لبنان
11 شباط 2019, 11:36

الرّوح القدس منحت دكتوراه فخريّة لرئيس أساقفة ساو باولو

منحت جامعة الرّوح القدس– الكسليك دكتوراه فخريّة لرئيس أساقفة ساو باولو الكاردينال أوديلو بيدرو شيرير، خلال احتفال حضره البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، والسّفير البابويّ في لبنان المونسنيور جوزيف سبيتيري، ورئيس أساقفة أبرشيّة البرازيل المارونيّة المطران إدغار ماضي، والنّائب البطريركيّ العامّ على نيابة صربا المارونيّة المطران بولس روحانا، والرّئيس العامّ للرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة والرّئيس الأعلى للجامعة الأب العامّ نعمة الله الهاشم، وأعضاء مجلس المدبّرين، والنّائبان شامل روكز ونعمت افرام، ورئيس الجامعة الأب البروفسور جورج حبيقة، وفعاليّات دينيّة وسياسيّة وديبلوماسيّة وتربويّة واجتماعيّة، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة وطلّاب كلّيّة اللّاهوت الحبريّة... في أوديتوريوم كلّيّة الموسيقى في الجامعة.

إستهلّ الاحتفال بالنّشيدين اللّبنانيّ والبرازيليّ، ثم كانت كلمة لعرّيفة الحفل الدّكتورة فاتن الحاج، تلاها عرض وثائقيّ عن حياة الكاردينال شيرير ومسيرته.
ثمّ تحدّث رئيس أساقفة أبرشيّة البرازيل المارونيّة المطران إدغار ماضي الّذي قدّم لمحة عامّة عن الأبرشية. وتطرّق إلى هجرة اللّبنانيّين الأولى إلى البرازيل الّتي بدأت في العام 1860 وصولاً للعام 1914، حتّى بات عدد اللّبنانيّين اليوم يلامس التّسعة ملايين. ثمّ تحدّث عن وصول أوائل المبشّرين اللّبنانيّين إلى البرازيل في العام 1904، من ثمّ وصول الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة في العام 1950، وبعدها جماعة أخوات القربان المقدّس التّبشيريّة في 2015... لافتًا إلى "أنّ أبرشيّتنا أصبحت مستقلّة في العام 1972 وهي تضمّ اليوم 13 رعيّة و18 كاهنًا". 
واختتم كلمته متوجّهًا إلى اللّاهوتيّين بالقول: "إذا دعاكم الرّبّ يسوع، فلا تدعوا أبواب قلوبكم مقفلة، ولا تخافوا من أن تكونوا من أتباعه".
وبعد فاصل موسيقيّ قدّمته كارين رميا، ألقى رئيس جامعة الرّوح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة كلمة رحّب في مستهلّها، باسم الأب العامّ نعمة الله الهاشم، البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، متوجّهًا إليه بالقول: "نكنّ لكم كلّ التّقدير والاحترام لالتزامكم الكامل بخدمة البشرى السّارّة وتكرّسكم العنيد لقضيّة مسيحيّي الشّرق الّذين يتوجّعون في كيانهم وذاكرتهم. إنّنا نتعلّم من حكمتكم وصبركم كيف أنّ الرّجاء المسيحيّ يتضاعف قوّة وزخمًا في المحن والنّكسات، كي نكمل مسيرتنا، بكلّ شجاعة وعزم، قائدين سفينة لبنان في بحر هذا الشّرق الهائج حيث تلطم أمواج الإيديولوجيّات القاتلة، من دون رحمة، ما تبقّى من القيم وحقوق الإنسان".
ثم قدّم الأب حبيقة لمحة عن حياة الكاردينال شيرير (Scherer)، "فقد شاءت الصّدف أن يولد الكاردينال شيرير في اليوم الّذي أصبح فيما بعد يوم السّلام العالميّ القائم على تضامن البشريّة الفكريّ والأخلاقيّ، أيّ 21 أيلول، وأن يكون تاريخ منحه دكتوراه فخريّة من جامعة الرّوح القدس الكسليك هو التّاريخ ذاته من العام 2012 عندما ناهض تشريع المحكمة البرازيليّة العليا إجهاض الجنين المشوّه، وتصدّى بدون مواربة لزواج المثليّين وتشدّد في القضايا الّتي تُعنى بأخلاقيّات علم الأحياء". 
