لبنان
11 أيلول 2016, 09:50

الراعي في احتفال توقيع كتاب عن البطريرك الحويك: أقوى رجالات عصره ورائد الوحدة الوطنية بفضل شخصيته المميزة وسياسته وحكمته

وقع القاضي في محكمة الروتا - الفاتيكان المونسنيور عبدو يعقوب كتابه "الياس بطرس الحويك بطريرك الموارنة بطريرك لبنان" عن دار الفارابي، خلال احتفال أقيم برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحضوره، تحضيرا للمئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير، في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني في جامعة الروح القدس - الكسليك.

حضر احتفال تقديم الكتاب وتوقيعه جمع من النواب والأساقفة والرؤساء العامين والرئيسات العامات وممثلي القيادات العسكرية والحزبية والرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي نعمة الله الهاشم والآباء المدبرين في الرهبانية وشخصيات دينية وقضائية وعسكرية واختيارية وتربوية واجتماعية.

استهل الاحتفال بكلمة للدكتورة نادين زلاقط، قالت فيها: "من منا لم يسمع بالبطريرك الياس الحويك، بطريرك الإستقلال اللبناني والفكرة اللبنانية كما بطريرك الصمود إبان الحرب والمجاعة والإضطهاد. لربما الظروف تغيرت، ولربما الأحداث تغيرت ولكن تبقى البطريركية المارونية هي هي، ويبقى البطريرك الماروني هو هو".



ثم ألقى الراعي كلمة قدم فيها الكتاب، وقال: "كتب المونسنيور عبدو في مقدمة كتابه أن فكرة إصداره أتته من المذكرة الوطنية التي أصدرتها البطريركية المارونية في عيد مار مارون 9 شباط 2014، كخريطة طريق للاحتفال بهذه المئوية. ذلك أن إعلان لبنان الكبير مرتبط عضويا بجهود البطريرك الكبير الياس بطرس الحويك، الذي يحمل لقب "أبي لبنان والاستقلال"، ولولا جهوده وجهود البطاركة الموارنة المتعاقبين، وجهود الخيرين لما كان لبنان المستقل، ولما كنا نحن اليوم هنا. وها هي البطريركية المارونية تعمل بأمانة من أجل حفظ هذا الإرث وحمايته، عملا بقول الحويك، الثابت والمتكرر: "عندما يخلص لبنان وينتصر، يخلص وينتصر المسيحي والمسلم" (ص777). على هذه العقيدة أسس البطريرك الحويك الأمة اللبنانية المميزة بالعيش المشترك والتعددية في وحدة مكوناتها الطائفية والثقافية، وبالحرية والكرامة والمساواة".

أضاف: "سمى المونسنيور عبدو كتابه "الياس بطرس الحويك، بطريرك الموارنة بطريرك لبنان"، للدلالة من جهة على أن هذا البطريرك لم يفصل يوما بين المارونية ولبنان، ومن جهة ثانية على أن الموارنة ولبنان توأمان بمفهوم الحويك الذي كان يردد أمام القريب والبعيد: "طائفتي لبنان"، وبوجه جمال باشا السفاح، عندما كان البطريرك يدافع عن غير الموارنة، والسفاح يعترض أن "هؤلاء ليسوا موارنة"، كان يجيب "أعرف ذلك، لكنهم لبنانيون جميعا" ( ص276 و277)".

وتابع: "بهذه الروح، أعلن خلفه البطريرك انطون عريضه أمام تجمع لبناني شامل في بكركي في 25 كانون الأول 1941: "إننا نعلن أن هذا الصرح ليس فقط للطائفة المارونية، ولكنه بيت جميع اللبنانيين دون تفرقة بين طائفة وطائفة" (ص 779). بفضل استمرارية البطريركية المارونية في هذه الروح وهذا النهج، كشفت هويتها عبر العصور أنها "مؤسسة لبنانية وليست فقط مؤسسة مارونية" (ص779)، ومنها كانت تخرج القرارات الوطنية المصيرية بإجماع اللبنانيين". 


