الرّاعي: لا بدّ من الوقوف الى جانب شعبنا في معاناته؛ فهو النّاظر الينا، الى الكنيسة ورعاتها ومؤسّساتها
اخواني السّادة المطارنة والآباء الأحبّاء
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء
1. نحن على مثال الربّ يسوع، أمضينا ثلاثة أيام كاملة في الصلاة والإصغاء لِما كان المسيح يقول لنا، من خلال المواعظ والتأمّلات التي ألقاها علينا مرشد الرياضة قدس الأب مالك ابو طانوس، الرئيس العام لجمعية المرسلين اللبنانيين. وكان موضوعها العام: "يا سمعان، "عندي ما أقوله لك". فإنّي باسمكم وباسمي أشكره على أنّه أسمعنا ما يقوله الله لنا في الكتب المقدّسة وتعليم الكنيسة والآباء القدّيسين والمفكّرين الروحيّين واللاهوتيّين. ونصلّي لكي يكافئه الله بفيض من نعمه، وينعم على الجمعيّة التي يرئسها بدوام التقدّم والنموّ الروحي.
2. "أمضى يسوع ليلته في الصلاة إلى الله" (لو6: 12-13)، استعدادًا لعملَين كبيرَين: اختيار رسله الاثنَي عشر، وشفاء الشعب من أمراضه الجسدية والنفسية بسماعه كلام الحياة. ونحن من جهتنا أمضينا ثلاثة أيام في الصلاة والتأمّل والتوبة والمصالحة مع الله والذات ومع بعضنا البعض. وكانت لنا أيام استعدادٍ لِما سنقوم به من أعمال في السينودس المقدّس، بدءًا من صباح الاثنين. إنّها أعمال نقرّرها معًا لأنّها تختصّ بكنيستنا المارونية ككلّ. نتباحث فيها ونتشاور ونقرّر، لكون البطريرك والأساقفة المجتمعين في السينودس يشكّلون السلطة الأعلى في الكنيسة البطريركية. لذا، كان من الواجب الاستعداد لهذه الأعمال في هذه الرياضة الروحية، لكي تأتي قراراتنا من وحي روح الربّ وحاجات كنيستنا ومقتضيات خلاص النفوس. وبالتالي منزّهة عن كلّ ميل أو مصلحة أو غاية شخصية.
3. ما قمنا به من رياضة روحية وأعمال مجمعية، تعملون مثله نوعًا ما في أبرشياتكم. تصلّون مع كهنتكم وشعبكم، تقيمون معهم رياضات روحية، وتتآزرون، من خلال الهيكليّات والمجالس واللّجان والمنظّمات، في الخدمة المثلّثة: التعليم والتقديس والتدبير، في الأبرشية ورعاياها والمؤسسات.
نحن ندرك أنّ المسيح، راعي الرعاة العظيم، هو الذي يأتمننا على الخدمة المثلّثة بسلطان إلهي، لكي نمارسه بشخصه وباسمه، ونجعله حاضرًا وسط الجماعة: متكلّمًا بإنجيله، ومقدِّسًا بنعمة أسراره، ومدبّرًا بمحبّته. إنّنا نلتمس كلّ حينالأمانة له ولجماعة شعب الله الموكولة إلى محبّتنا الراعوية.
4. ليست رسالتنا وخدمتنا منا ولنا، ولا هي رهن إرادتنا. بل هي منه وله وخاصّته. يسوع نفسه كان يكرّر أن رسالته هي من عند الآب، وأنّ كلامه ليس من عنده، بل من عند الآب الذي أرسله، وأن إرادته هي أن يتمّ إرادة الآب. بهذه الصفة "أخلى ذاته، وأخذ صورة الخادم، وأطاع حتى الموت على الصليب، فرفعه الآب" (راجع فيليبي 2: 7-9). "إخلاء الذات" جعله في حالة جهوزية دائمة للخدمة والعطاء، على ما يقول إنجيل اليوم: إذ كان يجول "في كلّ اليهودية واورشليم وساحل صور وصيدا، ومعه جمع غفير، أتوا ليسمعوا كلمته ويستشفوا من أوجاعهم. وكانوا يطلبون أن يلمسوه، لأنّ قوّة كانت تخرج منهم وتشفيهم جميعًا" (لو6: 17-19).
5. شعبنا الذي يعاني من أوجاع جسدية وروحيّة ومعنويّة ونفسيّة، ينظر إلينا، ينظر إلى الكنيسة، إلى رعاتها، إلى مؤسّساتها. الحاجات تتكاثر، فلا بدّ من المزيد من تضافر القوى والتعاون مع القادرين، ولا بدّ بخاصّة من الوقوف إلى جانب شعبنا في معاناته: نستمع إليه، نتضامن معه، نتفهّمه، نساعده. نحن على يقين من أنّ عناية الله ورحمته لن تغيبا، وتظهران بواسطتنا وبواسطة الخيّرين. إنّنا نحيّي الكهنة والرهبان والراهبات الذين يعيشون وسط هذا الشعب ويخدمونه. نحيّي المؤسّسات التربوية والاستشفائية والاجتماعية والإنسانية التي تحتضن الكثيرين من أبناء شعبنا بمختلف حاجاتهم. نحيّي المنظّمات الخيرية والحركات الرسولية وكلّ ذوي الإرادة الحسنة الذين يسخون في سبيل خدمة المحبة.
6. ذبيحة الإفخارستيا، وهي صلاة الشكر التي نرفعها إلى الله على نعم هذا الأسبوع، تبقى لنا مدرسة المحبة والرحمة والسخاء، ومصدرَ غذائنا الروحي وقوّتنا في خدمتنا الراعوية ورسالتنا في هذا المشرق وفي بلدان الانتشار. للثالوث المجيد، الآب والابن والروح القدس كلّ مجد وتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين.