صحّة
14 أيلول 2021, 08:50

الصيام المتقطّع وأفضل النصائح الطبّيّة لممارسته

تيلي لوميار/ نورسات
يُعد الصيام المتقطع حالياً، أحد أكثر اتجاهات الصحة واللياقة شيوعاً في العالم. يستخدمه الناس لفقدان الوزن وتحسين صحتهم. فالعديد من الدراسات تُظهر أن للصيام المتقطع تأثير إيجابي على الجسم والعقل، وبالتالي حياة صحية أطول.

منذ آلاف السنين ولأسباب روحية أو دينية، مارس الإنسان الصيام وقنن في تناول الطعام.  

اليوم، وبعد اكتشاف فوائد الصيام على أنواعه الصحية والروحية، بحسب الديانات السماوية وغير السماوية، أصبح الصيام مذهباً رائجاً وشائعاً في العالم لأهداف متعددة، أبرزها إنقاص الوزن، وبات يُعرف باسم الصيام المتقطع.  

الغرض من الصيام المتقطع هو تنقية الجسم من الوجبات السريعة والسموم التي ثؤثر سلباً في الكبد والكلى والجلد.

هناك الكثير من الأبحاث الواعدة والمدهشة عن الصيام المتقطع الذي طُبق على الفئران السمينة. ففقدوا من وزنهم وتحسن ضغط الدم والكوليسترول والسكريات في الدم لديهم.  كما أظهرت الدراسات التي أجريت على البشر، في جميع المجالات تقريباً، أن الصيام المتقطع طريقة حمية آمنة وفعالة بشكل لا يصدق، لكنها ليست أكثر فعالية من أي نظام غذائي آخر لإنقاص الوزن. بالإضافة إلى أن الكثير من الناس يجد صعوبة في ممارسة الصيام، خصوصاً مَن لم يعتد على ممارسته سابقاً، كطقس ديني أو روحي.

 

ما ھو الصیام المتقطع؟

الصيام المتقطع هو نمط من أنماط تناول الطعام، تتناوب فيه فترات الصيام والأكل بساعات محددة. فهو لا يحدد أنواع الأطعمة التي يجب أن تتناولها، بل متى يجب أن تأكلها.

وبالتالي، هو ليس نظاماً غذائياً بالمعنى التقليدي للكلمة، ولكن يتم وصفه بدقة أكبر على أنه نمط الأكل.

فالمبدأ في الصيام المتقطع هو عدم تناول الطعام لمدة 12 إلى 16 ساعة كحد أقصى، ما يشبه تخطي وجبة.  

 

كيف يؤثر الصيام المتقطع في الجسم؟

خلال هذا الصيام، يستخدم الجسم الجلوكوز في الدم أو في الكبد لمواصلة العمل بشكل جيد. وإذا استمر الصيام لأكثر من 3 أيام، فإن الجسم يبدأ باستهلاك احتياطيات الدهون والبروتينات، وخاصة العضلات. الهدف هو تنظيف الجسم وتجديده، ولكن أيضاً فقدان الوزن ومحاربة بعض الأمراض.

 

مفتاح نجاح الصيام المتقطع

تشير مجموعة من الأبحاث إلى أن توقيت الصيام هو المفتاح. واختيار التوقيت المناسب يجعل من الصيام المتقطع نهجاً أكثر واقعية واستدامة وفعالية لفقدان الوزن، وكذلك للوقاية من مرض السكري.

 

نظام الصیام المتقطع:

هناك طرق مختلفة لأداء الصيام المتقطع، وكلها تتضمن تقسيم اليوم أو الأسبوع إلى فترات الأكل والصيام.

خلال فترات الصيام، بعض الطرق تسمح بتناول القليل جداً من الطعام، وطرق أخرى لا تسمح بذلك أبداً. ولكن في الحالتين من الضروري شرب الماء بمعدل 1.5 إلى 2.0 ليتر بالإضافة إلى المشروبات الساخنة كالشاي والزهورات الخالية من السكر.

بعض الأطباء يفضل عدم تناول القهوة خلال فترة الصيام، لأنه يتم هضمها من خلال الكبد. والبعض الآخر لا يرى تناولها مضراً.

 

نظام الصيام المتقطع الأكثر شيوعاً:

1- طريقة 16/8:

تسمى أيضاً بروتوكول Leangains، وهي تتضمن تخطي وجبة الإفطار وتحديد فترة تناول الطعام اليومية بـ8 ساعات، مثل 1-9 مساءً. ثم تصوم لمدة 16 ساعة.

2- أكل - صيام - أكل:

تتضمن هذه الطريقة الصيام لمدة 24 ساعة، مرة أو مرتين في الأسبوع، على سبيل المثال، عدم تناول العشاء في يوم واحد حتى العشاء في اليوم التالي.

