لبنان
16 أيلول 2018, 05:00

الرّاعي من الشّوف: إنّنا في بنيان هذا الوطن كلّ واحد منّا يشكّل حجرًا لا يمكن الاستغناء عنه

خلال زيارته إلى الشّوف، كان للبطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي محطة في منزل رئيس بلدية الباروك الفريديس إيلي نجله، بحضور فعاليّات سياسيّة، دينيّة، اجتماعيّة وحشد من أهل المنطقة.

 

وبحسب الوكالة الوطنيّة للإعلام، دعا الرّاعي إلى "تشكيل حكومة طوارىء حياديّة تجمع الشّمل"، معتبرًا أنّه "عبثًا نقول حكومة وحدة وطنيّة ونحن متنازعون، وطالما لا يوجد مصالحة في القلوب ومحبّة وثقة بل خوف كلّ واحد من الآخر، فليس من حكومة وحدة وطنيّة".

 

وألقى الرّاعي كلمة شكر فيها مستقبليه "وسط جمال الطّبيعة في هذه المنطقة، إذ عندما أدخل إلى هنا أشعر بالطّمأنينة والسّكينة والسّلام، وكلّ يوم نجدّد هذا الالتزام نحفر في قلوبنا كما في ذاكرتنا معاني النّشيد الوطنيّ لكي نعيشه بكلّ أبعاده العائليّة والاجتماعيّة والوطنيّة، ونترجمه بكلّ معانيه سياسيًّا ووطنيًّا أيضًا.

إخترت شعار شركة ومحبّة لخدمة البطريركيّة سنة 2011 شعورًا بإيمان عميق أنّ قيمة لبنان بمكوّناته المنوّعة، ما يعني أنّنا في بنيان هذا الوطن كلّ واحد منّا يشكّل حجرًا لا يمكن الاستغناء عنه، وإذا شئتم فسيفساء لا يمكن انتزاع ولو حجر صغير منها، هذا هو لبنان وأهميّته في مكوّناته المتنوّعة وتعدّديته بكلّ القوى الموجودة كبلد ديموقراطيّ وحرّيّة رأي وتعبير وتعددّية الأحزاب والطّوائف والمذاهب، وهذا غنى ثقافيّ وحضاريّ ودينيّ وقيميّ كلّها نحن بحاجة إليها في هذا الوطن الصّغير لكي نحافظ على الفسيفساء التي نكوّنها، ولا يكفي أنّ نكون حجارة لكي نبني بيتًا، وجمالها أنّها مع بعضها. أمّا حجر واحد فيفقد قيمته، لكنّ الحجر في مكانه قنطار ما يعني أنّنا نأخذ قيمتنا من الجماعة ونفقدها عندما نخرج من مسيرة الجماعة، هذه هي الشّركة، ولكنّ الحجارة بحاجة إلى اسمنت وعندنا الأسمنت هو المحبّة، فلا يمكن أنّ يبنى وطن بدون محبّة.

نحن نعيش اليوم نقصًا في المحبّة وقلّة ثقة بين بعضنا البعض، وهذا يظهر عند أوّل مناسبة وظرف، وأعتقد أنّ الأزمة في عدم تأليف الحكومة أزمة ثقة، كلّنا سيهدم كلّنا، كلّنا لا نريد أنّ نعطي، نخاف، نحن بحاجة إلى ثقة ومحبّة لكي نتعانق ونغتني من بعضنا البعض لبناء هذا الوطن الصّغير والكبير جدًا في رسالته. الجميع يعلم أنّ العالمين العربيّ والغربيّ يتطلّعان إلى لبنان ويحبّهما لأنّه وطن عجيب غريب بشعبه المنفتح والمحبّ والمضياف والطّموح الذي لا يقف أمام ضعف، بل ينطلق إلى السّمو، يعرفونه من خلال اللّبنانييّن في كلّ مكان، هم شعب خلوق يذهب إلى العلى، في كلّ أماكن الأرض يتاح لنا زيارة جالياتنا اللّبنانيّة، في كلّ المناطق الأرضيّة، ونسمع نفس الحديث من السّلطات المدنيّة أنّ اللّبنانييّن شعب خلوق جبار محبّ وصاحب ولاء.

هنا لقاء جميل لا ينسى، رائع، شكرًا لأنّكم هنا، فلنشبك أيادينا بعضنا ببعض لبناء هذا الوطن، اذ لا يجوز أن نستمر أمام هذا البنيان الذي يتهدّم شيئًا فشيئًا وهذا وصمة عار على جبيننا كلّنا في أن نرى وطننا يتداعى ويسقط، وكلّنا نقول ذلك وكلّنا نعرب أنّنا على شفير الهاوية، بالاقتصاد والمال والهجرة والتّراجع، ولكنّ الحلّ في أيدينا ولا يحقّ لنا القول أنّ السّبب هو الخارج، كلّ الحقّ على الدّاخل. فبكثير من الفّضيلة والتّجرد والتّفاني والثّقة والمحبّة يجب أنّ نعمل معًا، لأنّه اذا بقينا على هذه الحال نذهب إلى الموت.

أتجرأ القول هنا، لماذا لا نفكر بحكومة طوارئ مثلاً خارج الجميع، تبني الوحدة الدّاخليّة والمصالحة، ونحن في أرض المصالحة، كنّا نبغي أنّ تكون مصالحة الجبل على يدّ غبطة أبينا البطريرك نصرالله صفير ووليد بك جنبلاط، ونحن نبني عليها، أنّ تكون مصالحة نموذجيّة لكلّ لبنان. إنّنا نحمل هذه المسؤوليّة في المصالحة الوطنيّة كلّها. أقول نعم حكومة طوارئ حياديّة تجمع الشّمل، وعبثًا نقول حكومة وحدة وطنيّة ونحن مختلفون ومتنازعون، فحكومة وحدة وطنيّة بالإسم! يدخلون معًا ثم يقتلون التّنين في كلّ مرّة ينبغي إتّخاذ قرار ما معًا، هذا غير ممكن! حكومة وحدة وطنيّة تبدأ بالمصالحة وطالما لا يوجد مصالحة في القلوب ومحبّة وثقة، بل خوف كلّ واحد من الآخر، فليس من حكومة وحدة وطنيّة. ربما تولد الحكومة وستولد، إنّما يجب الذّهاب إلى الأساس ووضع يدنا على الجرح، إنّ جمال هذا الجمع أملى علي قول ذلك".