العندراي عن قضيّة لاسا: التّعدّي على الأرزاق والكرامات أمر غير مقبول بعد اليوم
"أيضًا وأيضًا قضية لاسا. ما من أحد يجهل أنّ الأبرشيّة البطريركيّة المارونيّة في منطقة جونية، أبرشيّة بعلبك سابقًا، تملك على مساحة الأبرشيّة أراض للمطرانيّة والأوقاف. وتملك بالتّحديد في منطقة لاسا العقاريّة التّابعة لقضاء جبيل عقارات عدّة. كان أسلافنا المطارنة، منذ أكثر من مئتي سنة، قد اشتروا هذه العقارات بطريقة شرعيّة ومستندات قانونيّة، على مراحل عدّة، مثلها مثل أوقاف البطريركيّة والرّهبانيّات وسيّدة الحقلة وبعض المواطنين من أبناء المنطقة والأبرشيّة. فعملت على استخدامها واستصلاحها، ولا تزال، للإنتاج ولمصلحة أبنائها، منذ أهوال المجاعة الكبرى إلى اليوم. وتملك المطرانيّة، كما هو معلوم، الحجج القديمة، والصكوك الخضراء الحديثة بعد المساحة الاختياريّة، وقسمًا منها من المساحة الأخيرة المثبتة بصورة رسميّة ونهائيّة.
لنا تاريخ مشترك في التّعاون مع إخواننا أهالي بلدة لاسا في الإيجارات وزراعة الأرض حتّى يومنا. ولكن هناك فئة، لغايات في نفس يعقوب، تصطاد في الماء العكر وتستغل المناسبات، من حين إلى آخر، للتّعدّي على أملاك المطرانيّة بطرق ملتوية: من بناء منازل، واستصلاح غير مشروع لبعض العقارات، من دون إذن تارة، وبحجّة علم وخبر مزوّر تارّة أخرى. ودأبت من حين إلى آخر على ممارسة الضّغوطات والتّرهيب والتّهجم على مستثمريها، بدون احترام للحقوق المكتسبة، وللقوانين والعيش المشترك والحفاظ على السّلم الأهليّ. وقد أصبحت هذه الفئة معروفة منّا ومن أهالي البلدة والمراجع المختصّة. وكنّا في كلّ مرّة نواجه هذه الأمور بالتّعقل واللّجوء إلى القضاء والقانون للفصل بين الحقّ والباطل، ولا نبادل الاستفزاز بمثله. ولعلهم اعتبروا مواقفنا تخاذلًا وضعفًا. لكن الأمور بلغت إلى حدّ مأزوم لا يمكن السّكوت عنه، وبخاصّة بعد الاتّصالات بالمرجعيّات الرّسميّة والدّينيّة والحزبيّة المحلّيّة والمناطقيّة الذين يتنصّلون من مسؤوليّة إنهاء الأوضاع المستجدّة والمسح النّهائيّ، وتحتاج المراجع القضائيّة والأمنيّة إلى التّدخل السّريع وعدم التّهرب من المسؤوليّة تحت أيّ حجّة واهية، لئلا تتفاقم الأمور. فالتّعدّي على الأرزاق والكرامات أمر غير مقبول بعد اليوم، وبنوع خاصّ حين نجد من يوتّر الأوضاع بطريقة غوغائيّة مع بعض الشّبان وأصحاب الدّراجات بألفاظ نابية وأساليب ترهيبيّة.
في الفترة الأخيرة، وبسبب الضّائقة الاقتصاديّة والماليّة التي يعانيها البلد والبطالة والفقر والعوز الذي يتزايد يومًا بعد يوم، وتماشيًا مع تحسّس الكنيسة بأوضاع أبنائها، أضافت مبادرة إلى مبادراتها السّابقة في أرجاء الأبرشيّة، ومن ضمنها بلدة لاسا، ووضعت بتصرّفهم بعض العقارات هناك ليستثمروها لهذا الموسم الزّراعيّ بطريقة مجانيّة. وأقامت تعاونًا مع شركة جرجي الدّكاش وأولاده وجمعيّة أرضنا لاستثمار الأرض المستأجرة منا والمزروعة منذ عشرين سنة، والممسوحة مسحًا نهائيًّا. فقوبلت هذه المبادرة بالتّحريض والنّعوت والمنع في المرة الأولى، وبالاعتداء في المرة الثّانية.
لا يا سادة، نحن حريصون على السّلم الأهليّ والعيش المشترك. نحن أهل هذه الأرض ولسنا غزاة كما تقولون. لا تزوّروا التّاريخ ولا تحرّفوا الرّوايات والأخبار على مشتهاكم بحجّة الاستقواء. لا تحرجونا فتخرجونا. فخيارنا معروف. نحن سلالة من نحتوا الصّخور واستصلحوا الأراضي لاتّقاء الجوع والحفاظ على الكيان. لا تلعبوا بالأمن والاستقرار.
إنّنا، بالإضافة إلى الملاحقة القانونيّة، نناشد للمرّة الأخيرة المرجعيّات : المجلس الشّيعيّ الأعلى، وكلّ المرجعيّات والأحزاب والقيادات الأمنيّة على مختلف المستويات، ضبط التّصرفات الشّاذة والتّعدّيات والاستمرار في صيانة السّلم الأهليّ والعيش المشترك. اللّهم إنّي بلّغت. والسّلام".