الله راحة قلب الإنسان
في هذا الجوّ من التخبّط السياسيّ والفشل الكامل والتدمير للبيوت والأرزاق ونشر الموت وثقافة الرعب والهلاك، أصلّي كي نعود كلّنا إلى الله، إله السلام والمحبّة والتعايش وحوار الحضارات والتلاقي وقبول الآخر المختلف والمفترق.
عندما كسر الإنسان الشرائع الطبيعيّة والقوانين الأساسيةّ التي وضعها الله في ذات الإنسان وعندما تجاوزها، كسرتْه الطبيعة ووقع في بابل اجتماعيّ وعائليّ وسياسيّ واقتصاديّ وأخلاقيّ وسلوكيّ وقيميّ: فطحن الموتُ الإنسان وجرفه القلقُ والضياع.
عندما كسر الإنسان القواعد الأخلاقيّة والأسس القيميّة التي بُنيت عليها الحياة، عندها حبل هذا العمل من داخله بعقابه وقصاصه. هذا ما يحدث في مجتمعاتنا المبروصة والمضروبة بالأمراض كالسرطان وغيره من الأمراض المميتة القاتلة. الخطيئة تولد في رحمها ومن أحشائها عقابُها. الأمم تحصد اليوم غلّة خطاياها وعصيانها الأوامر الإلهيّة المطبوعة في قلب الكائن البشريّ.
كيف وأين نجد الجواب على قوننة الإجهاض وزواج المثليّين مع تبنّي الأولاد واعتماد الخروقات الطبيعيّة والجسديّة والنفسيّة المغروزة في الرجل والمرأة...
عندما كسر الإنسان شرائع البنيان الإلهيّ الطبيعيّة، حلّت عليه اللعنة والقصاص من داخل عمله وتصرّفاته وسلوكيّاته، فولدت معطوبيّته من داخل ذاته.
كيف يمكن أن نتصوّر إنسانًا يريد أن يصير بقرة أو حيّة أو هرًّا أو أن يتزّوج من كلب ويؤسّس له جماعة لهذه الغاية، كما يحدث اليوم في بعض مناطق الولايات المتّحدة.
الإنسان خلق ليبقى إنسانًا ويزيد إنسانيّةً وليس أن يكون شيئًا آخر. فالإنسان يبقى إنسانًا والطير طيرًا والحيوان حيوانًا. لا تحوُّل من كائن إلى آخر حسب الشرائع الطبيعيّة والإلهيّة. ويكون التنوّع داخل الجنس عينه، لا يكون التنوّع بين جنس وآخر ولا يمكن تَشْيِئ الإنسان.
نحن لم نرَ، في الطبيعة، زهرة بنفسجٍ تتحوّل إلى وردة ولا زهرة ربيع إلى قرنقلة ولا سمكة إلى حيّة ولا حيّة إلى عصفور. التطوّر هو من داخل الجنس نفسه. الكائن الوحيد الذي كسر هذه القوانين الطبيعيّة والإلهيّة وتجاوزها هو الإنسان. لذلك، حمل له عمله، من داخله، عقابَه وقصاصَه وبلبلَته وأمراضَه وجروحَه وويلاتِه وتعاستَه.
الموت يطحنه هو الحامل معطوبيّته في قعر جسده. الإنسان كائنٌ قلق وجوديًّا، خاضع للمعطوبيّة. عنده ظمأ كيانيّ لن يهدأ وسيبقى قلقُه وخوفه من الموت والمرض والفشل...
مصدرٌ واحدٌ ووحيد ينهل منه الإنسانُ الهدوءَ والسلامَ والسكينةَ والاطمئنان، هو الله.
الله هو الشفاء الوحيد لجرح الإنسان الوجوديّ والكيانيّ ولمعطوبيّته الكيانيّة ولعطشه إلى البقاء وعدم الزوال والقدّيس أغسطينوس أعطى الجواب حين قال "خلقت قلبنا لك يا الله ولا يزال قلِقًا مضطرِبًا حتّى يرتاح فيك".
الجواب هو: "أحبّوا الله في خلقه لتحبّوا ذواتكم وتحافظوا على التوازن البيئيّ والطبيعيّ بعيدًا عن الوقوع في الأمراض والفساد والضياع وسقوط برج بابل على رؤوسكم المتمرّدة. العدل الإلهيّ وحده هو الذي يتحكّم بمصير التاريخ والبقاء، أمّا الإنسان فهو كائن العبور.
مصير التاريخ بيد الله الدائم والثابت وليس بيد الإنسان المائت والمتغيّر.
وبالعودة إلى الوطن لبنان نقول: أعيدوا إلى لبنان عهده الأوّل فلا نبكيّنَ وطنًا عظيمًا ساهمتم بتدميره وتحطيمه وانحطاطه وإفقاره وإفقار أهله وجعلتموه عنوانًا للفساد والموت والكذب والنفاق السياسيّ وانعدام الأخلاق الوطنيّة ودفعتم بأهله وخصوصًا بشبابه إلى الهجرة والهروب منه إلى أصقاع الدنيا كلّها.