كما تطرّق الأب حبيقة إلى "التّحصيل العلميّ المدرسيّ والجامعيّ للكاردينال شيرير ومسيرته الكنسيّة والأكاديميّة منذ أن كان كاهنًا إلى حين أن أصبح كاردينالاً، فقد انكبّ على العمل الرّعويّ وكرّس رسالته لهدي شعب الله إلى طريق الخلاص، مستحضرًا تراثات الكنيسة الكاثوليكيّة الغنيّة والمتشعّبة ومخزونها التّربويّ لإعداد أفضل للمؤمنين. هذا ويشغل الكاردينال شيرير مجموعة من المناصب الكنسيّة والأكاديميّة الرّفيعة في البرازيل وأميركا اللّاتينيّة. هو كاردينال ناشط وشاهد على الوحدة الّتي يريدها المسيح، وهو كاردينال الحوار والوساطة والانفتاح".
وختامًا، منح الأب حبيقة دكتوراه فخريّة إلى الكاردينال أوديلو بيدرو شيرير تقديرًا لمسيرته الكنسيّة والأكاديميّة والرّعويّة والاجتماعيّة والثّقافيّة المميّزة ولقيمه الإنسانيّة والرّوحانيّة الّتي تتجلّى في سخاء القلب والرّوح. 
ثم كانت كلمةلرئيس أساقفة ساوباولو في البرازيل الكاردينال أوديلو بيدرو شيرير الّذي "شكر الجامعة على منحه الدكتوراه الفخريّة، مشيرًا إلى العلاقة الوطيدة والقديمة مع اللّبنانيّين المغتربين في البرازيل، وتحديدًا في ساو باولو، على اختلاف انتماءاتهم الدّينيّة. وتتميّز هذه الجالية الّتي هي الأكبر خارج لبنان، بديناميكيّتها ومشاركتها الفاعلة في الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة والثّقافيّة في البرازيل. من هنا، يعكس هذا الاحتفال العلاقة الأخويّة بين ساو باولو وبيروت، من جهة، وبين الكنيسة في لبنان والكنيسة في ساو باولو من جهة أخرى. كما يشكّل فرصة لتبادل الغنى الإنسانيّ والدّينيّ المشترك". 
ثم تطرّق الكاردينال شيرير إلى "سينودس حوض الأمازون الّذي سيعقد في روما خلال شهر تشرين الأوّل من العام الحاليّ، وهو لا يخصّ الكنيسة في البرازيل وأميركا اللّاتينيّة فحسب بل الكنيسة في لبنان وفي العالم أجمع أيضًا. علمًا أنّ الكنيسة في حوض الأمازون تواجه مجموعة من التّحدّيات إضافة إلى التّحدّيات البيئيّة والأنثروبولوجيّة، حيث إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة تحتاج إلى مساعدة دينيّة كبيرة للسّكّان المتناثرين في المساحات الشّاسعة في حوض الأمازون مع ما يتضمّن ذلك من مشاكل في التّواصل. وتجاه هذا الواقع، تعاني الكنيسة من نقص في عدد كهنتها والمرسلين لديها. ويضاف على ذلك مشكلة الفقر في المصادر في الرّعايا هناك، فهي ليست قادرة وحدها على القيام بنشاط تبشيريّ ولا إعداد إكليروس ومدنيّين للمشاركة في مختلف أنشطة الكنيسة".