وقال: "نحن بالحقيقة مع كتاب-موسوعة، غني جدا بالوقائع التاريخية المهمة للغاية من تاريخ لبنان والكنيسة المارونية والبطريركية والبطريرك الحويك. فأعتبره شخصيا كتابا لا غنى عنه وينبغي أن يكون في كل بيت لبناني وماروني على الأخص لأن "التاريخ معلم الحياة". فيه تظهر شخصية المونسنيور عبدو، رجل القانون والقاضي الذي لا يقول قولا، ولا يصدر حكما، إلا بالاستناد إلى الوقائع والبينات والمستندات والوثائق. فمنذ سنة 1975 وهو يجمع الوثائق والمخطوطات، عندما كان يعد أطروحة الدكتورا في القانون. وبعد الحصول عليها، واصل هذا الجمع، حتى أتت ساعة القرار بإصدار هذا الكتاب-الموسوعة. فيكتب في التمهيد: "لما قرأت المذكرة الوطنية غير مرة، قررت أن أنفض الغبار عن مئات المخطوطات التي تكدست في مكتبي منذ سنة 1975. فحملت قلمي وفتحت الكمبيوتر بكل حماسة فجاء نتيجة حماستي هذا الكتاب" (ص14)".

أضاف: "وضعه في أحد عشر فصلا. فكان الفصل الأول مختصرا واضحا ودقيقا عن الكنيسة المارونية، امتد "من مار مارون إلى البطريرك الياس الحويك". ابتدأت المارونية مع مار مارون، مؤسس كنيسة وشعب في أوائل القرن الخامس، واكتملت كيانيا وهيكلية مع البطريرك الأول القديس يوحنا مارون في أواخر القرن السابع. فإذا بها مؤسسة تعمل في الحقلين الروحي والمدني، والبطريركية المارونية تحمل مسؤولية شعبها دينيا وسياسيا. إنها مسيرة طويلة حافظ عليها البطاركة تباعا حتى بلغت مع البطريرك الحويك إلى إرساء أسس لبنان الحديث على فكرة العيش المشترك المنظم دستوريا لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط الغارق في أحادية النظام الديني. الجماعة المارونية تميزت بتكوين أمة حافظت على إيمانها الكاثوليكي والاستقلالية الذاتية بوجه جميع عهود الأمويين والعباسيين والمماليك والعثمانيين والبيزنطيين وحتى الصليبيين عندما كانوا يحاولون السيطرة على مقدرات الكنيسة. وهكذا كانت تجري الحياة الروحية والاجتماعية والسياسية حول الكرسي البطريركي، مرة في أعالي الجبال، ومرة في السفوح، ومرة في قعر الوديان. وتعاونت البطريركية والعائلات المارونية مع الأمير فخر الدين الثاني الكبير والأمراء المعنيين في تحقيق الوحدة الداخلية، وتحسين العلاقات السياسية والتجارية والعمرانية مع أوروبا. وتواصل التعاون مع الأمير بشير الثاني الكبير والأمراء الشهابيين. فكانت فترات أمن وسلام واستقرار. بفضل هذا التعاون وعلى الرغم من افتعال مجزرتي 1840 و1860 وفرض القائمقاميتين بنية تفتيت الوحدة اللبنانية وتفكيكها عملا بقاعدة "فرق تسد"، استطاع اللبنانيون الماسكون بزمام الأمور، التغلب على الهدف الذي وضعه الحاكم التركي أحمد باشا في شتاء 1859، إعدادا لمجزرة 1860: "يوجد مصيبتان في سوريه: الدروز والموارنة. إن أهم مصلحة للباب العالي هي القضاء على الإثنين معا" (ص 36).

وتابع: "أما الفصول العشرة الباقية، فكلها مخصصة للبطريرك الياس الحويك. فيعطي الفصل الثاني نظرة شاملة، بعنوان "حياة في خدمة الشعب والكنيسة والوطن"، كما عاشها كاهنا وأسقفا نائبا بطريركيا ثم بطريركا دامت حبريته إثنتين وثلاثين سنة. تتلمذ في الإشعاع الديني والإجتماعي والسياسي مدة سبع عشرة سنة كأمين سر لأكبر وأقوى شخصية عرفتها البطريركية المارونية هو البطريرك بولس مسعد. ثم كأسقف معاون للبطريرك يوحنا الحاج، مدة تسع سنوات انكشف خلالها أنه العقل المفكر والمخطط على المستوى الكنسي والوطني والخارجي. فأسندت إليه المهمات الخارجية، وهو الذي اقتنى المدرسة المارونية الجديدة في روما، والوكالة البطريركية في مرسيليا، وبيت الضيافة الماروني في القدس، وأبرم الإتفاقية مع الوزارة الخارجية الفرنسية بشأن البيت الفرنسي - اللبناني في باريس لمدة مئة سنة وفيه كنيسة سيدة لبنان الرعائية. وقد خصص بالتفصيل الفصل الحادي عشر لها ولسواها من المشاريع التي حققها بالإضافة إلى مزار سيدة لبنان - حريصا في بداية بطريركيته سنة 1904".

