متفرّقات
21 تشرين الأول 2024, 13:30

السودان: الكارثة الإنسانيّة التي يتجاهلها العالم

تيلي لوميار/ نورسات
أدّت الحرب المستمرّة في السودان، الناجمة عن الصراع على السلطة بين الجيش وقوّات الدعم السريع، إلى أزمات إنسانيّة حادّة، مع مقتل الآلاف، وتشريد الملايين، وفظائع واسعة النطاق، ومع ذلك لا تزال وسائل الإعلام العالميّة تتجاهلها إلى حدّ كبير، كما علّقت "فاتيكان نيوز".

 

كثيرًا ما تتجاهل وسائل الإعلام العالميّة أزمات إفريقيا. ويبرز هذا الافتقار إلى التركيز، بشكل صارخ، في حالة السودان، حيث تصاعد الصراع الوحشيّ بين الجيش السودانيّ وقوّات الدعم السريع شبه العسكريّة إلى كارثة كاملة.

وفي ظلّ الصمت المطبق الناجم عن غياب التغطية الدوليّة، بعد مرور 18 شهرًا على بدايتها، لا تزال الحرب مستمرّة. وبحسب الأمم المتّحدة، فقد قُتل ما يصل إلى 9000 شخص، ونزح أكثر من 5.6 مليون، وأمسى 25 مليونًا في حاجة ماسّة إلى المساعدات.

وتشمل الاتّهامات الموجّهة ضدّ الجيش السودانيّ شنّ غارات جوّيّة على مناطق مدنيّة مكتظّة بالسكّان، إلى جانب تقارير واسعة النطاق عن حالات اغتصاب وعنف جنسيّ. وفي الوقت عينه، بعد أن حقّقت قوّات الدعم السريع مكاسب كبيرة، فقد تمّ اتّهامها بارتكاب جرائم إبادة جماعيّة، وتطهير عرقيّ، وعنف جنسيّ ضدّ مجتمع المساليت غير العربيّ. وعلى الرغم من حجم المعاناة وخطورة الاتّهامات، يبدو أنّ العالم لا يزال غير مهتمّ إلى حدّ كبير.

 

لقد تصاعدت الحرب في السودان، التي أشعلها صراع وحشيّ على السلطة بين الجيش وقوّات الدعم السريع في خلال ما كان من المفترض أن يكون انتقالًا سلميًّا إلى الحكم المدنيّ والانتخابات الديمقراطيّة، إلى أكبر أزمة نزوح في العالم.

إندلعت أعمال العنف في 15 أبريل/نيسان بين القوّات المسلّحة السودانيّة بقيادة الفريق أوّل عبد الفتّاح البرهان، وقوّات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الفريق أوّل محمّد حمدان دقلو (حميدتي). في السابق، كان الزعيمان قد وحّدا جهودهما في عام 2019 للإطاحة بالديكتاتور عمر البشير، الذي ظلّ مطلوبًا منذ ذلك الحين من قبل المحكمة الجنائيّة الدوليّة بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة وجرائم حرب وإبادة جماعيّة في منطقة دارفور بالبلاد. وكان المقصود من الإطاحة به تمهيد الطريق للانتقال الديمقراطيّ.

 

والآن انهار الوضع الإنسانيّ. وتعرّضت معظم المتاجر للنهب أو التدمير، ما أدّى إلى نقص في السلع الأساسيّة. وفي الفترة بين منتصف مايو/أيّار ومنتصف سبتمبر/أيلول، توفّي أكثر من 1,200 طفل دون سنّ الخامسة في ولاية النيل الأبيض بسبب تفشّي مرض الحصبة وسوء التغذية الحادّ. هناك أكثر من 3 ملايين طفل نازح ما يجعل السودان البلد الذي يضمّ أكبر عدد من الأطفال النازحين على مستوى العالم. وبالإضافة إلى ذلك، هناك 19 مليونًا غير ملتحقين بالمدارس.

وإنّ انهيار الرعاية الصحّيّة والخدمات الحكوميّة، إلى جانب عدم إمكانيّة وصول العاملين في المجال الإنسانيّ، فضلًا عن عدم اهتمام وسائل الإعلام، يُلقي بظلاله على الحجم الكامل للمأساة...  

وقد كرّر البابا فرنسيس في مناسبات عديدة قلقه العميق بشأن الصراع الدائر في السودان، داعيًا إلى وقف فوريّ للأعمال العدائيّة وإلى دخول الأطراف المتحاربة في حوار سلميّ، مشدّدًا على أنْ "لا نكلّ أبدًا من مناشدة الزعماء السياسيّين إعطاء الأولويّة للسلام لتجّنب المزيد من الدمار والمعاناة..."