3- النظام الغذائي 5/2:

بهذه الطريقة، تستهلك 500-600 سعرة حرارية في يومين غير متتاليين من الأسبوع، لكنك تأكل بشكل طبيعي في الأيام الـ5 الباقية.

من خلال تقليل تناول السعرات الحرارية، لا بدّ أن تؤدي كل هذه الطرق إلى فقدان الوزن، طالما أنه لا تُعوض عن طريق تناول المزيد من الطعام خلال فترات الأكل.

كثير من الناس يجد طريقة 16/8 هي الطريقة الأبسط والأكثر استدامة والأسهل للالتزام بها. وهي أيضاً الأكثر شهرة.

 

ما ھي فوائد الصیام المتقطع؟

عند الصيام المتقطع، تحدث استجابات عديدة في الجسم على المستوى الخلوي والجزيئي.

على سبيل المثال، يقوم الجسم بضبط مستويات الهرمون لتسهيل الوصول إلى الدهون المخزنة فيه.

تبدأ الخلايا أيضاً بعمليات إصلاح مهمة وتغير التعبير الجيني (Gene expression).

 

بعض التغييرات التي تحدث في الجسم أثناء الصيام:

هرمون النمو البشري (HGH):

ترتفع مستويات هرمون النمو بشكل كبير، حيث تزيد بمقدار 5 أضعاف. هذا له فوائد لفقدان الدهون واكتساب العضلات، على سبيل المثال لا الحصر.

الأنسولين:

من فوائد الصيام المتقطع أنه يحسن حساسية الأنسولين ويؤدي إلى انخفاض مستويات الأنسولين بشكل كبير. وعندما تنخفض مستويات الأنسولين يصبح استهلاك الجسم للدهون المخزنة فيه أكثر سهولة.

الإصلاح الخلوي:

عند الصيام، تبدأ الخلايا في عمليات الإصلاح الخلوي. وهذا يشمل عملية ما يُعرف بـ"الالتهام الذاتي"، حيث تهضم الخلايا وتطرد البروتينات القديمة والمختلة التي تتراكم داخل الخلايا. فهو يقلل من أكسدة الخلايا والشيخوخة المبكرة للخلايا.

التعبير الجيني:

هناك تغيرات في وظيفة الجينات المتعلقة بطول العمر والحماية من المرض.  

إن التغيرات في مستويات الهرمونات ووظيفة الخلية والتعبير الجيني، تُثبت الفوائد الصحية للصيام المتقطع.

 

من فوائد الصيام المتقطع أيضاً:

فقدان الوزن

فقدان الوزن هو السبب الأكثر شيوعاً لاتباع الصيام المتقطع. يمنع زيادة الوزن وبعض الأمراض المرتبطة به، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وما إلى ذلك.

فمن خلال تناول وجبات أقل، يمكن أن يؤدي الصيام المتقطع إلى انخفاض تلقائي في تناول السعرات الحرارية.

بالإضافة إلى ذلك، يعدل الصيام المتقطع مستويات الهرمون لتسهيل فقدان الوزن. ويؤدي إلى انخفاض الأنسولين وزيادة مستويات هرمون النمو، ويزيد من إفراز هرمون حرق الدهون الـ(نوروأدرينالين).

بسبب هذه التغيرات في الهرمونات، يؤدي الصيام المتقطع إلى زيادة معدل الأيض بنسبة 3.6-14%.

تشير الدراسات إلى أن الصيام المتقطع يمكن أن يكون طريقة فعالة جداً لفقدان الوزن.

وجدت إحدى الدراسات في العام 2014 أن هذا النمط من الأكل (الصيام المتقطع) يمكن أن يسبب فقدان الوزن بنسبة 3-8% خلال 3-24 أسبوعاً. وهذه نسبة كبيرة جداً مقارنة بمعظم دراسات فقدان الوزن الأخرى.

ووفقاً للدراسة نفسها، فقد الأشخاص أيضاً 4-7% من محيط الخصر. ما يعني خسارة كبيرة في دهون البطن الضارة، التي تتراكم حول الأعضاء وتسبب المرض.

أظهرت دراسة أخرى، أن الصيام المتقطع يسبب فقداناً أقل للعضلات، مقارنة بالطريقة القياسية لتقليل السعرات الحرارية المستمرة.

 

ملاحظة هامة:

لا بدّ من التشديد على أن السبب الرئيس لنجاح الصيام المتقطع، أنه يساعد على التقليل من السعرات الحرارية بشكل عام. أما إذا تم تناول الطعام خلال الفترة المسموح بها بشكل مفرط، فقد لا يؤدي نظام الصيام المتقطع إلى فقدان الوزن.  

