مصر
11 آذار 2021, 07:30

الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة تعدّ الميرون المقدّس للمرّة الأربعين في تاريخها

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني طقس إعداد الميرون المقدّس للمرّة الثّالثة في عهده والأربعين في تاريخ الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، وذلك في الكاتدرائيّة الكبرى لدير القدّيس الأنبا بيشوي- وادي النّطرون، بمشاركة أعضاء المجمع المقدّس الّذين حملوا في موكب انطلق من الكنيسة الأثريّة للدّير المواد المكوّنة لزيت المسحة المقدّسة: 27 زيتًا عطريًّا، وقد تقدّمهم خورس الشّمامسة، تبعهم الآباء الكهنة والرّهبان، ثمّ الآباء المطارنة والأساقفة، وأخيرًا البابا تواضروس وفي يده تقليد عمل الميرون المقدّس.

وبحسب "المتحدّث بإسم الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة"، بدأ الآباء المشاركون، أولى مراحل إعداد الميرون المقدّس بإضافة أوّل خمسة من الزّيوت العطريّة إلى زيت الزّيتون، بالتوازي مع قراءة فصول من نبوءات العهد القديم حملت رموزًا للمسحة المقدّسة الّتي يعطيها زيت الميرون.

وأوضح البابا في شرحه السّابق لعمليّة الإعداد أنّ خلط الزّيوت يجري على 6 مراحل، تُخلَط في أوّل 5 منها 5 زيوت مع زيت الزّيتون النّقيّ، وفي المرحلة السّادسة يُخلَط الزّيتان الأخيران مع زيت الزّيتون.

وفي بداية الطّقس، ألقى البابا كلمة شرح فيها كلّ ما يتعلّق بالميرون، فقال:

"بإسم الآب والإبن والرّوح القدس الإله الواحد آمين، تحلّ علينا رحمته ونعمته من الآن وإلى الأبد آمين.

نشكر الله أنّه أعطانا أن نأتي إلى هذه السّاعة المقدّسة ونشترك جميعًا في إعداد الميرون المقدّس للمرة رقم 40 في تاريخ كنيستنا القبطيّة الأرثوذكسيّة.

الميرون أو المَسحة المقدّسة هو السّرّ الثّاني من أسرار الكنيسة السّبعة. وهو السّرّ الّذي يلحق بسرّ المعموديّة وهو أيضًا السّرّ الّذي حلّ بوضع أيادي الرّسل في الكنيسة الأولى. وهذا السّرّ بدأ عندما أُحضِرَت الحنوط الّتي كانت على جسد السّيّد المسيح وجاءت مع القدّيس مار مرقس الرّسول على سبيل البركة وحُفِظَت في الكنيسة إلى أن جاء البابا أثناسيوس الرّسوليّ البابا رقم 20 في القرن الرّابع الميلاديّ ووضع عليها زيت الزّيتون وصنع الميرون للمرّة الأولى.

