العالم
05 كانون الأول 2021, 07:00

الرّاعي في زيارة أمل ورجاء إلى الرّعايا المارونيّة في القطاع التّركي- شمال قبرص

نورسات/ قبرص
زيارة الأمل والرّجاء وسط الآلام وجراح الحروب والتّهجير، قام بها البطريرك المارونيّ الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، على الرّعايا المارونيّة المهجرة من القطاع التركي في جزيرة قبرص برفقة لفيف من المطارنة والآباء الكهنة، والأخوات الرّاهبات، والوفد اللّبنانيّ من الرّابطة المارونيّة ورابطة قنّوبين للرّسالة والتّراث وتجمّع موارنة من أجل لبنان.

المحطّة الأولى من الزّيارة كانت في رعيّة ٱيا مارينا حيث رحّب مختار القرية باستيليس حاجي فاسيس بالبطريرك والوفد المرافق بحضور النّائب المارونيّ جون موسى وقال: "نشكر اهتمامكم ونصلّي ليوفقكم الله بجهودكم المتعلّقة بهذه القرية وبكلّ موارنة قبرص، ولتتوج مساعيكم مع قداسة البابا وسائر المرجعيّات بتسهيل عودتنا إلى قرانا وترميم بيوتنا واستئناف حياتنا الطّبيعية فيها لأنّ استمرار الوضع على ما هو عليه ينهي الوجود المارونيّ في الجزيرة العائد لألف سنة مضت."

ثم ألقى الخوري  يوسف اسكندر كلمة قال فيها: "سنة ١٩٧٤ تهدّمت هذه القرية ولكن لن نفقد الأمل بالعودة إليها مجدّدًا وهي شاهدة على تاريخ من الآلام والصّعوبات نستعيد معها ما تحمّله آباؤنا وأجدادنا في وادي قنّوبين، نطلب منكم متابعة المساعي والتّدخل ليعود أهلنا إلى هذه الأمكنة المهجورة وممارسة حرّيّة العبادة والعيش بكرامة، ٱملين التّمكّن من ترميم البيوت وإعادة الحياة إليها".

ثم كانت كلمة للمطران سليم صفير ممّا جاء فيها: "نرى في وجهكم يا صاحب الغبطة حارس الكنيسة المارونيّة والرّاعي الصّالح الذي يرى في أرض قرانا المارونيّة المقدّسة ومنها ٱيا مارينا، وننتظر بفارغ الصّبر ترميم كلّ القرى المارونيّة ومنها ٱيا مارينا منها ونرى أنّ زيارتكم هي زيارة رجاء".

ختامًا تحدث البطريرك الرّاعي قائلًا: "بالرّغم من الحزن الواضح على الوجوه والبيوت نحن أبناء الرّجاء، إنّنا نزور آيا مارينا للمرّة الثّانية وفي المرّتين عندما نرى البيوت ندمع حزنًا، إلّا أنّنا اليوم حين رأينا الكنيسة وقد رمّمتموها بإمكاني أن أعلن أنّ آيا مارينا بحالة قيامة.

إنّ أرض ٱيا مارينا هي أرض مقدّسة قدّستموها بجهود وتضحيات آبائكم وأجدادكم ومنذ سنة ١٩٧٤ قدّستموها بشهادة الألم والموت. إنّنا نتابع قضيّتكم لدى كلّ المراجع الدّوليّة وأنتم بقلبنا دومًا وبصلاتنا ومن يصبر للمنتهى يخلص."

كما تطرّق البطريرك الرّاعي إلى دور الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة منذ ١٧٣٥ في المنطقة لغاية اليوم مؤدّية مع موارنة الجزيرة شهادة الحقيقة والألم."

ثم قدّم نائب رئيس لجنة الكنيسة نينوس جوزفيديس مجسم كنيسة آيا مارينا هديّة تذكاريّة.

بعد ذلك، قدّمت في باحة الكنيسة ضيافة من انتاج القدّيسة مارينا وقدّم بعض المشاركين آغان تراثيّة.

المحطّة الثّانية في الجولة كانت في أسوماتوس حيث زار البطريرك الرّاعي كنيسة القدّيس ميخائيل وأقام فيها الصّلاة على نيّة أبنائها. وقد ألقى كاهن الرّعيّة واكيم شيحان كلمة رحّب بها بالبطريررك على أرض اسوماتوس متمنّيًا أن تعود للبلدة قلبها النّابض.

