الفاتيكان
12 نيسان 2023, 14:00

الغيرة الرّسوليّة في كلمات بولس الرّسول

تيلي لوميار/ نورسات
دعا البابا فرنسيس- قبل الاحتفال بعيد الرّحمة الإلهيّة في الأحد الجديد- إلى التّفكير في رحمة الله الّذي يستقبلنا ويرافقنا دائمًا ولا يتركنا بمفردنا أبدًا، كما جدّد نداءه من أجل الصّلاة المثابرة من أجل أوكرانيا المتألّمة.

هاتان الدّعوتان جاءتا في ختام المقابلة العامّة اليوم في الفاتيكان، والّتي فيها تحدّث عن الغيرة الرّسوليّة في كلمات القدّيس بولس الّذي "وانطلاقًا من خبرته، لا يتجاهل خطر غيرة غير صحيحة تسير في اتّجاه خاطئ، وهو ما حدث له هو شخصيًّا قبل أن توقفه العناية الإلهيّة على طريق دمشق".

وتوقّف البابا عند كلمات بولس: "إِنَّهم يَتَوَدَّدونَ إِلَيكَم لِغايَةٍ غَيرِ حَسَنَة" (غلاطية ٤، ١٧)، وذلك للإشارة إلى ما قد يكون لدينا في بعض الأحيان من اهتمام خاطئ، وإلى أنّ التّوجّه يحرص على احترام قواعد بشريّة بحتة باطلة بالنّسبة للجماعة المسيحيّة.

وبحسب "فاتيكان نيوز"، تابع البابا "مشدّدًا على أنّه لا يمكن تجاهل اهتمامات البعض، حتّى في الجماعات المسيحيّة، وادّعاء غيرة إنجيليّة زائفة ترتبط في الواقع بالتّباهي والقناعات الشّخصيّة وحبّ الذّات. ولكن ما هي الغيرة الإنجيليّة الحقيقيّة حسب القدّيس بولس، تساءل الأب الأقدس، وعاد هنا إلى النّصّ الّذي قُرئ اليوم الّذي يعدّد فيه بولس الرّسول ما وصفها بأسلحة المعركة الرّوحيّة، ومن بينها الاستعداد لنشر الإنجيل، وهو ما يترجمه البعض إلى الغيرة، والّذي يشير إليه القدّيس بولس في شدّ الأقدام. ولِم إذن هذا الرّباط بين النّشاط لإعلان الإنجيل وما يشدّ به الشّخص قدميه، قال البابا، وواصل أنّ هذه الاستعارة تستعيد نصًّا للنّبيّ أشعيا: "ما أجمل على الجبال قدمَي المبشِّر، المُخبِر بالسّلام المبشِّر بالخير، القائل لصهيون: "قد مَلك إلهُكِ"" (٥٢، ٧). فهنا أيضًا هناك إشارة إلى الأقدام وذلك لأنّ مَن ينطلق للإعلان عليه أن يتحرّك، أن يسير.

وواصل البابا فرنسيس حديثه عن الغيرة الإنجيليّة واصفًا إيّاها بالرّكيزة الّتي يقوم عليها الإعلان، وأضاف أنّ المعلِنين هم مثل أقدام جسد المسيح الّذي هو الكنيسة. ما من إعلان بدون حركة، بدون انطلاق، بدون مبادرة، قال البابا، ويعني هذا أنّ المسيحيّ لا يكون مسيحيًّا إن لم يكن في سير، إن لم يخرج عن الذّات لينطلق في سير حاملاً الإنجيل. وتابع قداسته: لا يمكن أن نعلن الإنجيل بينما نكون متوقّفين أو منغلقين داخل مكتب خلف طاولة أو أمام حاسوب، الإعلان يتمّ من خلال الحركة، السّير، الذّهاب.

عاد البابا فرنسيس من جهة أخرى إلى كلمات بولس الرّسول في رسالته إلى أهل روما: "إِعمَلوا لِلرَّبِّ بِهِمَّةٍ لا تَفتُر ورُوحٍ مُتَّقد" (١٢، ١١). وواصل قداسته أنّ الدّعوة إلى هذا التّصرّف قد وُجّهت في سفر الخروج: "وهكذا تأكلونه: تكون أحقاؤكم مشدودة ونعالكم في أرجلكم وعصيُّكم في أيديكم، وتأكلونه على عجل فإنّه فصح للرّبّ" (١٢، ١١).

مَن يعلن الإنجيل هو على استعداد للانطلاق، تابع البابا فرنسيس، وعليه أن يتحرّر من القوالب وأن يكون جاهزًا لأفعال غير منتظرة وجديدة. لا يمكن لمعلن الإنجيل، واصل الأب الأقدس، أن يتحجّر في أنماط قديمة، بل عليه أن يكون مستعدًّا ليتبع حكمة ليست من هذا العالم حسب ما يقول القدّيس بولس: "ولَم يَعتَمِدْ كَلامي وتَبْشيري على أُسلوبِ الإِقناعِ بِالحِكمَة، بل على أَدِلَّةِ الرُّوحِ والقُوَّة، كَيلا يَستَنِدَ إِيمانُكُم إِلى حِكمَةِ النَّاس، بل إِلى قُدرَةِ الله" (١ قور ٢، ٤-٥).

وفي ختام تعليمه الأسبوعيّ شدّد البابا فرنسيس على أهمّيّة توفُّر هذا الاستعداد أمام جديد الإنجيل، وهذا يعني اتّخاذ المبادرات وعدم إهدار الفرص لإعلان إنجيل السّلام، ذلك السّلام الّذي يعطيه المسيح أكبر وأفضل ممّا يعطيه العالم. ولهذا أحثّكم على أن تكونوا مكرِّزين بالإنجيل في سير، بدون خوف، حاملين جمال يسوع وجديده الّذي يغيّر كلّ شيء."