مواد الميرون السّبعة والعشرون وهي مواد عطريّة مأخوذة من الكتاب المقدّس في سفر الخروج أصحاح 30 وفي سفر نشيد الأناشيد. وهي مواد عطريّة وتوجد في النّباتات في أجزاء كثيرة (الجذور– السّاق– الفروع– اللّحاء الخارجيّ) وكان قديمًا تُستَخلص هذه الزّيوت بطريقة بدائيّة باستخدام الماء والنّار، ثمّ تطوّر عمل الميرون في الصّناعة ولكن الصّلوات بقيت كما هي. الميرون يمكن أن يصنع في أيّ مكان وأيّ زمان وربّما يعطينا الله في المستقبل أن يصنع خارج مصر أيضًا. الميرون يمكن أن يُعَدّ في أيّ زمان ولكن جرى العرف على إعداده في فترة أسبوع الآلام. ومعروف أنّ أسبوع الآلام مشحون بالصّلوات. وفي حبريّة البابا شنوده صنع تغيير أن قدّم صُنع الميرون مدّة أسبوع ليكون في الأسبوع السّادس من الصّوم. وجرى العمل به خلال المرّات الّتي قام البابا شنوده بصنعه. ونحن في زمن الجائحة تعطّل صنع الميرون العامّ الماضي بسبب قيود السّفر والعزل والحظر، ولكن وجدنا بنعمة المسيح مع انفراج الأزمة قليلاً أن نجتمع، كلّ المجمع المقدّس، في فترة زمنيّة محدودة ونتمّم عدّة خدمات مراعاةً للوقت والظّروف، وللآباء الّذين يسافرون من بلاد كثيرة. فكان المجمع المقدّس يوم الخميس الماضي وقبله اللّجان، ويوم السّبت والأحد كانت سيامة الأساقفة الجدد وتجليس الأساقفة، ويوم الإثنين كان التّذكار السّنويّ الأوّل للمتنيّح الأنبا صرابامون، ويوم الثّلاثاء كان اليوبيل الذّهبيّ لنياحة البابا كيرلّس السّادس، واليوم وغدًا إعداد الميرون وتقديسه. وربّما في تاريخ الكنيسة لم تجتمع كلّ هذه المناسبات في هذه الفترة الوجيزة، ولكنّها من نعم الله الّتي ينعم بها علينا في كلّ صباح، وجدنا من المناسب مع وجود الآباء أن نعدّ ونجهّز الميرون في الأيّام الأولى من الصّوم الكبير على أن يحضر الزّيت المُحَضَّر قدّاسات الصّوم كلّها حوالي 50 قدّاسًا من أجل تقديسه قبل أن يوزّع على الكنائس والأبرشيّات.

بنعمة المسيح سوف نقوم بإعداد 620 كيلو من زيت الميرون، و380 كيلو من زيت الغاليلاون. كلمة ميرون تعني عطر أو طيب وهو زيت المسحة المقدّسة ويتكوّن من 27 مادّة عطريّة وتأخذ هذه المواد وتذاب وتخلط في زيت الزّيتون النّقيّ البكر، وزيت الزّيتون من إنتاج الأديرة:

1. دير الأنبا بيشوي والمتنيّح الأنبا صرابامون كان أعدّ كمّيّة من زيت الزّيتون.  

2. دير الشّهيد العظيم مار مينا نيافة الأنبا كيرلّس.

3. دير البراموس نيافة الأنبا إيسيذورس.  

4. نيافة الأنبا أبولو أسقف جنوب سيناء.  

قدّموا كمّيّات الزّيت المطلوبة وهي الّتي شهدتوها يحملها الآباء في موكب مواد الميرون، السّبعة والعشرون مادّة العطريّة، حصلنا عليها من أكبر الشّركات الّتي تعمل في استخلاص الزّيوت وهي شركات عملاقة وليست متوفّرة في أيّ مكان في العالم، والمدرج الّذي يوجد أمامنا به المواد الـ27، والميرون في إعداده بهذا الأسلوب يتميّز بثلاث صفات رئيسيّة:

1. لا نستخدم فيه الماء: لأنّ وجود الماء مع الزّيت يفسد الزّيت.  

2. لا نستخدم الحرارة: لأنّ الحرارة تختلف من مادّة إلى أخرى في درجة الغليان والتّطاير ودرجة الاحتراق.  

3. لا نستخدم مواد صلبة: فلا يوجد رواسب وتبقى المواد العطريّة كما هي.

طريقة العمل:

سكرتير المجمع المقدّس سوف يقرأ التّقليد، وأنّنا شهود على هذه المرّة في إعداد الميرون كلّ الآباء المطارنة والأساقفة أعضاء المجمع المقدّس يتفضّلون بالتّوقيع، نجري عمليّة رشم وتقديس لمواد الميرون بالرّشومات الثّلاثة ويشترك فيها كلّ أعضاء المجمع المقدّس فيها، ثمّ يوقّع كلّ عضو على مكانه في التّقليد، بعض الآباء المطارنة والأساقفة لظروف صحّيّة أو لظروف السّفر لم يتمكّنوا من الحضور ولكن فوّضوا آخرين من الآباء. فرحة الميرون فرحة كبيرة نشترك فيها جميعًا.

