة على المدى القريب والبعيد، عدم النضج والوعي، انعدام المهارات الشخصيّة والحياتيّة، مثل تقدير الذات، والقُدرة على اتّخاذ القرارات الصائبة، وحلّ الصعوبات ومواجهة التحدّيات والضغوط الحياتيّة على الصعُد كافّة".
وأكّد أنّ "الأمراض والاضطرابات النفسيّة تجتاح عالمنا، ما يؤثّر على الذين يعانون صعوبات جمّة، لا سيّما الارتهان للمُخدِّرات. نعم لا يُمكننا إلّا مُتابعة نضالنا وتحرُّكنا ومُطالبتنا بشتّى أنواع الوسائل والطرائق السليمة، للدفاع عن الإنسان والإنسانيّة معًا".
ختم الأب بعقليني "بالتأكيد لا يُمكننا تجاهُل أنين المُتألّمين وصُراخ المظلومين والمُهمّشين وفاقدي العدل والعدالة الاجتماعيّة لا سيّما المُساواة وتكافؤ الفرص، فضلًا عن الانتهاكات ضدّ الإنسان والإنسانيّة والبيئة. نعم، لنعمل كلّنا على إنجاح عمليّة تخفيف الآلام والأحزان، بالتعاون والتعاضُد والمُناصرة، من أجل مساعدة المُدمنين على المُخدِّرات، لتصويب حياتهم وحياة أفراد المجتمع جميعهم. لننشر التوعية ونعمل على الوقاية، ولنُطبّق العلاج ونطوّر الدعم ولنُسهِم في عمليّة "التواصل" لتغيير السلوك، من أجل تحسين المهارات وتعزيز الشعور بالكفاءة الذاتيّة، والثقة بالذات، ما يدفع المدمن إلى اتّخاذ قرارات لحماية نفسه والشفاء من المرض، أو التعايُش معه من دون العودة إلى الوراء. لنؤمن بقدرة العلاج وفاعليّته. لنؤمن بقدرة المدمن على قبوله العلاج وحمايته من الانتكاس. لنؤمن بالقدرة على الاندماج الاجتماعيّ. لنُؤمن بالحياة".