من ثم ألقى راعي أبرشيّة قبرص المارونيّة المطران سليم صفير كلمة قال فيها: "إنّها المرّة الثّانية يا صاحب الغبطة تزورونا هذه القرية اسوماتوس وأنا شخصيًّا كنت في المرّة السّابقة كاهنًا لهذه الرّعيّة والقرى المجاورة، واسمحوا لي أن أتذكّر اليوم كلمات داوود المرنّم "أنت عوني وخلاصي" وهو مزمور الرّجاء وانتظار الخلاص للقرى المارونيّة مع أب روحيّ موجود مع أبنائه، فنحن شعب يسير وينتظر العودة إلى هذه القرية كي يعيش الإفخارستيّا والقداسة في حياتنا اليوميّة كما هي عليه روحانيّة هذه الزّيارة".

مقابل ذلك، ردّ البطريرك الرّاعي بكلمة جوابيّة شاكرًا وقائلاً: "أوصيكم بأن تحتفظوا بأيّام الأعياد والمناسبات الكنسيّة بتكريم الرّبّ في هذه الكنيسة وتكريم القدّيس ميخائيل، ومن النّاحية العمليّة فإنّ وجودكم يوم الأحد في هذه الكنيسة فهذا يعني ضمنًا أنّكم تطالبون بحقّكم الأساسيّ لأنّكم إذا غبتم تكون الكنيسة فارغة وعندها سيشعر الٱخر بأنّكم تعيشون اللّامبالاة تجاه الكنيسة".

كما كانت كلمة لمختار أسوماتوس الذي أبدى تعطّشه وتعطّش أهالي البلدة للعودة إلى أسوماتوس مقدّمًا للبطريرك هديّة تذكاريّة عبارة عن مجسّم لشجرة زيتون.

أمّا المحطّة الثّالثة من زيارة البطريرك الرّاعي فكانت عند رعيّة الصّليب المقدس في كرباشا حيث أقيم لغبطته استقبال شعبيّ مهيب وسط حملة أغصان الزيتون وزينة الميلاد التي ارتدتها الطّريق المؤدّية إلى كنيسة الصّليب المقدّس. كان في استقباله والوفد المرافق كاهن الرّعيّة الأب انطوان اسكندر وجمهور من المؤمنين. 

بعد الاستقبال، دخل البطريرك الرّاعي إلى الكنيسة على وقع قرع الأجراس وإنشاد التّراتيل حيث أقام الصّلاة على نيّة أبناء الرّعيّة.

ثم كانت للمطران سليم صفير راعي أبرشيّة قبرص المارونيّة كلمة رحبّ فيها بالبطريرك الرّاعي مثنيًا على زيارته الرّعائيّة وجدّد النّداء من أجل العمل على عودة الحياة إلى كرباشا والقرى المجاورة، وقال:"إنّ هذه الضّيعة المارونيّة هي ضيعة مرتبطة بالصّليب، والصّليب محور حياتنا ولذلك نتمنّى القيامة بعد الآلام والتّهجير خصوصًا للقرى المارونيّة."

بدوره قال البطريرك الرّاعي في كلمته: "إنّ ذخيرة الصّليب هي ضمانتكم وكأنّه يسمع صوتكم دومًا، طالما أنا هنا أنتم ستعودون إلى هنا. ونحن نسعى جاهدين ونتابع مع كلّ المرجعيّات الدّوليّة ونطالبها بعودة المهجرين الموارنة إلى قراهم وتوحيد الجزيرة ليعيش الجميع فرح اللّقاء والأخوّة. إنّ تضامننا معكم هو أهمّ أهداف زيارتنا لكم."

في ختام الزّيارة، قدّم الأب أنطوان سكّر هديّة تذكاريّة عبارة عن مجسّم الصّليب.

في حين رست المحطّة الختاميّة عند كنيسة القدّيس جاورجيوس في كورماجيتي حيث أقيم للبطريرك الرّاعي استقبال شعبيّ عند مدخل البلدة ورفعت أقواس النّصر وأغصان الزّيتون وزينة الميلاد ابتهاجًا وتهليلًا.

عند وصوله إلى الكنيسة استقبله كاهنا الرّعيّة جوزيف طرطق ويوسف اسكندر، والأطفال باللّباس الفولكلوريّ الشّعبيّ وتراث البلدة احتفاء بالضّيف الكبير.