وقال الراعي: "في الفصل الثاني عينه، يبين المؤلف أولى اهتمامات البطريرك وهي: تثبيت شعبه في الإيمان بوجه الجهل والتيارت المناوئة للكنيسة كالماسونية والجمعيات السرية، والتيارات الداخلية التي كانت تمزق وحدة الموارنة؛ الإهتمام بحياة الإكليروس الروحية والمادية؛ فتح المدارس لتثقيف الشبيبة، الحد من الهجرة المارونية؛ إصلاح إدارة الكنيسة وتحقيق الوحدة والإنسجام داخل الجسم الأسقفي؛ وإنشاء ثلاث أبرشيات جديدة: صور وجبيل والقاهرة؛ الإصلاح في الرهبانيات المارونية بتعيين زوار رسوليين؛ الإصلاح على المستوى السياسي بمحاربة التيارات المناوئة للإكليروس التي كان يديرها في الخفاء المتصرف مظفر باشا، ويضغط بطريقة غير مباشرة على بعض الموارنة ليوزعوا مناشير ضد البطريركية والإكليروس. لكن هذه كلها كانت عاجزة إزاء قوة البطريرك الشعبية ومتانة علاقاته مع الدول الأجنبية".

ولفت إلى "أن الفصل الثالث يحمل عنوان "البطريرك الحويك القائد خلال الحرب العالمية الأولى". يتناول أولا نظام المتصرفية وقوامه "تمتع لبنان بحكم مستقل، تحت سلطة متصرف أي حاكم، مسيحي غير لبناني، ومعاونة مجلس إدارة منتخب يمثل الطوائف اللبنانية". توالى على فترة المتصرفية ثمانية حكام. ولما كانت مواد هذا النظام مبهمة، لعبت البطريركية المارونية دور الكافلة والحامية لاستقلالية الجبل اللبناني بفضل علاقاتها الدولية. واجه البطريرك الحويك مظالم المتصرفيين الأتراك، فكان أن اجتاح، الجيش التركي جبل لبنان في 28 تشرين الثاني 1914، وأخضعه للأحكام العرفية مدة أربع سنوات، بهدف وضع حد لسياسة البطريرك وإلغاء استقلال جبل لبنان الذي اصبح ملجأ للأحرار. ونفذ أحمد جمال باشا السفاح الأحكام العرفية وعلق المشانق. وضرب حصارا برا وبحرا فكانت المجاعة الكبرى واجتياح الجراد. ففتحت البطريركية أبوابها لإطعام الجائعين. وبصبر وحكمة وتواضع تحمل البطريرك مظالم جمال باشا من أجل حماية شعبه والإستقلالية الذاتية".

وأشار إلى أن "عندما انهارت السلطنة العثمانية في 30 تشرين الأول 1918، كان البطريرك الحويك، بفضل شخصيته المميزة وسياسته وحكمته وعمله الإنساني، أقوى رجالات عصره. فكان الشعب اللبناني وحكومات الدول الكبرى تتطلع إليه لتقرير مستقبل لبنان. أما هو فكان مصمما وساعيا بالشكل الدؤوب لتحقيق دولة لبنان المستقلة داخل حدوده الطبيعية (ص280)".

وعن الفصل الرابع من الكتاب قال الراعي: "يأتي ليعرض بالتفصيل دور البطريرك الحويك في مؤتمر الصلح في فرساي سنة 1919 وإعلان لبنان الكبير في أول أيلول 1920. فكان عليه أولا أن يسقط مشروع الملك فيصل بن حسين بن علي الهاشمي الذي أعلن ملكا على سوريا في أذار 1920، وكان يسعى إلى إنشاء مملكة عربية تشمل سوريا ولبنان وفلسطين والعراق ويعمل لهذه الغاية من خلال لبنانيين مأجورين. لكن البطريرك كان ينعم بمساندة الشعب وبسياسة الدول الكبرى التي كانت تحترم الأقليات الدينية الموجودة في المنطقة. ومع ذلك كان الإنكليز يساندون مشروع الملك فيصل، وأحيانا فرنسا نفسها إرضاء له. وكان على البطريرك الحويك أن يواجه الحركة الصهيونية التي كانت تطالب في مؤتمر فرساي بإنشاء "وطن لليهود في فلسطين"، وبجزء من لبنان يصل إلى نهر الليطاني للحصول على المياه من أجل تطوير الوضع الاقتصادي في الجليل. وكان البطريرك حريصا على أن تبقى العلاقات جيدة مع جيران لبنان، ويدعو فرنسا لمساعدته وتحقيق وحدة لبنان، وإعادة الأقضية التي سلخت عنه، والتي كان الأمير فيصل يطالب أيضا بضمها إلى إمارته. عند هذه المخاطر وخوفا من خسارة القضية اللبنانية في مؤتمر الصلح في فرساي، طلب مجلس الإدارة لجبل لبنان، الممثل بكل الطوائف، والشعب من البطريرك أن يترأس الوفد اللبناني إلى هذا المؤتمر. ففعل وقدم مذكرة تحتوي على مطالب لبنان. فانتصرت "سياسة البطريرك". وفي 31 آب 1920 أصدر الجنرال هنري غورو قرارا تنفيذيا لمرسوم رئيس الجمهورية الفرنسية، صادر في 8 تشرين الأول 1919، أعاد به جميع الأراضي التي سلخت عن لبنان. فكان إعلان دولة لبنان الكبير في أول ايلول 1920".