طريقة الإعداد: تتمّ على 6 مراحل، كلّ مرحلة فيها 5 أنواع من الزّيوت العطريّة والمرحلة السّادسة نوعان من الزّيوت فقط، وقسم بهذه الطّريقة لتكون كثافة هذه المواد متقاربة فيتمّ الخلط بسهولة، والخلطة تصنع على مرحلتين نخلط في كمّيّة زيت زيتون محدودة ثمّ تفرغ في زجاجات ثمّ توضع في كمّيّة أكبر في الأذانات الموجودة، كلّ أذان به 50 كيلوغرامًا من زيت الزّيتون، والأذانات الصّغيرة تحمل 9 كيلوغرامات من زيت الزّيتون، وفي الجهة الأخرى زيت الغاليلاون في أذان خاصّ، وسوف نبدأ بخمس مواد ويبدأ الآباء في إضافتها وتقلبها ثمّ يأتي 5 من الآباء الرّهبان لتعبئة الزّيت في الزّجاجات التّسعة الموجودة أمامنا، 8 منها يصبّون في أذانات الميرون والتّاسع لزيت الغاليلاون وتكرّر هذه العمليّة خمس مرات والمرّة السّادسة سوف يكون زيتان فقط، كلّ هذا يتمّ مع قراءات من الكتاب المقدّس ومزامير وصلوات وألحان، ووُزِّعت على الآباء ورقة بها إصحاح من أصحاحات البشائر الأربعة ومزموران يصلّيها الأب سرًّا أثناء الإعداد، وعندما يكتمل كلّ هذا يكون قد تمّ إعداد الميرون بأسلوب عصريّ وبنقاوة 100٪ بدون استخدام الماء أو النّار وبدون مواد صلبة ويكون الميرون الّذي ينتج نقيًّا بنسبة 100٪ محتفظًا برائحته العطرة ولا يفسد في التّخزين، نحن نقدر استخدام الميرون والغاليلاون لمدّة ثلاث سنوات، الميرون يستخدم في تدشين الإنسان في سرّ الميرون والرّشومات الـ36 ويصير الإنسان مدشّنًا ومخصّصًا ومكرّسًا، ونستخدمه في تدشين المذابح والأيقونات في الكنائس واللّوح المقدّس والأواني المقدّسة والمعموديّات، وعندما يكون نصيب الأبرشيّة حوالي 2 كيلو فقط في السّنة ليقوم بكلّ هذا، نحاول أن يتمّ تجهيز الميرون كلّ ثلاث سنوات بحسب ما يسمح الله لنا ليكون الميرون موجودًا باستمرار في الكنيسة، والسّنة الماضية بسبب وجود العزل بسبب الجائحة قلّل تدشين الكنائس والأواني وأكملت الكمّيّة المتبقيّة وصار هناك احتياج كبير للميرون الّذي يعدّ بنعمة المسيح اليوم.

نشكر الله أنّه يعطينا هذه النّعم الكثيرة وأنّه يتمجّد في كنيستنا، والميرون يرمز للرّوح القدس ويستمرّ عمل الله في كنيستنا بكلّ قوّة وبكلّ عمل صالح، وعمل الميرون أيضًا يعنى نموّ الكنيسة بمشاركة الآباء الأحبّاء وحضورهم، ونشكر الله أنّنا نتمّم هذا العمل والله والكنيسة يفرحان بنا ونتمّم عملاً له قيمته وقدسيّته في الكنيسة، في الماضي كان يستغرق العمل أكثر من أسبوع لأنّه كان يتمّ طحن المواد وكانت عمليّة صعبة وتستغرق وقتًا طويلاً، ولكن بهذا الأسلوب يتمّ الميرون ويحقّق كلّ الأغراض الّتي نحتاجها في نقاوته وسلامته واستخدامه وتوفير الوقت في الإعداد. اليوم سوف يكون إعداد الميرون والغاليلاون، وغدًا سوف يكون تقديس الميرون والغاليلاون، ثمّ يحضرون 50 قدّاسًا لتقديسهم، وسوف نبدأ الآن بالرّشومات. كلّ ميرون وأنتم طيّبين."