أوروبا
24 أيلول 2020, 13:50

الكاردينال تشيرني: يمكن للنّازحين الدّاخليّين أن يشكّلوا قوّة تغيير إيجابيّة

تيلي لوميار/ نورسات
عقدت الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللّاجئين والاتّحاد العالميّ للرّؤساء العامّين، بالتّعاون مع قطاع المهاجرين واللّاجئين في الدّائرة الفاتيكانيّة الّتي تُعنى بخدمة التّنمية البشريّة المتكاملة، لقاءً لمناسبة اليوم العالميّ للمهاجرين واللّاجئين الّذي يُحتفل به في السّابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر، ألقى خلاله عميد الدّائرة الكاردينال مايكل تشيرني مداخلة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"تحتفل الكنيسة باليوم العالميّ للمهاجرين واللّاجئين منذ عام 1914. إنّها مناسبة على الدّوام لكي نعبّر عن قلقنا إزاء مختلف الأشخاص الضّعفاء المتنقّلين؛ ونصلّي من أجلهم فيما يواجهون العديد من التّحدّيات، ونزيد الوعي بالفرص الّتي تقدّمها الهجرة. يُحتفل باليوم العالميّ للمهاجرين واللّاجئين كلّ عام في الأحد الأخير من شهر أيلول سبتمبر؛ وفي عام 2020، سيُحتفل به يوم الأحد القادم، في السّابع والعشرين من أيلول سبتمبر، وكعنوان لرسالته السّنويّة لهذه المناسبة، اختار الأب الأقدس عنوان "مِثلُ يسوع المسيح، مُجبَرون على الهروب".

يحثّنا البابا فرنسيس هذا العام على اكتشاف واقع النّازحين الدّاخليّين بشكل أعمق. ولكن في هذا الوقت الصّعب لجميع أفراد العائلة البشريّة، اختار الأب الأقدس أن يعرض الهدف: في ضوء الأحداث المأساويّة الّتي ميّزت العام 2020، أوجّه هذه الرّسالة، المخصّصة للنّازحين، أيضًا إلى جميع الّذين عاشوا وما زالوا يعيشون خبرة عدم الاستقرار والتّخلّي والتّهميش والرّفض بسبب فيروس الكورونا. يقدّم لنا النّازحون الفرصة لكي نكتشف الأجزاء المخفيّة من البشريّة ونعمّق فهمنا لتعقيدات عالمنا. ومن خلالهم، نحن مدعوّون للّقاء الرّبّ يسوع؛ حتّى لو وجَدَت أعيننا صعوبة في التّعرّف عليه: بملابسه الممزّقة، وأقدامه المتّسخة، ووجهه المشوّه، وجسده المجروح، وغير قادر على التّحدّث بلغتنا. إنّه تحدٍّ راعويّ نحن مدعوّون للإجابة عليه بالأفعال الأربعة الّتي أشرت إليها في الرّسالة بمناسبة هذا اليوم نفسه لعام 2018: استقبال، وحماية، ودعم، ودمج.

يضيف الأب الأقدس على هذه الأفعال ستّة أزواج من الأفعال الّتي هي أفعال ملموسة للغاية، مرتبطة ببعضها البعض في علاقة سببيّة: علينا أن نعرف الآخر كي نفهمه؛ من الضّروريّ أن نتقرّب من الآخرين كي نخدمهم؛ كي نتصالح علينا أن نصغي؛ كي ننمو من الضّروريّ أن نشارِك؛ يجب أن نُشرِك الآخرين كي نساعدهم؛ من الضّروريّ أن نتعاون كي نبني. وفي كلّ زوج، يقدّم البابا موقفًا أو مهارة أساسيّة لتحقيق أهداف إنسانيّة بالغة الأهمّيّة مثل المصالحة أو النّموّ. ويتمنّى لنا أن نتحلّى بالشّجاعة لكي نخلق فسحات يمكن أن يدرك الجميع فيها أنّهم مدعوّون، ويعزّزوا أشكالاً جديدة من الضّيافة والأخوّة والتّضامن.