 

جدول الأكل في الصیام المتقطع

في الواقع، لا يدعو ريجيم الصيام المتقطع إلى قوائم محددة للطعام كالحمية التقليدية لإنقاص الوزن.  

يعتمد ريجيم الصيام المتقطع على مبادئ غذائية جيدة، وتجنب أنواع معينة من الأطعمة المصنعة والمعالجة، بهذه الطريقة يتم فقدان الدهون بسرعة.

القواعد الأساسية التي يجب اتباعها في نظام الصيام المتقطع الغذائي، هي استهلاك:  

1- أكبر قدر ممكن من الأطعمة غير المصنعة، أو المصنعة بأقل قدر ممكن.

2- البروتين الخالي من الدهون.

3- كمية كبيرة من الخضار والفواكه.

4- الكربوهيدرات بكميات معقولة والدهون الجيدة.  

5- الماء والقهوة وغيرها من المشروبات الخالية من السعرات الحرارية خلال فترة الصيام للمساعدة في تقليل الإجساس بالجوع.

6- الأطعمة الصحية وعدم الإفراط في تناول الطعام أثناء فترة الطعام.  

 

ملاحظة:

لن يتحقق الهدف من الصيام المتقطع في حال الإكثار من الوجبات السريعة أو تناول أطباق فيها الكثير من السعرات الحرارية.

 

ما هي الأطعمة المسموح بها؟

يقول أخصائي التغذية رافاييل غرومان، إنه خلال فترة الطعام يُسمح بجميع الأطعمة:  

الحبوب والبقوليات واللحوم والأسماك والبيض ومنتجات الألبان والفاكهة والخضروات وحتى المعجنات والحلويات.

أمّا خلال فترة الصيام، فيُسمح فقط:

بالماء والمرق وشاي الأعشاب الخالية من السكر.

ما هي الأطعمة المحظورة؟

إذا كان الصيام المتقطع يهدف إلى إنقاص الوزن، فيجب، خلال فترة الطعام، تجنب الحلويات والمعجنات وما إلى ذلك.

أمّا خلال وجبة الصيام، فيحظر الطعام الصلب، ولا يُنصح بالقهوة "لأنها تتطلب الهضم في الكبد".

هل الصوم المتقطع سهل التطبيق؟

نعم، يقول الأخصائي غرومان، إذا تم ذلك لفترة قصيرة. ومن الممكن سدّ الشعور بالجوع، عن طريق ملء المعدة بالسوائل المسموح بها.

وينصح بالنوم باكراً، ليكون الصيام عن وجبة العشاء أسهل. ويشرح أنه "بسبب نقص الطعام، يتكيف الجسم ويتأقلم، فهو يحوّل احتياطيات الدهون إلى أجسام كيتونية، وهي مواد تحل محل الجلوكوز، ما يمنح إحساساً بالشبع، وتجعل المرء مبتهجاً وتحدّ من الرغبة بتناول المزيد من الطعام".

هل للصيام المتقطع مدة محددة لتطبيقه؟

لا توجد مدة محددة لتطبيق الصيام المتقطع، يقول غرومان. ويوصي بصيام متقطع لمدة أسبوع كامل، لإنقاص الوزن.  

أما إذا كان الهدف من تطبيق الصيام المتقطع هو صحة الجهاز الهضمي، فإن صيام يوم أو يومين أسبوعياً أكثر من كافٍ.

 

أهمية التوقيت في الصيام المتقطع

تطور الإنسان عبر العصور ليصبح متلائماً مع دورة النهار والليل، أي إيقاع الساعة البيولوجية. لقد تكيف التمثيل الغذائي لدينا مع تناول الطعام خلال النهار، والنوم المبكر ليلا. يرتبط تناول الطعام ليلاً بارتفاع مخاطر الإصابة بالسمنة ومرض السكري أيضاً.

بناءً على ذلك، أجرى باحثون من جامعة ألاباما دراسة على مجموعة صغيرة من الرجال البدناء المصابين بمقدمات السكري.  

قارن الباحثون شكلاً من أشكال الصيام المتقطع يسمى "التغذية المحددة بوقت مبكر"، حيث كانت جميع الوجبات مناسبة لـ8 ساعات مبكرة من اليوم، المجموعة الأولى من 7 صباحاً حتى 3 عصراً، والمجموعة الثانية موزعة على 12 ساعة، بين 7 صباحاً 7 مساءً.  

