لبنان
15 كانون الأول 2021, 14:00

الرّاعي دشّن كنيسة مار نعمة الله - دير سيّدة طاميش

تيلي لوميار/ نورسات
دشّن البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي مساء الثّلاثاء 14 كانون الأوّل/ ديسمبر 2021، كنيسة مار نعمة الله (الحرديني) في جوار دير سيّدة طاميش، بحضور النّائب البطريركيّ على نيابة صربا المطران بولس روحانا وقدس الأباتي نعمة الله الهاشم رئيس عام الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة، والآباء المدبّرين وحشد من الكهنة والرّهبان والرّاهبات والمؤمنين من أبناء الرّعيّة الجديدة.

إستُهلّ القدّاس برتبة تكريس وتبريك الكنيسة، ثم ألقى المطران بولس روحانا كلمة رحّب في خلالها بالبطريرك، شاكرًا حضوره، ومُنوّهًا بالجهود الكبيرة الذي قامت بها الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة في وقت قياسيّ لبناء الكنيسة، بعد أن أعطى البطريرك موافقته على إنشاء رعيّة تحمل إسم القدّيس نعمة الله، عام ٢٠١٧.

بعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى البطريرك عظة تحت عنوان: "إبن الله أُرسل لخلاص البشريّة، ولا سلطة ولا قوّة شريرة تقوى عليه لأنّه هو والكنيسة واحد"، وجاء فيها :

"يسعدنا نحن اليوم إذ نحتفل بتكريس هذه الكنيسة الرّعائيّة على اسم القدّيس نعمة الله أن يكون احتفالنا إعلانًا لإيماننا، إيمان بطرس الذي تعوّدنا عليه وتربّينا عليه، "إيماني إيمان بطرس، وإيمان بطرس إيماني".

الكنيسة المشبّهة ببيت حجر، هي في الحقيقة وفي الأساس هيكل روحيّ، فبطرس الرّسول يقول "أنتم حجارة هيكل الرّبّ" وكلّ مرّة تدخلون هذا الهيكل المقدّس وترون جماله وترون هذه الحجارة، تذكّروا أنّ كلّ واحد وواحدة منكم هو حجر في هذا البناء الذي هو الكنيسة التي نقول كلّنا أنّها جميلة، آية في الجمال، ولكن ينبغي أن تكون الكنيسة هي الجماعة والرّعيّة والهيكل الشّخصيّ. الكنيسة ليست فقط كنيسة حجريّة، أجل هذا بيت جميل لله، هنا الرّبّ حاضر في كلامه وفي الذّبيحة الإلهيّة لخلاصنا، هنا نتناول جسده، هنا نعيش الأخوّة ونبنبي الجماعة المؤمنة، هذا كلّه صحيح، ولكن ينبغي أن نكون نحن كجماعة كنسيّة موحّدة بالمحبّة والحقيقة والتّضامن والشّركة والتّفاهم وإلّا  تفقد الكنيسة الحجريّة جمالها."

وأضاف: "نأتي إلى الكنيسة لكي نلتقي المسيح الذي يجعلنا كنيسة، نحن جسده السّرّيّ، نحن هيكله، نحن كنيسة مصغّرة، الكنيسة مصغّرة في كلّ واحد منّا، وفي الجماعة الرّعويّة، وفي الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة التي شاءت وبنت هذه الكنيسة فوق القاعة التي أرادها على اسم مار نعمة الله ، المثلّث الرّحمة سليل الرّهبانيّة المطران يوسف محفوظ الذي نذكره اليوم معنا في الصّلاة.

نعم الرّهبانيّة هي كنيسة مصغّرة، وفي الواقع فيها القدّيسون، القدّيس نعمة الله، القدّيس شربل، القدّيسة رفقا، الطّوباويّ الأخ اسطفان، والعديد من الأبرار الذين عاشوا معنى الرّهبانيّة، عاشوا الكنيسة، وجعلوا نفوسهم هيكلاً لله، وأعلنوا سرّ المسيح في حياتهم، ونحن إذ نحتفل اليوم بتكريس هذه الكنيسة على اسم مار نعمة الله، نلتزم مثله بعيش هذا الإيمان بكل أبعاده.

أودّ أن أحيي أخي سيادة المطران بولس روحانا النّائب البطريركيّ العام في منطقة صربا الذي شاء أن ينشىء هذه  الرّعيّة وأن تكون على اسم مار نعمة الله، إنّها مبادرة جميلة للغاية لأنّها كنيسة مؤسّسة على إيمان راسخ. تعالوا نتطلّع إلى القدّيس نعمة الله الذي علّم سرّ المسيح كأستاذ لاهوتيّ، ومن تلاميذه القدّيس شربل، نحن نقول إنّه علّم اللّاهوت حياة، علّم اللاهوت ليس فقط تعليمًا أكاديميُّا، بل علّم اللّاهوت بحياته وبمثله، وصحيح عندما نقول إنّه علّم القدّيس شربل كيف يكون قدّيسًا، وقد عاش ملىء هذا الإيمان الذي أعلنه القدّيس بطرس في قيصرية فيليبس.

نحن نسأل اليوم من الله أبينا نعمة الإيمان، إيمان بطرس في المسيح الذي هو وحده مخلّصنا، وهو وحده سيّدنا، وهو حده يوحّدنا، وهو وحده يهدينا إلى الحقيقة والنّعمة.