على روّاد الكنيسة أن يعملوا معًا ويتشاركوا الأهداف عينها فيما يتعلّق بالنّازحين الدّاخليّين. تعمل المنظّمات الكاثوليكيّة مثل الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللّاجئين والعديد من الجماعات الرّهبانيّة الّتي تشكّل جزءًا من واقع اليوم مع الكنائس المحلّيّة في خدمة النّازحين. يمكن لقربكم أن يعزّز إصغاء أكثر تنبّهًا لما يحتاج إليه النّازحون الدّاخليّون ويأملون ويطمحون إليه. ويمكنه أيضًا أن يحفّز مشاركة النّازحين الدّاخليّين من جميع الخلفيّات والقدرات في القرارات الّتي تؤثّر عليهم وفي اللّغات والأشكال الّتي يفهمونها. يجب أن يشارك النّازحون الدّاخليّون في تصميم وتقديم استجابات الحماية والمساعدة؛ وفي تخطيط وتنفيذ الحلول الّتي تؤثّر عليهم؛ وفي تطوير القوانين والسّياسات والاستراتيجيّات المتعلّقة بالنّزوح الدّاخليّ. وفي هذا السّياق نشر قسم المهاجرين واللّاجئين التّابع للدّائرة الفاتيكانيّة الّتي تُعنى بخدمة التّنمية البشريّة المتكاملة بدعم الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللّاجئين "المبادئ التّوجيهيّة الرّاعويّة بشأن النّازحين الدّاخليّين"، وهي وثيقة تهدف إلى إلهام وإحياء الأعمال الرّاعوية في الكنيسة في هذا المجال بالذّات، ونتمنّى أن تكون داعمة لهذا العمل التّعاونيّ الملهم.

وفيما تشكّل حماية النّازحين المسؤوليّة الأساسيّة للسّلطات الوطنيّة، إلّا أنّها تتطلّب نهجًا على مستوى النّظام وجهودًا مشتركة. وبالتّالي يجب على جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك الكنائس المحلّيّة، أن توحّد جهودها من أجل تسليط الضّوء على النّزوح الدّاخليّ باعتباره قضيّة عالميّة. يمكن للنّازحين الدّاخليّين أن يشكّلوا قوّة تغيير إيجابيّة. فهم يظهرون درجة ملحوظة من الرّجاء والمرونة والقوّة. ولذلك يمكن للعزيمة والمهارات والقدرات الّتي يعيدون بها بناء حياتهم أن تساهم بشكل كبير في تعزيز المجتمعات الّتي أصبحت منازلهم الجديدة، كذلك يمكن للعمل المحلّيّ لدعم النّازحين الدّاخليّين أن يساهم في رفاهيّة الجماعة بأسرها. إنّ تلبية احتياجات النّازحين ودعم شبكاتهم وتفاعلاتهم مع السّكّان المحلّيّين ستساعد في بناء المجتمع والتّقدّم نحو التّعافي والتّماسك الاجتماعيّ والسّلام والأمن والتّنمية. ولأنّنا قريبون من إخوتنا وأخواتنا النّازحين، فنحن مدعوّون لكي نظهر جمالهم وقدراتهم.

هذا هو جمال ربّنا يسوع المسيح. كما يعبّر عنه أيضًا الأب الأقدس في رسالته: "إنّ يسوع حاضر في كلّ واحد من هؤلاء الأشخاص وهو مُجبرٌ، كما في زمن هيرودس، على الفرار كي ينقذ حياته. ونحن مدعوّون للتّعرّف، في وجوههم، على وجه المسيح الجائع، والعطشان، والعريان، والمريض، والغريب، والسّجين، الّذي يسائلنا. وإن تعرّفنا عليه، فسوف نشكره لأنّنا استطعنا أن نقابله، ونحبّه ونخدمه".