أضاف: "ثم كان على البطريرك أن يواجه مشكلة أخرى هي إرضاء المسلمين الذين اغتاظوا من إعلان دولة لبنان الكبير المستقل، لثلاثة أسباب: وجدوا نفسهم أقلية بعد أن كانوا الأكثرية المسلمة الحاكمة في السلطنة العثمانية، رغبوا في الانضمام إلى سوريا الكبرى برئاسة الأمير فيصل بن الحسين ورفضوا الانتداب الفرنسي لكونه حكم دولة أوروبية أجنبية".

وتابع: "تتناول الفصول المتبقية شخصية البطريرك الحويك ونشاطاته والمؤسسات التي أنشأها فيتكلم الفصل الخامس عن المدرسة المارونية في روما: الأولى التي ترقى إلى سنة 1684. فأسهب المؤلف في الكلام عن مشاهيرها، وتأثيرها في أوروبا والشرق، وعلاقتها بالرهبنة اليسوعية والثانية الحديثة والحالية على تأسيسها وتنظيمها الإداري والروحي". 


وأردف: "وأظهر في الفصل السادس، علاقة البطريرك الحويك بالبابا لاوون الثالث عشر، وتأثير هذا البابا، المحب للكنائس الشرقية وللكنيسة عامة ولوحدة المسيحيين، على شخصية البطريرك وروحانيته ولاهوته الراعوي. من أشهر رسائل البابا لاوون: "كرامة الكنائس الشرقية "Orientalium dignitas" (1894) الداعية إلى حماية الكنائس الشرقية واحترامها، و"القضايا الجديدة Rerum Novarum". وهي أول رسالة اجتماعية استحقت له لقب "بابا العمال". أما الفصل السابع فخصصه المؤلف "للبطريرك الحويك مؤسس جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات". وقد شاءها جمعية وطنية تقوم بتربية النشء على سنن الديانة المسيحية ومبادئ الفضيلة التي تبني وتحفظ العيال، وتصون الحياة الاجتماعية من الفساد" (ص623)".

وأشار إلى أن "الفصل الثامن يتناول علاقة البطريرك الحويك بالرهبانيات اللبنانية. فكان همه إصلاحها من الداخل لأن منه إصلاح الكنيسة. وبضوء الزيارة الرسولية التي عينت، وجه البطريرك منشورين تفصيليين الأول خاصا بالرهبانية الأنطونية تاريخ 12 تشرين الأول 1901، والثاني بالرهبانيات الثلاث معا في 20 تشرين الأول 1904. وخصص الفصل التاسع بالشأن اللاهوتي وهو بعنوان "البطريرك الحويك والتربية على الأسرار"، لا سيما سري التوبة والإفخارستيا، فسر الكهنوت والتنشئة الكهنوتية، ويتناول واجب التعليم المسيحي والصلاة كأولى واجبات الكاهن. تظهر في هذا الفصل روحانية البطريرك الحويك وقداسة حياته. وتبين أنه كان يغرف من هذا المعين الروحي للقيام بواجباته ككاهن وأسقف وبطريرك، كما رأينا. وعلى هذا الأساس قدمت جمعية راهباته وأبرشية البترون دعوى تطويبه السالكة طريقها حاليا لدى مجمع القديسين في روما. ونحن نصلي إلى الله كي يظهر قداسته، فترفعه الكنيسة على مذابحها".

وأنهى الراعي العرض بالفصل العاشر بعنوان: "البطريرك الحويك والمهاجرون اللبنانيون"، لافتا إلى أنه "يتناول عناية البطريرك بالمهاجرين اللبنانيين في فرنسا ومصر والأراضي المقدسة وقبرص وأميركا، بإيجاد كنائس وإرسال كهنة ورهبان للاهتمام بهم راعويا، وبتوجيه رسائل راعوية لهم".