أنا أهنّىء هذه الرّعيّة الجديدة، أهنئكم لأنّ هذه الرّعيّة تحمل اسم مار نعمة الله، وهذا شيء جميل ونعمة خاصّة، فليبارك القدّيس نعمة الله عائلاتكم وليعطينا النّعمة لكي نقتدي بمثله، هو الذي عرف أن يجمع بين الفضيلة والعلم، بين الوظيفة والخدمة، وتعرفون أنّه في الرّهبانيّة ترقّى إلى درجات وانتُخب مدبّرًا عامًا للرّهبانيّة، وهو معلّم عاش الإيمان العميق والتّواضع، وأمامه وجه المسيح، فما أجمل هذا الرّسم الذي يصوّره يبحث عن وجه المسيح وحده.

يا مار نعمة الله، في يوم تكريس هذه الكنيسة الرّعائيّة على اسمك، نسألك أن تعلّمنا أنت المعلّم كيف نبحث مثلك عن المسيح في أعماق قلوبنا، وكيف نشهد له في أعمالنا، وأن نجمع بين الفضيلة والمعرفة، الفضيلة والعلم، لكن علّمنا يا مار نعمة الله أن نبحث عن المسيح ساجدين وعيوننا إلى فوق، هكذا علّمت مار شربل وسواه من الرّهبان الذين عاشوا في هذا الاشعاع المسيحيّ."

وإختتم البطريرك الرّاعي عظته بالقول: "يا ربّنا يسوع المسيح أعطنا النّعمة لكي نعلن مثل سمعان بطرس أنك أنت المسيح المنتظر والمرسل، أنت ابن الله الحيّ، لك المجد والشّكر مع أبيك وروحد القدّوس إلى الأبد، آمين."

وفي ختام الذّبيحة الإلهيّة ألقى الأباتي نعمة الله الهاشم كلمة أعرب فيها عن شكره البطريرك على إعطاء الإذن بتأسيس هذه الرّعيّة الجديدة، وعلى قدومه لتكريس الكنيسة، واستذكر مراحل تأسيس وبناء كنيسة مار نعمة الله شاكراً كلّ من ساهم بإنجازها وبخلق رعيّة جديدة تقتدي بالقدّيس نعمة الله الحرديني".

بعد القدّاس إلتقى البطريرك الرّاعي المؤمنين ثم أباء الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة في دير طاميش حيث ردّ على كلمة الأباتي نعمة الله الهاشم التي جدّد فيها الشّكر للبطريرك على رعايته وحضوره وبركته لإنشاء الرّعيّة الجديدة، وقال: "تحيّة تقدير كبيرة لكلّ الحاضرين من الرّهبان، ولقدس الأباتي نعمة الله الهاشم. أنتم تعلمون أنّني دائمًا ألبّي بفرح كلّ دعوة من قبلكم، لأنّني أعود بها إلى الأصالة وأعيش الفرح، خاصّة وأنّ الرّهبانيّة اللّبنانيّة هي الرّهبانيّة التي تعيش النّموّ الرّوحيّ والقداسة، والنّمو بالمؤسّسات والأديار، وأشعر وأرى الخير فيها، وكيف أنّ نعمة ربّنا تعمل من خلالكم وبكم. اليوم نكرّس معكم ومع سيادة المطران بولس روحانا كنيسة مار نعمة الله، ونقدّم لكم التّهاني في عيدكم ولكلّ من يحمل اسم نعمة الله، لسنين عديدة تكون فيها نعمة الله دائمًا مباركة لهذه الرّهبانيّة التي يُشكّل قدّيسوها علامة كبيرة لنعمة الله عليها، وهذه مناسبة كي نحيّي النّشىء الرّهبانيّ والمبتدئين، ونسأل الله أن يديم بركته على الرّهبانيّة كي تكون في خدمة الكنيسة أينما كان. أنا سعيد اليوم أيضًا بوجود الرّئيسة العامّة للرّاهبات اللّبنانيّات المارونيّات أوغيت مخايل، وأتمنّى لهن النّموّ المستمرّ، وأن تجتذب القدّيسة رفقا التي خرجت من صفوفهن، دعوات مقدّسة. في هذه المناسبة أودّ أن أعبّر لسيادة المطران بولس روحانا عن كلّ محبتّي وشكري، وأتمنّى أن يأخذ الله بيدك لخدمة نيابة صربا، كما أسأل الله أن ينمّي الرّهبنة بإستمرار في القداسة والنّعمة والعلم والانتشار، على أمل أن نقوم دائمًا بتدشين كنائس وأديار، وأن تحصل بشفاعة قدّيسي لبنان أعجوبة، لأنّنا لم نعد نقدر على الاستمرار هكذا، فأنا أصلّي لقدّيسي لبنان يوميًّا وأقول لهم، هذا وطنكم وهذه أرضكم، وبالطّبع لن تسمحوا بزوالها، لكنّنا لم نعد نستطيع التّحمّل، وشعب لبنان يهجر هذه الأرض المقدّسة، ولبنان لا يمكنه أن يستمرّ من دون هذا الحضور الاشعاعيّ المسيحيّ. ضمانتنا هي قدّيسي لبنان، وأسأل الله أن يبارك لبنان، ويبارك رهبانيّتكم وعملكم، وتحيّة كبيرة إلى رئيس الدّير وجمهوره، وأسأل الله أن يبقى هذا الدّير مشعًّا بحضوره وجمهوره، عاشت الرّهبانيّة، عاشت الكنيسة، وعاش لبنان."