حافظ الخاضعون للتجربة في المجموعتين على أوزانهم، لم يكتسبوا أو يخسروا وزناً. ولكن بعد 5 أسابيع، انخفضت مستويات الأنسولين بشكل كبير في المجموعة الأولى (8 ساعات) وتحسنت حساسية الأنسولين لديهم. فضلاً عن انخفاض ضغط الدم بشكل ملحوظ. وانخفضت شهيتهم كثيراً، فلم يتضوروا جوعاً.

مجرد تغيير توقيت الوجبات من خلال تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم، وإطالة فترة الصيام بين المساء والصباح والنوم مبكراً، حسّن بشكل كبير عملية التمثيل الغذائي، حتى لدى الأشخاص الذين لم يفقدوا كيلوغراماً واحداً.

 

لماذا تغيير توقيت الوجبات في الصيام يحدث فرقاً في الجسم؟  

تلقي مراجعة متعمقة حول الصيام المتقطع نُشرت مؤخرًا في New England Journal of Medicine الضوء على موضوع التوقيت.  

تقول المراجعة إن الصيام جزء لا يتجزأ من علم وظائف الأعضاء في جسم الإنسان، ما يؤدي إلى العديد من الوظائف الخلوية الأساسية. فالتناوب بين الأكل والصيام يؤدي إلى أكثر من مجرد مساعدتنا على حرق السعرات الحرارية وفقدان الوزن.  

 

ھل یشجع الصیام على التخلص من السموم؟

قام الباحثون بمراجعة العشرات من الدراسات التي أجريت على البشر والحيوانات، لشرح كيف أن الصيام البسيط يحسن عملية الأيض، ويخفض نسبة السكر في الدم. ويقلل الالتهاب، ما يؤدي إلى علاج مجموعة من المشكلات الصحية من آلام التهاب المفاصل إلى الربو؛ بل ويساعد على التخلص من السموم والخلايا التالفة، ما يقلل من خطر الإصابة بالسرطان ويعزز وظائف المخ.  

 

من هم الأشخاص الممنوع عليهم ريجيم الصيام المتقطع

الخبيرة في التمثيل الغذائي ومديرة مركز السكري في مستشفى ماساتشوستس العام الدكتورة ديبورا ويكسلر، تقول إن هناك بعض الأدلة العلمية الموثوقة التي تشير إلى أن صيام الإيقاع اليومي، عندما يقترن بنظام غذائي ونمط حياة صحيين، يمكن أن يكون نهجاً فعالاً بشكل خاص لفقدان الوزن، خاصة للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري.  

 

ومع ذلك، الصيام المتقطع ممنوع على:

1- الأشخاص المصابين بمرض السكري المتقدم.  

2- الأشخاص الذين يتناولون أدوية لمرض السكري.

3- الأشخاص الذين لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية والشره المرضي.

4- النساء الحوامل أو المرضعات.  

5- الأطفال والمراهقين لأنه قد يؤدي إلى تأخر في النمو.  

6- كبار السن لأنه قد يزيد من ضعف قواهم.

 

ملاحظة:

على هؤلاء عدم تطبيق نظام الصيام المتقطع، إلا تحت إشراف دقيق من الطبيب المختص أو المعالج.

 

4 طرق لاستخدام هذه المعلومات من أجل صحة أفضل

1- تجنب السكريات والحبوب المكررة. واستبدلها بالفاكهة والخضروات والفاصوليا والعدس والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون والدهون الصحية، أي نظام غذائي شبيه بالنظام الغذائي لدول البحر الأبيض المتوسط.

2- دع جسمك يحرق الدهون بين الوجبات. لا تتناول وجبة خفيفة. كن نشطاً طوال اليوم. لبناء قوة العضلات يجب ممارسة تمارين رياضية.

3- فكر في شكل بسيط من أشكال الصيام المتقطع. حدد ساعات اليوم التي تأكل فيها. وللحصول على أفضل النتائج، اجعلها في وقت مبكر من اليوم (بين 7 صباحاً إلى 3 عصراً ، أو حتى من 10 صباحاً إلى 6 مساءً كأقصى حدّ، ولكن بالتأكيد ليس في المساء قبل النوم).

4- تجنب تناول الوجبات الخفيفة أو الأكل ليلاً.

 

ملاحظة هامة:

عزيزي القارىء، في كل المواضيع الطبية والغذائية، عليك أولاً وأخيراً استشارة طبيبك المعالج أو المختص قبل اللجوء إلى أي طريقة من طرق إنقاص الوزن. فبالرغم من الإيجابيات الكثيرة لإنقاص الوزن، قد تنطوي إحدى الطرق، بما فيها الصيام المتقطع، على بعض العوارض الجانبية التي قد تضر بصحتك.

 

المصدر: الميادين نت