وقال في ختام هذا العرض لكتاب ينطوي على 807 صفحات: "أكتفي باثنتين مما يقوله البطريرك الحويك لنا اليوم نحن اللبنانيين، أقتبسهما من الفصل الرابع الخاص بنضاله حتى إعلان دولة لبنان الكبير: أولا": لقد نسينا أننا كيان واحد متنوع، وبات كل مكون يبحث عن إمتيازات ومكاسب فيقول لنا: "لم أطلب قط إمتيازات للجماعة المارونية، ولم أسع لتأمين حقوق للموارنة تميزهم عن بقية أبنائي اللبنانيين. هدفي الأعلى ورغبتي الحارة أن أرى الإتحاد بينكم وتوجيه طاقات الجميع من أجل بناء وطننا العزيز لبنان. فليبارك الله كل الذين يريدون خير لبنان إلى أية طائفة انتموا" (ص 390). هذا هو أساس الميثاق الوطني وصيغة العيش المشترك. إن لقب "بطريرك لبنان" في عنوان هذا الكتاب كتبه هو نفسه إلى الوزارة الخارجية الفرنسية، احتجاجا على موقف الجنرال سراي: "أنا بطريرك ماروني. أنا بطريرك لبنان. لقد نذرت حياتي من أجل القضية اللبنانية التي أعتبرها قضية مقدسة" (ص390) وثانيا: في زمن الإنقسام والإنشطار في العائلة اللبنانية الذي يعطل مؤسساتنا الدستورية بدءا من الفراغ الرئاسي منذ سنتين وأكثر من ثلاثة أشهر، وصولا إلى شلل المجلس النيابي ومجلس الوزراء، والعجز عن إجراء التعيينات، واتخاذ أبسط القرارات الإجرائية، يقول لنا البطريرك الحويك، رائد الوحدة الوطنية: إن "الخلاف بين الطوائف يهدد وجود لبنان". وفي إحدى خطبه قال: "بالنسبة إلي، لا يوجد في لبنان طوائف، بل طائفة واحدة اسمها الطائفة اللبنانية، ولا أفتش إلا عن مصلحة لبنان. وإنني مستعد أن أتحمل كل التضحيات لتحقيق هذا الهدف. لبنانيون نحن، ولبنانيين سنبقى" (ص390)"، وعلى هاتين الركيزتين يستند عمل البطريركية المارونية الوطني إلى يومنا. وهي تواصله بصبر وثبات مع كل ذوي الإرادة الحسنة. نداؤنا اليوم إلى أمثال هؤلاء، من أجل إنقاذ هذا الوطن المميز".

وختم متوجها إلى يعقوب: "باسم هذا الجمهور وباسم كل من سيقرأ كتابك - الموسوعة المارونية - اللبنانية - البطريركية، أقول لك من صميم القلب شكرا، وأعرب عن كبير إعجابي بهذا الإنتاج التاريخي والثقافي الكبير. فأتمنى أوسع انتشار لكتابك. وكونه يتعلق بسلف عظيم من أسلافي الكبار، أرى من واجبي أن يكون تعبيري عن هذا التقدير منحك رتبة خوراسقف في كنيستنا المارونية، بالإضافة إلى رتبة مونسنيور التي تتقلدها بحكم كونك قاضيا في محكمة الروتا الرومانية. كافأك الله بفيض من نعمه وبركاته".


وفي ختام الاحتفال وقبل أن يوقع كتابه للحاضرين ألقى يعقوب كلمة شكر فيها للراعي رعايته احتفال التوقيع والتقديم للكتاب والحاضرين. وعرض لمسيرة وأعمال البطريرك الحويك، مؤكدا أن "الأمة اللبنانية هي ولادة الجغرافيا والتاريخ وجذورها متأصلة في التاريخ وهي ليست هبة من أحد. ولبنان بلد صغير بمساحته وكبير برسالته الحضارية والإنسانية. إنه يحمل الخطر الأبدي. فيجب إحياء وإبقاء لبنان سيدا حرا ومستقلا..."
واعتبر أن "لبنان كيان ثابت في منطقة الشرق الأوسط، بفضل البطريرك الكبير الحويك الذي وضع أسسه الصلبة على التاريخ والجغرافيا"، داعيا إلى "المحافظة على الكيان اللبناني الأثبت والأقوى رغم كل المخاطر المحدقة به".

وشدد على "مدرسة البطريرك الكبير الحويك أي الانتقال من الطائفية إلى اللبننة، وإذا خلصنا لبنان يخلص المسيحيون والمسلمون معا، وإذا انتصر لبنان ينتصر جميع أبنائه".