ثمّ دشّن وكرّس البطريرك الراعي الكنيسة بعد إعادة ترميمها وأقام القدّاس الإلهيّ بمشاركة لفيف من المطارنة، السّفير البابويّ في قبرص والأراضي المقدّسة المطران أدولفو ايلانا، القائم بأعمال السّفارة البابويّة في قبرص المونسنيور جورج بانمسوندل، آباء كهنة، بحضور النّائب جون موسى، أخوات الرّاهبات، فاعليّات البلدة وحشد من المؤمنين.

إستهلّ القدّاس بكلمة ألقاها المطران سليم صفير ممّا جاء فيها: "جميعهم في هذه الضّيعة يحبّونك يا صاحب الغبطة، جميعهم يريدون أن تعود البيوت والقرى، جميعهم يريدون من غبطتكم المساعدة، الكلّ يحبك".

بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك الرّاعي عظة رحّب بها بالحضور والمشاركين وقال:"في هذه الأيّام نحتفل بأعياد ليتورجيّة وكنسيّة، اللّيتورجيّة هي عيدي القدّيسة بربارة ومولد يوحنّا المعمدان، أمّا الأعياد الكنسيّة فهي زيارة البابا فرنسيس التي زرعت الرّجاء في القلوب وحمل خلالها القضيّة القبرصيّة بصلاته. ثانيًا: الزّيارة الرّعائيّة للبطريرك التي نظّمها المطران سليم صفير إلى الرّعايا القائمة في شمال قبرص، في حين أنّ العيد الثّالث هو عيد تكريس هذه الكنيسة ما يدلّ على أنّ هذه القرية تستعيد رويدًا رويدًا جمال بيوتها وأهلها مع سائر القرى المهجرة. توجد مصابيح ثلاثة على كلّ واحد منّا التّمسّك بها وهي مصباح العقل والإرادة والقلب، والمصابيح الثّلاثة يريدون زيت الإيمان، الرّجاء، والمحبّة، وبالتّالي عندما لا نتمسّك بهذه المصابيح تكون مصابيح عتمة، فعلينا أن نتقبّلها لتطوّر عقلنا وإرادتنا".

في ختام القدّاس، توجّه المطران يوسف سويف راعي أبرشيّة قبرص للموارنة سابقًا بكلمة شكر للرّبّ على عمله بهذه الكنيسة وعلى حضور البابا فرنسيس والبطريرك الرّاعي في جزيرة قبرص، وتمنّى لمطران الأبرشيّة الجديد سليم صفير خدمة ورسالة مثمرتين.

ثم تحدّث بإسهاب عن المراحل التي مرّت بها الكنيسة وصولًا إلى ترميمها مؤكّدًا أنّ الأهم كنيسة البشر.

بعد ذلك، القى أحد أعضاء لجنة الرّعيّة كلمة شكر فيها البطريرك الرّاعي على حضوره ومباركته وتكريسه كنيسة القدّيس جاورجيوس في كورماجيتي.

أمّا النّائب اللّبنانيّ المارونيّ جون موسى فقال:"نشعر بافتخار واعتزاز لأنّنا عدنا إلى هذا البيت المقدّس بعد ٣ سنوات من التّرميم، في هذا اليوم نجدّد إيماننا أمام مار جرجس. نعم إنّه المشروع العظيم تجديد الكنيسة الذي تحقق بعد كلّ الصّعوبات والجهاد بفضل أشخاص آمنوا بهذا المشروع وعملوا بجدّية حيث أخذ المطران يوسف سويف آنذاك القرار وبدأ الشّروع في تنفيذ المشروع بالتّعاون والتّعاضد مع لجنة الكنيسة وسائر الأعضاء".

أضاف: "مار جرجس هو من قاد هذا المشروع وإعادة تكريس الكنيسة بالنّسبة إلينا هو علامة إيمان وعودة إلى قرانا. كما أنّ لهذا الحدث بعد وطنيّ واسع لأنّ الكنيسة تعبّر عن جهاد تاريخيّ طويل، والموارنة باقون ولن يتخلّوا عن قراهم."

في نهاية القدّاس، قدّم المطران سليم صفير للبطريرك الرّاعي لوحة كنيسة القدّيس جاورجيوس.

كما تمّ تقديم هدايا للمطارنة المشاركين والسّفير البابويّ ولمن ساعد في انجاز هذا البيت المقدّس.

وتوّج البطريرك الرّاعي زيارته للرّعايا المارونيّة في القطاع التّركي- قبرص بزيارة مقرّ المطرانيّة في كورماجيتي والتمس أبناء الكنيسة بركته الأبويّة.