وفي هذا الإطار، تابع الكاردينال شيرير: "يُعقد هذا السّينودس تحت عنوان "حوض الأمازون: طرائق جديدة للكنيسة وللبيئة المتكاملة"، ويناقش المحاور التّالية: البيئة في حوض الأمازون الّتي تشكّل أساسًا للحفاظ على التّوازن المناخيّ في العالم نظرًا إلى مساحاتها الشّاسعة وغنى غاباتها ووفرة مياهها وغناها الطّبيعيّ وتنوّعها البيولوجيّ؛ الإنسان في حوض الأمازون حيث توجد مجموعات متنوّعة من الشّعوب والإثنيّات والثّقافات. فسيعالج السّينودس الحالات الإنسانيّة الموجودة وكرامة الإنسان وتطلّعات الشّعوب وتأثير المجتمع المعاصر على هذه الشّعوب؛ الكنيسة في حوض الأمازون ومهمّتها لنشر الإيمان المسيحيّ وتأمين التّعليم والرّعاية الصّحّيّة والمحافظة على ثقافات السّكّان الأصليّين في هذه المنطقة".  
واختتم الكاردينال شيرير كلمته بتسليط الضّوء على الهدف الأساسيّ للسّينودس الّذي حدّده البابا فرنسيس "بخلق طرائق جديدة لتبشير هذه الشّريحة من شعب الله، وتحديدًا السّكّان الأصليّين المنسيّين، وإيجاد حلّ للأزمة البيئيّة في غابة الأمازون الّتي تشكّل رئة مهمة جدًّا على كوكبنا. وباختصار، تتلخّص مهمّة الكنيسة بالتّبشير، لأنّ رجاء التّبشير وفرحه قادر وحده على مواجهة المشاكل الإنسانيّة والطّبيعيّة المستجدّة في حوض الأمازون انطلاقًا من إنجيل المسيح الّذي يشكّل رسالة حرّيّة وقوّة تحريريّة".  
في الختام، ألقى البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراّعي كلمة قال فيها: "باسم إخوتي السّادة المطارنة والشّخصيّات الحاضرة معنا، يسعدنا أن نقدّم لكم أحرّ التّهاني والأمنيات لنيلكم الدّكتوراه الفخريّة من جامعة الرّوح القدس- الكسليك. ونحن نفرح ونفتخر بانضمامكم إلى العائلة الأكاديميّة لهذه الجامعة الكاثوليكيّة العريقة ونهنّئ أيضًا زملاءكم. وما نيلكم لهذه الدّكتوراه، سوى علامة لانتمائكم ليس إلى عائلة هذه الجامعة العظيمة وحسب، وإنّما انتمائكم أيضًا إلى الكنيسة المارونيّة وإلى المجتمع اللّبنانيّ. فالجامعة موجودة في لبنان وهي كاثوليكيّة، ما يعني أنّها من كنيسة لبنان، لذلك أنتم عضو كريم في كنيسة لبنان. فشكرًا لكم. وبحسب توجيهات قداسة البابا فرنسيس الّذي ردّد منذ اليوم الأوّل لانتخابه أنّه على الكنيسة أن تبقى منفتحة دائمًا وهكذا هو رئيس جامعة الرّوح القدس منفتح دائمًا يحمل شباكه ويلقيها شرقًا وغربًا، فوجد سمكة كبيرة من ساو باولو".
وأضاف: "والشّكر الكبير يبقى لجامعة الرّوح القدس- الكسليك والرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة والهيئة الأكاديميّة على كلّ ما تقدّمونه، ولاسيّما اختيار أسقفنا العزيز وتقديم الدّكتوراه الفخريّة له. شكرًا على الفرح الّذي تقدّموه لنا من خلال كلّ حدث يشهده صرح الجامعة. واليوم، تجلّى هذا الفرح بمنحها الدّكتوراه الفخريّة للكاردينال أوديلو بيدرو شيرير، رئيس أساقفة ساو باولو".
واختتم: "ويبقى التّذكير بأنّ انضمامك حضرة الأسقف الكريم إلى العائلة الأكاديميّة للجامعة يعني انضمامك روحيًّا إلى الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة الّتي تنتمي إليها الجامعة. وإنّ قديسّيها نعمة الله وشربل ورفقا وأسطفان يرافقونك دومًا، فهذا معنى الدّكتوراه الّتي نلتها اليوم. وهذا فخر لنا جميعنا لأنّنا شعرنا وكأنّنا نلنا نحن أيضًا الدّكتوراه".